المصدر / وكالات - هيا
فتحت حادثة محاولة اغتيال وزير الداخلية بحكومة الوفاق فتحي باشاغا المثيرة للجدل، الباب أمام العديد من التكهنات واختلف المراقبون في تحليل أهداف وتداعيات هذه الحادثة، بين من ذهب إلى أنها "مسرحية" ترمي إلى إفساد العملية السياسية في البلاد والتي تبذل السلطة الجديدة جهودا لدفعها نحو السلام، ومن يرى أنها جاءت لتلقي الضوء على الخلل الأمني في طرابلس الواقعة تحت حكم الميليشيات.
"مثيرة للجدل"
والأحد، قالت وزارة الداخلية، إن وزيرها فتحي باشاغا تعرض إلى محاولة اغتيال خلال رجوعه إلى مقر إقامته بمنطقة جنزور غرب طرابلس، حيث قامت سيارة مصفحة بالرماية المباشرة على موكبه، نتج عنه تعرّض عنصر الحراسات المرافق للوزير لإصابة ووفاة أحد المهاجمين وإصابة اثنين منهما.
في المقابل، نفى جهاز دعم الاستقرار الذي استحدثه رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج مؤخرا، محاولة اغتيال وزير الداخلية فتحي باشاغا وقال في بيان، إن موظفيه تعرضوا لحادثة إطلاق نار بالطريق الساحلي جنزور أثناء عودتهم من أعمالهم المكلفين بها.
إلى ذلك شكّك المحلل السياسي ورئيس مؤسسة "سلفيوم" للأبحاث والدراسات جمال شلوف، في رواية وزارة الداخلية وفي جديّة العملية وطريقة ارتكابها، وقال إنه "ليس من المنطقي أن سيارة مسلّحة تحمل شعار إدارة رسمية تحاول اغتيال باشاغا بإطلاق الرصاص على سيارته المصفحة في رتل يضم عشرات السيارات المصفحة والمدجج بالأسلحة".
رسائل مختلفة
وأشار شلوف الذي وصف الحادثة بـ"المسرحية الغبيّة" في تصريح لـ"العربية.نت"، أن بيان الإدانة السريع الذي صدر من السفير الأميركي في ليبيا هو "رسالة موجهة للسلطة الجديدة بأن الولايات المتحدة تدعم استمرار باشاغا في منصبه لاستكمال مشروع مواجهة الميليشيات المسلحة وتفكيكها"، مضيفا أن الحادثة "كانت بمثابة الفرصة التي استغلها السفير للتعبير عن دعم واشنطن لباشاغا خاصة بعد تداول أنباء عن رفض بعض قادة الجماعات المسلحة في مصراتة استمراره في منصبه على رأس وزارة الداخلية".
إرباك للمشهد السياسي
ومن جانبه، اعتبر المحلل السياسي أبو يعرب البركي أن الحادثة هي "محاولة لإرباك المشهد السياسي وخلق ذريعة لتفجير الوضع ميدانيا، وبالتالي انتكاس التوافق الليبي واستمرار فايز السراج وحكومته وبقاء باشاغا في المشهد"، مضيفا أن ما حصل في جنزور هو بمثابة "المحاولة الأخيرة لتعقيد المشهد والعودة للمربع الأول".
وتحدّث البركي في تصريح لـ"العربية.نت" عن وجود محاولات تهدئة بعد انفلات الأوضاع الأمنية في العاصمة طرابلس عقب اقتحام ميليشيات الزاوية لميدان الشهداء ردا على مقتل أحد منتسبيها على يد حراس باشاغا، لافتا إلى أن "تواصل الهدوء يعني أن العملية السياسية التي تقودها السلطة التنفيذية الجديدة ستمضي إلى الأمام في تنفيذ البرنامج الذي انتخبت من أجله".
وصبّت حادثة محاولة اغتيال وزير الداخلية فتحي باشاغا والتي أربكت المشهد الليبي، في صالح الداعين والمطالبين بجعل مدينة سرت مقرّا للسلطة الجديدة، بعيدا عن العاصمة طرابلس التي مازالت ترضخ تحت حكم الميليشيات المسلحة المسيرة لأغلب مقراتها الحكومية.
ويقول المحلّل السياسي فرج فركاش، إنه بغض النظر عما إذا كانت الحادثة محاولة اغتيال أو سوء فهم وتنسيق أمني، فإنها جاءت لتؤكد "الضرورة الملحة والعاجلة لتوحيد الأجهزة الأمنية والعسكرية عبر تفكيك وإعادة دمج الكتائب والمجموعات المسلحة والتي في ظاهرها مشرعنة من قبل وزارتي الداخلية والدفاع وفي باطنها ولاءات جهوية وإيديولوجية".
وتابع أن فشل وزير الداخلية فتحي باشاغا في تنفيذ مشروع تفكيك ودمج الميليشيات المسلحة وبناء المؤسسات الأمنية والعسكرية رغم الدعم الأميركي، سيكون بمثابة الدافع لنقل العاصمة والمقار الإدارية للحكومة القادمة إلى مدينة سرت عوضا عن طرابلس، رغم عدم جاهزية سرت وعدم خلوّها إلى حدّ الآن من المرتزقة والقوات الأجنبية، إضافة إلى عدم تشكيل القوّة الأمنية المشتركة التي اتفقت عليها اللجنة العسكرية 5+5.
وأشار فركاش في تصريح لـ"العربية.نت"، إلى أن حادثة إطلاق النار التي تعرّض لها موكب وزير الداخلية فتحي باشاغا، قد تتكرر مستقبلا وتنذر بإدخال العاصمة طرابلس في حرب أخرى يبدو أن الليبيين في غنى عنها، خاصة في هذا التوقيت الحسّاس الذي تمرّ به الأزمة الليبية.
وتسلط هذه العملية المسلّحة التي شهدتها منطقة جنزور وما نتج عنها من توتر أمني بالعاصمة طرابلس وتهديدات متبادلة بين ميليشيات الزاوية والميليشيات المنضوية تحت إمرة وزارة الداخلية، الضوء على أحد أبرز التحديات التي ستواجه الحكومة الجديدة وتتمثل في سبل كبح جماح الميليشيات المنتشرة في طرابلس وفي مدن الغرب الليبي وإعادة دمجها إضافة إلى توحيد الأجهزة الأمنية.