المصدر / وكالات - هيا
مطلع تشرين الثاني/نوفمبر 1894، فارق القيصر الروسي، ألكسندر الثالث (Alexander III)، الحياة عن عمر يناهز 49 سنة بعد صراع مرير مع المرض.
وبحسب العديد من المصادر، لفظ الإمبراطور الروسي، الذي عانى من التهاب كلوي، أنفاسه الأخيرة بين يدي زوجته ماريا فيودوروفنا (Maria Feodorovna) وبحضور أحد أطبائه لتؤول على إثر ذلك مهمة إدارة شؤون إحدى أكبر الإمبراطوريات بالعالم لابنه نيقولا الثاني (Nicholas II) البالغ من العمر 26 سنة حينها.
وفي 26 أيار/مايو (14 أيار/مايو حسب التقويم القديم المعتمد بروسيا حينها) 1896، احتضنت كاتدرائية أوسبنسكي (Uspensky)، الموجودة ضمن الكرملين بموسكو، مراسم تتويج نيقولا الثاني وزوجته ألكسندرا، التي حضرتها عدد من الشخصيات البارزة. ووفق مصادر عدة في تلك الفترة، بدأت الاستعدادات والاحتفالات التمهيدية التي سبقت التتويج منذ 9 أيار/مايو من نفس السنة، فتزامنت مع يوم دخول الزوجين الإمبراطوريين إلى موسكو لتستمر بذلك لأسابيع.
ولتكريم الرعايا الروس والاحتفال معهم بتتويج نيقولا الثاني، أقامت السلطات الروسية في 30 أيار/مايو 1896، أي بعد 4 أيام فقط من التتويج، مأدبة طعام مفتوحة للعموم بساحة خودينكا (Khodynka)، استدعي إليها الجميع، تضمنت 150 طاولة بوفيه كبيرة الحجم ونحو 20 حانة صغيرة لتوزيع المشروبات الكحولية على الحاضرين.
وليلة الاحتفال الكبير، انتشرت بين أهالي موسكو إشاعات حول وجود مكافآت قيّمة للحاضرين، فتهافتت الجموع الغفيرة على الساحة منذ ساعات الليل للحصول على الهدايا التي كانت في حقيقة الأمر عبارة عن خبز وحلويات ونقانق وكأس تذكارية زيّنت بشعارات الأسرة الحاكمة.
وفي حدود الساعة السادسة صباحاً يوم 30 أيار/مايو 1896، قدّر عدد الحاضرين بساحة خودينكا بنحو نصف مليون شخص. كذلك ظهرت بين الجماهير إشاعات جديدة تحدثت عن نفاد كميات المشروبات الكحولية والطعام المجانية المعدة للتوزيع وعن احتواء الكأس التذكارية على قطعة ذهبية، لتخرج على إثر ذلك الأمور عن السيطرة حيث فشل رجال الأمن، البالغ عددهم 1800 عنصر، في حفظ الأمن وكبح جموح الجماهير الغاضبة التي تدافعت للحصول على حصتها من الطعام والجائزة.
وفي خضم هذه الأحداث، عمّت حالة من الفوضى بين الحاضرين الذين تدافعوا بشكل هستيري لتشهد ساحة خودينكا مأساة دموية انتهت بمقتل 1389 شخصاً اختناقاً ودهساً تحت الأقدام وإصابة آلاف آخرين حسب البيانات الروسية الرسمية لتلك الفترة.
وعلى الرغم من كل ذلك، تواصلت الاحتفالات بشكل عادي في جانب آخر من الساحة، حيث استغرقت أخبار الفاجعة بضعة ساعات لتنتشر بين الحاضرين.
إلى ذلك، اتجه المشرفون على الاحتفال للسيطرة على الوضع عن طريق استدعاء مزيد من قوات الأمن وتنظيف المكان وإبعاد الجثث والمصابين استعداداً لاستقبال الزوجين الإمبراطوريين اللذين أطلا من شرفة القصر لتحية الحاضرين.
وأثارت وقائع هذه الحادثة قلق الإمبراطور نيقولا الثاني، الذي سارع لتدارك الأمر عن طريق زيارة المصابين بالمستشفيات وتسريح عدد من المسؤولين عن الحفل.
في المقابل، استاء الروس عند سماعهم لأخبار مأساة ساحة خودينكا ليتزايد بذلك الغضب الشعبي ضد نيقولا الثاني، الذي لقّبه كثيرون بالقيصر الدامي.
وطالت حملة العداء حاكم موسكو، الدوق سيرغي ألكسندروفيتش (Sergei Alexandrovich)، الذي أطلق عليه الجميع حينها لقب "أمير خودينكا" نسبة لساحة خودينكا.