المصدر / موناليزا فريحة
في بداية حملة "العزم الصلب" الذي اطلقته واشنطن ضد "الدولة الاسلامية" في سوريا والعراق، شاركت السعودية والامارات اللتان تملكان القوتين الجويتين الكبريين والافضل تجهيزاً في المنطقة، بكثافة في الغارات الجوية، فيما قدّم البحرينيون والقطريون والكويتيون دعماً لوجيستيا. في حينه، حققت المشاركة العربية الاولى نتائج ايجابية، وتحديداً ابان حصار "داعش" مدينة كوباني في خريف وشتاء 2014. ودكت المقاتلات السعودية والاماراتية مواقع "الدولة الاسلامية" بقوة ووفرت غطاء جوياً لـ"وحدات حماية الشعب" الكردية التي نجحت في فك الحصار ودحر "داعش".
لكنّ المشاركة العربية في "العزم الصلب" التي أضفت ثقلاً عربياً عموماً وسنّياً خصوصاً على ائتلاف دولي يحارب التنظيم الاسلامي المتطرف، سرعان ما فقدت العزم والصلابة. وبعد شهرين من انطلاقها، تراجعت الغارات ولم تعد السعودية والامارات تشاركان الا بالحد الادنى، وصولاً الى انقطاعهما نهائياً.
في البداية، أثار أسر الطيار الاردني معاذ الكساسبة وحرقه حيّاً استياء الدول العربية، وتحدثت تقارير عن انسحاب الامارات من التحالف خوفاً على سلامة طياريها. وثمة من لمّح الى مطالبة أعضاء الائتلاف واشنطن بتحسين جهود البحث والإنقاذ منعاً لتكرار حادث الطيار الاردني. ومع ذلك، كان واضحاً أن اطلاق السعودية في آذار الماضي "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين في اليمن هو السبب الرئيسي لتراجع الزخم العربي. فعلى رغم الخطر الذي يمثله "داعش" لدول الخليج، فهو لا يرتقي الى مستوى التهديد العسكري المباشر الذي يشكله الحوثيون المدعومون مباشرة من ايران.
اعادة ترتيب الاولويات أدت الى تراجع التركيز على "داعش" وأربكت "الاستراتيجية" الاميركية الرامية الى اضعاف تنظيم ازداد تحصّناً في العراق وسوريا، واتسع خطره الى جهات العالم الاربع، فيما زادت طهران نفوذها السياسي والعسكري في كل من البلدين.
ولعل الهجمات الاخيرة التي شهدتها باريس وسان برناردينو والخطاب المعادي للاسلام التي أثارته، زادت الضغط على الدول الاسلامية للتحرك في مواجهة "داعش". ومن هذا المنطلق، يندرج اعلان الرياض عن تحالف إسلامي عسكري من 34 دولة "يتصدى لأي منظمة إرهابية وينسق مع الدول الكبرى والمنظمات الدولية"، في سياق هذا المناخ الدولي، ويوحي بدينامية جديدة ضد التنظيم يعيد اليها زخم الايام الاولى عندما اعتُبرت بداية نهاية هذا الاثم. ومع ذلك، يصعب الاعتقاد أن تعبئة الرياض لتحالف عسكري ضد "داعش" تعني بأي شكل من الاشكال أنها تراجعت عن موقفها من حيث وجوب رحيل الاسد، وأن بقاءه لن يؤدي إلاّ الى تعزيز "داعش".
*نقلاً عن "النهار" اللبنانية