المصدر / وكالات
أعلن الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرج، الجمعة الماضي عن وصول طلب رسمي من رئيس حكومة الوفاق فايز السراج للاستعانة بخبرته على الصعيدين الدفاعي والأمني، موضحاً أن طلب السراج يلتمس فيه نصائح الحلف وخبرته على صعيد بناء المؤسسات الدفاعية والأمنية، دون أن يحدد موعدا لمناقشة هذا الطلب بالرغم من إعلانه سابقا عدة مرات عن استعداده لقبول طلب رسمي من حكومة الوفاق لمساعدتها في بناء قدراتها الدفاعية والأمنية.
ويرى مراقبون أن الحلف لن يكون قادرا هذه الفترة على بلورة رؤية وقرار تجاه حكومة الوفاق بطرابلس استنادا الى مواقفه السابقة الداعمة للحكومة، خصوصا بعد تراجع مواقف كثير من دول الحلف البارزة إزاء حكومة الوفاق تماهيا مع تصاعد الدعوات التي تطالب بضرورة إشراك قائد قوات الجيش الوطني المشير خليفة حفتر في أي تسوية سياسية قادمة، وهي دعوات ولا شك اصطدمت مؤخرا برفض "المشير حفتر" لقاء "السراج" نهاية الأسبوع الماضي بالقاهرة.
وفي ظل المواقف المرتبكة يبدو أن قرار الحلف تجاه الاستجابة لطلب حكومة السراج سينتظر طويلا حتى يتضح الموقف الأميركي الجديد في ظل إدارة ترمب وسط تسريبات متلاحقة عن إمكانية دعم الإدارة الأميركية الجديدة لقوات الجيش وتحول موقفها السابق الداعم للاتفاق السياسي ومخرجاته ومنها حكومة الوفاق .
وسعت قيادة الاتحاد الأوروبي من خلالها مفوضة الاتحاد الأوروبي السامية للسياسة الخارجية، فيديريكا موغيريني ودول بارزة فيها الحلف كإيطاليا إلى بدء اتصالات كثيفة من خلال زيارات لواشنطن ولقاء مسؤولين أميركيين في عواصم كبرى آخرها "مؤتمر الأمن" في ألمانيا من أجل التعرف للموقف الأميركي الجديد إزاء قضايا مرتبطة بالشرق الأوسط وتحديدا الدول التي تعيش فوضى عامة كليبيا، لكن الموقف الأميركي لا يبدو عليه الوضوح حتى الآن، وسط ترقب كبير لما ستسفر عنه زيارة الرئيس ترمب يوم 25 من مايو المقبل لمقر الحلف حيث من المقرر أن يفتتح مقرا جديدا للحلف في بروكسل.
ويرى خبراء أن أي قرار للحلف الآن سيصطدم بإشكالية انقسام المؤسسة العسكرية في ليبيا، سيما بعد تزايد قوة الجيش الوطني بقيادة المشير حفتر وسيطرته على أجزاء واسعة من البلاد والذي بات يحظى برضا أطراف دولية فاعلة مثل فرنسا وروسيا، كما أن المجموعات المسلحة القريبة من حكومة الوفاق لا يبدو أن "السراج" يسيطر عليها بشكل فعلي خصوصا بعد أن أعلن اغلبها عن ولائه الأسبوع قبل الماضي لجسم عسكري جديد تحت مسمى "الحرس الوطني" يتبع حكومة الإنقاذ المنبثقة عن المؤتمر والتي تنازع حكومة الوفاق في السيطرة على طرابلس .
الموقف الروسي
وأبرز التحديات الجديدة التي يواجهها الحلف هو الاقتراب الحثيث بين دولة روسيا وقائد الجيش المشير حفتر، حيث شهدت بون يوم أمس لقاءات ومشاورات كثيفة بين مسؤولي دول بريطانيا وإيطاليا مع وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف لتبين الموقف الروسي تجاه ليبيا، لكن فشلا في هذه الاتصالات أبرزتها تصريحات وزير الخارجية البريطاني عندما حذر، في تصريح صحفي يوم أمس، روسيا "من أي دور يمكنه أن يفشل مساعي الحلف في ليبيا " .
ورغم إعلان مستشار السياسة الخارجية الأميركية وليد فارس، في تصريح لوكالة سبوتنيك الروسية أول من أمس ، أن "إدارة الرئيس دونالد ترمب ستدعم الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر ومجلس النواب" لافتا الى أن الإدارة الجديدة ستغير من موقفها السابق الداعم لحكومة الوفاق في عهد الرئيس "أوباما" معللا الموقف الجديد بالقول إن "إدارة ترمب تسعى لعدم سقوط البلاد من جديد تحت سلطة و نفوذ هذه الميليشيات الإرهابية أو المسلحة بشكل عام ولا تريد أن تنقسم إلى مناطق نفوذ ولكن تريد أن تكون في ليبيا هيئة منتخبة تمثل الشعب الليبي" إلا أن الموقف الروسي لا يزال يمسك بكافة الخيوط من خلال اتصالاته المستمرة مع كل الأطراف وإعلانه دعم الاتفاق السياسي.
وتجاه المواقف العالمية المرتبكة يمكن التكهن بأن كل السيناريوهات مفتوحة في الملف الليبي، ومنها وجود تسوية واتفاقات بشأن مصالح الدول الكبرى في ليبيا ويترتب عليها تسوية سياسية ليبية داخلية، ويضاف إليها إمكانية استمرار سيناريو دعم الأطراف المسلحة الليبية واستمرار حالة الصراع العسكري في البلاد، لكنها هذه السيناريوهات وغيرها سوف تستند إلى الموقف الأميركي الجديد الذي سيرسم المواقف العالمية الجديدة في الشرق الأوسط ومن بينها ليبيا.