المصدر / وكالات - هيا
تصدّر الطلاب العرب نسبة الطلاب الأجانب في فرنسا، للعامين الدراسيين الماضيين، وتتوالى الأزمات التي يتعرضون إليها، منذ انتشار فيروس كوفيد 19، وصولا إلى ارتفاع الأسعار المعيشية والسكن والتنقل.
غزل ومحمود، طالبان من سوريا، لكنّ قصةَ وجودِهما في فرنسا تختلف تماماً.
فطالبة هندسة العمارة جاءت قبل أكثر من عام تقريباً، بتأشيرة دراسية عادية، وتتحمل مع أهلها كل نفقات الإقامة والتعليم، والسكن والتنقل.
أما الطالب في كلية السينما، فجاء بصفة لاجئ، وهو ما يعفيه من العديد من الأعباء.
وقال محمود: أنا مقيم في فرنسا كلاجئ، وعندي منحة دراسية من الجامعة، تقريبا احتاج في الشهر بحدود 700 إلى 800 يورو كمصروف، المنحة عبارة عن 600 يورو، ما يجعلني مضطرا للعمل لجانب المنحة الدراسية".
من جانبها قالت غزل إنها تستعين بعائلتها حتى تتمكن من شراء حاجاتها اليومية.
وأوضحت نائبة رئيس الاتحاد الوطني للطلاب في فرنسا سامية مختار أن تكلفة معيشة الطلاب، ارتفعت للعام 2022، بنسبة 6.47 بالمئة، وارتفع إنفاقهم بمقدار 428 يورو سنوياً، أو 35 يورو شهريًا.
وأضافت: "يمثل الإيجار 55 بالمئة من إجمالي ميزانية الطالب في فرنسا، إذ يبلغ متوسط سعر الإيجار للطالب 664 يورو على المستوى الوطني، وفي المدن الكبرى، تصل هذه الزيادة في الإيجارات إلى 2.4 بالمئة".
ويحتلّ الطلاب العرب المرتبة الأولى في أعداد الطلاب الأجانب في فرنسا، وفق أحدث مسح أجراه مركز "كومبوس دو فرانس"، لعام 2020 و2021.
وقالت مديرة الاتصالات في "كومبوس دي فرانس" جوديث أزيما: "يبلغ عدد الطلاب الأجانب في فرنسا، 29 ألفا و650 طالبا، ويشكل الطلاب القادمون من منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط 29 بالمئة منهم".
وأضافت: "كما استفاد ما يقرب من 7700 طالب ومتدرب أجنبي من منحة دراسية من الحكومة الفرنسية العام الدراسي الماضي، وفق الإحصاءات نفسها".
الأسباب التي تدفع الطلاب الأجانب لاختيار فرنسا مقصداً لاستكمال دراساتهم، كثيرة، وتنطلق في غالبيتها من مقومات علمية بحتة.
لكن الأعوام الدراسية الأخيرة ترافقت مع أزمات متتالية، بدءا من انتشار فيروس كورونا، مروراً بموجات ارتفاع الأسعار المتفاوتة، وصولا إلى غلاء المعيشة وأزمة الطاقة العالمية، بسبب أزمة أوكرانيا.
وبهذا الخصوص تقول أزيما: "بالنسبة لتكاليف السنة الدراسية، تبلغ 2770 يورو في السنة لدرجة الليسانس، و3770 يورو لدرجة الماجستير، و380 يورو للدكتوراه، و9 آلاف يورو تقريبا في الجامعات الخاصة، وأوجد هذا الوضع الجديد اضطرابا لدى بعض الطلبة خاصة الذين لا يتمتعون بمنحة أو قرض دراسي".
إلى حدود عام ألفين وتسعة عشر كانت السلطات الفرنسية تدعم نسبة كبيرة من التكلفة الفعلية للتعليم العالي، من دون تمييز بين الطلاب الفرنسيين والأجانب.
لكن منذ ثلاثة أعوام، زادت الدولة الفرنسية رسومَ دراسة الطلبة الأجانب، لتضع بذلك على كاهلِهم عبئاَ إضافياً، يفاقم تكاليف العيش المرتفعة.
فالضرائب الإضافية على الرسوم الجامعية دفعت الطلاب إلى البحث عن حلول عمليةٍ لتقليص النفقات..
وبما أن السكن يشكّل نسبة كبيرة من هذه النفقات، فقد كان الخيارُ الأول الاقتصادَ فيه.
ومن المسكن إلى المأكل، شكّلت إجراءات مكافحة فيروس كورونا نقطة مفصلية في تغيير أوضاع الطلاب، أسست لما هي عليه أوضاعهم اليوم.
ولم يعد غريبا في هذه الظروف أن يقف الواحد منهم في طوابير طويلة لتحصيل الغذاء.
وبات من المناظر المألوفة في جمعية "لينكي"، التي تأسست كمبادرة لمكافحة الطعام المهدور، وتوزيعِه على من هُم في أمَسّ الحاجة إليه، أن ترى فيها طلبةً يقصدونها لِسَدّ حاجةٍ من حاجتهم .
لكن الطلاب يشكلون ركيزة مهمّة للمجتمع الفرنسي، لذلك تقدّم الجهات المعنية بشؤونهم مبادرات تلو الأخرى لتخفيف وطأة التكاليف المعيشية عليهم.
وقالت نائبة رئيس الاتحاد الوطني للطلاب في فرنسا سامية مختار: "دعا الاتحاد إلى توفير نظام اجتماعي لا يستثني الطلاب الأجانب ولا يهتم بالجنسيات، يسمح لهم بالحصول على منح ومساعدات مع منحهم حق العمل بشكل أوسع حتى نضمن لهم العيش الكريم. كما يجب أن يدخلوا الجامعات التي يفضلونها وليس تلك التي تفرضها التكاليف".