المصدر / وكالات - هيا
أخيرا، وبعد أكثر من 10 ساعات من محادثات السلام في موسكو أجراها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، مع نظيريه الأذربايجاني والأرميني، أعلن لافروف صباح اليوم السبت أن أذربيجان وأرمينيا اتفقتا على وقف إطلاق النار في نزاعهما حول منطقة ناجورنو كاراباخ.
وأضاف أن وقف إطلاق النار سيدخل حيز التنفيذ اعتبارا من ظهر اليوم السبت.
وذكرت وزارة الخارجية الروسية، أن الدولتين ستستغلان وقف إطلاق النار لتبادل الأسرى واستعادة القتلى، وأن محادثات السلام سوف تستمر تحت رعاية ما يسمى بمجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وفي الوقت الذي كان يستعر فيه القتال بين أذربيجان وأرمينيا، دارت حرب من نوع آخر بين الدولتين على شبكة الإنترنت، هي حرب دعائية مكثفة عززتها إيرادات أذربيجان النفطية، ووسائل الإعلام الحديثة، وذوي الأصول الأرمينية في الخارج.
وخلال ساعات من اندلاع الأعمال العدائية من جديد بشأن منطقة ناجورنو كاراباخ التي تحتلها أرمينيا، تصاعدت جهود الجانبين لاستقطاب الحكومات والرأي العام، وبلغت حد المشاركة من جانب نجمة تلفزيون الواقع كيم كارداشيان ذات الأصول الأرمينية.
وكتبت كارداشيان في تغريدة "طالبوا باكو بوقف جميع أشكال استخدام القوة، اوقفوا المساعدات الأمريكية العسكرية لأذربيجان، التي يتم استخدامها ضد الأرمن، حذروا تركيا من إرسال الأسلحة والمقاتلين إلى باكو".
ووفقا لوكالة بلومبرج للأنباء، أضافت كارداشيان في سلسلة من التغريدات لمتابعيها الـ67 مليون في 27 سبتمبر الماضي، وهو اليوم الذي اندلع فيه القتال "من فضلكم شاركوا في هذه الأنباء". وقالت: "الأرمن في منطقة ارتساخ يتعرضون للهجوم"، مستخدمة الاسم الأرميني لمنطقة ناجورنو –كاراباخ، كما أرفقت رابطا لالتماس يدعو الكونجرس إلى "فرض عقوبات على أذربيجان لارتكابها جرائم حرب".
ونشرت أذربيجان على وسائل التواصل الاجتماعي في نفس اليوم، مقطع فيديو لفريق غنائي يرتدي الزي العسكري ويغني أغنية وطنية، وتظهر خلفه دبابات وطائرات ومنصات إطلاق صواريخ.
ومنذ ذلك الحين، ينشر كل طرف فيديوهات لدعم مزاعمه بإن الطرف الآخر إما قام بقصف أهداف مدنية أو قام بضم "إرهابيين" للمحاربة في صفوفه.
وفيما يتعلق بأذربيجان، يتردد أن تركيا قامت بإرسال مسلحين من سوريا للمساعدة في الحرب ضد أرمينيا. كما يتردد أن هناك أكراد من شمال سوريا، تعتبرهم تركيا من الإرهابيين، يقاتلون ضمن صفوف القوات الأرمينية.
وقدمت تقارير إخبارية وجماعة رصد في سوريا تأكيدا لتواجد مرتزقة سوريين في أذربيجان، وتحدثت عن وقوع خسائر بشرية في صفوفهم. وتتوفر أدلة أقل تدعم المزاعم التركية بوجود أكراد في صفوف القوات الأرمينية.
وإلى جانب المزيد من الجهود التقليدية لكسب تأييد الحكومات في باريس وموسكو وواشنطن التي يقوم بها أنصار الطرفين المتحاربين، قامت مجموعة من المحامين والطلاب ورجال الأعمال بحملة عبر البريد الإلكتروني لمحاولة التأثير على التوجهات.
ويقول توماس دي وال، الخبير في شؤون القوقاز وأحد كبار الزملاء في مؤسسة كارنجي أوروبا البحثية، إن الروايات المتضاربة أوجدت مناخا ساما، يؤدي إلى صعوبة اتخاذ موقف وسط. وكان دي وال قد وجد نفسه محاصرا على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي، بعد حوار متوازن بدقة بعنوان: "أذربيجان تحركت أولا".
وقال دي واال: "هناك حرب معلوماتية سامة للغاية دائرة حاليا، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، وأعتقد أنها لا تستهدف فقط الجانب الآخر ولكن أيضا ترهيب أي شخص يحمل رسالة مؤيدة للسلام".
وقبل إعلان وقف إطلاق النار، كان رئيس أذربيجان إلهام علييف قد أكد في بيانات وحوارات منذ اندلاع القتال احتلال أرمينيا للمنطقة المتنازع عليها لنحو 30 عاما. وقال إنه لن يتم إقرار وقف إطلاق النار حتى توافق أرمينيا على تحديد موعد للانسحاب.
وكانت القوات الأرمينية قد سيطرت على منطقة ناجورنو كاراباخ، وهو جيب ذو أغلبية أرمينية داخل أذربيجان، وسبع مناطق محيطة به، في حرب انتهت بوقف إطلاق النار بوساطة روسية عام 1994، أسفرت عن مقتل ما بين 20 و30 ألف شخص ونزوح نحو مليون مواطن.
وذكرت وكالة بلومبرج للأنباء، أن رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان سعى لتركيز الاهتمام الدولي على تورط تركيا، حيث قال لشبكة سكاي نيوز في الخامس من أكتوبر الجاري إن تجدد الأعمال العدائية يمثل "استمرارا لسياسة إبادة الأرمن وسياسة إحياء الإمبراطورية التركية".
وتنفي تركيا مشاركتها في القتال، على الرغم من تقديمها الدعم الكامل لأذربيجان. وكان الكونجرس الأمريكي بغرفتيه قد اعترف عام 2019 بأن مقتل نحو 1.5 مليون أرميني خلال العهد التركي العثماني ابتداء من 1915عام يعد إبادة جماعية.