المصدر / وكالات
من المنتظر أن يُنشر الأربعاء تقرير لجنة التحقيق حول الدور البريطاني المثير للجدل خلال غزو العراق عام 2003 ومن المتوقع أن يوجه انتقادات قاسية إلى رئيس الوزراء الأسبق توني بلير.
وهذا التقرير الذي بدأ عام 2009 شكل في حد ذاته موضع جدل على مر السنين، ودفع إرجاؤه عائلات الجنود الذين قتلوا في العراق إلى توجيه إنذار للسلطات تحت طائلة الملاحقات القضائية.
وكان مقرراً في بادئ الأمر أن تقدم "لجنة شيلكوت" البريطانية التي سميت على اسم رئيسها جون شيلكوت، استنتاجاتها خلال مهلة عام واحد، لكن العمل على إعداد هذا التقرير استمر طويلا، رغم وفاة أحد أعضاء اللجنة الخمسة، وبلغت كلفته 10 ملايين جنيه إسترليني.
والتقرير المؤلف من 2,6 مليون كلمة يفترض أن يركز على الظروف المثيرة للجدل التي أحاطت بدخول بريطانيا الحرب في العراق بقرار من توني بلير عام 2003.
وبلير الذي ترأس الحكومة البريطانية بين عامي 1997 و2007 متهم بتضليل الشعب البريطاني من خلال حديثه قبل الحرب عن وجود أسلحة دمار شامل في العراق، وهو ما لم يتم اثباته أبدا.
وشارك في الحرب على العراق نحو 45 ألف جندي بريطاني بين عامي 2003 و2009، لقي 179 منهم حتفهم.
وخلص التقرير الرسمي الأول الذي نشر في عام 2004 إلى أن توني بلير بالغ عندما تحدّث أمام البرلمان عن الخطر الذي يشكله الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين، رغم أن كاتب التقرير روبن باتلر أوضح أن رئيس الوزراء السابق كان "يصدق حقا" ما قاله في ذلك الوقت.
وعبّر بلير مرارا عن أسفه للخسائر في الأرواح، لكنه لم يأسف للإطاحة بصدام حسين.
تجدر الإشارة إلى أن لجنة "شيلكوت" لا تهدف إلى تحديد ما إذا كان غزو العراق قانونيا أم لا.
لكن تقرير اللجنة يتوقع أن يشكل مصدر إزعاج لتوني بلير في وقت يعتزم عدد من النواب، بدء بأليكس سالموند من الحزب الوطني الإسكتلندي، اغتنام الفرصة من أجل إطلاق عملية "مساءلة" قد تكون نتيجتها المحتملة قرارا بتجريد بلير من لقب رئيس الوزراء.
وعملية المساءلة هذه المستندة إلى قانون استخدم للمرة الأخيرة عام 1806 وتعتبر إجراء عفا عليه الزمن، هي رمزية في الأساس ولكنها ستنال من سمعة بلير.
وقد تشكل المعدات العسكرية غير الكافية التي كانت في حوزة القوات البريطانية، فرصة ثانية بالنسبة إلى معارضي بلير من أجل شنّ هجوم ضده، ويتعلق الأمر تحديداً باستخدام آليات "لاند روفر" مدرّعة تعتبر إلى حدّ كبير غير قادرة على مقاومة العبوات الناسفة، ويصفها الجنود بأنها "نعوش على عجلات".
وقال محامو عائلات 29 جنديا بريطانيا قتلوا في العراق أنهم سيدققون في تقرير شيلكوت.
وأفاد مكتب ماك كيو وشركائه بأن التقرير يمكن أن يشكل أساسا من أجل اتخاذ إجراءات قانونية ضد بلير ووزرائه أو الحكومة بشكل عام.
وكان بلير واحدا من أكثر من 120 شاهدا استمعت لجنة "شيلكوت" إلى أقوالهم، علما أنها استمعت أيضا إلى خليفته غوردن براون وإلى وزراء وقادة في الجيش.
جدير بالذكر أن التأخير في نشر هذا التقرير يعود أساسا إلى الحق بالإجابة الذي منح إلى جميع الأشخاص الذين تم انتقادهم أو كانوا موضع شك، كما تعثر نشر التقرير أيضا بسبب وثائق سرية، رفعت عنها السرية فيما بعد، بما فيها محادثات بين بلير والرئيس الأميركي جورج بوش الابن.
إلى ذلك يعتبر مايكل مانسفيلد، وهو محام حاول إقناع المحكمة الجنائية الدولية ببدء إجراءات بتهمة ارتكاب جرائم حرب في العراق، يَعتبر أن تداعيات مشاركة بريطانيا في حرب العراق يمكن لمسها أيضا في قرار التصويت لصالح خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.
وقال مانسفيلد "لم يعد الناس يحتملون، حتى إنهم ما عادوا يستمعون إلى ما يقوله السياسيون"، مضيفا "أعتقد أن بلير مسؤول عن ذلك جزئيا".