المصدر / وكالات - هيا
على وقع التفاؤل الذي يسود المشهد الأردني بعد أسبوع الأزمة، تنظر أوساط رسمية وشعبية بمزيج من التفاؤل والحذر للقمة التي دعت إليها السعودية اليوم الأحد في مكة المكرمة، وسط تأكيد مصادر أردنية أن عمان لن تسدد فواتير إقليمية كانت أحد أسباب أزمتها الراهنة.
فقد رحب الملك الأردني عبد الله الثاني بدعوة نظيره السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لاجتماع في مكة بحضور أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد.
وأكد بيان للديوان الملكي الأردني أن ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله سيشارك إلى جانب الملك في الاجتماع الذي سيخصص لبحث سبل تقديم الدعم إلى الأردن بعد أزمة الاحتجاجات الأخيرة وانتهت بإقالة حكومة هاني الملقي، وتكليف عمر الرزاز بتشكيل حكومة جديدة. وقد أعلن الرزاز سحب قانون ضريبة الدخل الذي فجر الاحتجاجات.
وكانت الكويت الوحيدة التي أرسل أميرها مبعوثا للأردن خلال الأزمة، في حين تلقى الملك اتصالات من وليي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ولم تخف مصادر أردنية تفاجؤها من خبر الاجتماع الذي سيعقد في مكة المكرمة الليلة، حيث قالت هذه المصادر للجزيرة نت إن الأردن لم يتلق قبل اتصال الملك سلمان أي إشارات بانفراج أزمة انقطاع الدعم السعودي الإماراتي للخزينة، الذي كان أحد الأسباب المباشرة للأزمة التي قادت للاحتجاجات الأخيرة.
وسائل الإعلام الأردنية عبرت عن تفاؤلها بتجدد الدعم الخليجي للأردن، والذي كان الملك قد تحدث في الغرف المغلقة وفي العلن أن انقطاعه يعود لمواقف الأردن من ملفات إقليمية.
وكان الملك قد كرر مرات عدة خلال أيام الأزمة الأخيرة تأكيده ارتباط أزمة الأردن الاقتصادية بموقفه من ملفات إقليمية، وورد ذلك بوضوح خلال ترؤسه اجتماع مجلس السياسات الوطني الذي يضم كبار مسؤولي الدولة السياسيين والعسكريين والأمنيين، وفي لقائه مع إعلاميين بعد قراره إقالة حكومة الملقي.
وعلى وقع الأجواء الإيجابية داخليا، جاء تقرير صندوق النقد الدولي قبل يومين ليرفع منسوب التفاؤل، بعد أن أشاد بالإصلاحات في الأردن، وأكد حاجة برنامجه للتوقف عن الضغط على الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، بل إنه ذهب إلى دعم فتح باب الحوار حول القوانين الاجتماعية، الأمر الذي قرأه كتاب ومتخصصون بأنه يمثل تطورا إيجابيا، بل إن بعضهم اعتبره أحد انجازات الاحتجاجات الأخيرة.
ورغم وصف مصادر أردنية أن دعوة الملك السعودي "جاءت في وقتها بالنسبة للأردن"، باعتبارها تؤكد مجددا رهان عمان على محور الرياض-أبو ظبي-القاهرة إقليميا، لكن المصادر ذاتها ترى أن عمان لن تسدد فواتير المساعدات المتوقعة من اجتماع مكة من مواقفها في ملفات رئيسية كانت سبب فتور علاقاتها بالسعودية والإمارات تحديدا وتوقف مساعداتهما للمملكة.
وأبرز هذه الملفات ما يلي:
-صفقة القرن:
ترفض عمان ضغوطا يقودها بشكل رئيس ولي العهد السعودي لإقناعها بالانخراط بما يعرف بصفقة القرن، لا سيما في الشق المتعلق بقضايا الوضع النهائي، خاصة ما يتعلق بقضيتي القدس -التي يتمتع الأردن بالولاية عليها- واللاجئين، حيث يستضيف الأردن أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين.
وتشير المصادر إلى حديث الملك الأردني المتكرر عن هذه الضغوط ورفضه لأي صيغة تنال من القدس والحقوق الفلسطينية، باعتبار ذلك جزءا من الأمن الوطني الأردني.
كما تتحدث المصادر عن تأثر علاقات الأردن بالإدارة الأميركية بفعل تأثير محور يتكون من وليي عهد السعودية وأبو ظبي، وجاريد كوشنير مستشار الرئيس الأميركي، الذي استثنى الأردن من زيارات هامة للإعداد لصفقة القرن زار خلالها السعودية وإسرائيل.
-الأزمة الخليجية:
رغم قرار الأردن تنزيل مستوى علاقاته بقطر استجابة لضغوط دول الحصار، فإن الحياة عادت مجددا للعلاقات الأردنية القطرية، التي أخذت جانبا اقتصاديا، بانتظار انعكاسها على عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
ولا تخفي مصادر أردنية أن هناك ضغوطا لم تتوقف من الرياض وأبو ظبي على عمان لقطع العلاقات نهائيا مع الدوحة، وتستبعد هذه المصادر انصياع الأردن لهذه الضغوط نتيجة دروس الأزمة الأخيرة.
-إيران بدل إسرائيل:
بعد قطع علاقات السعودية بإيران، اتخذ الأردن قرارا بسحب سفيره من طهران دون قطع العلاقات الدبلوماسية بإيران، لكن ذلك لم يجعل عمان تنخرط في موجة التصعيد السعودية مع إيران، كما أنها لا توافق على سياسة استبدال العداء لإسرائيل بإيران.
-حرب اليمن:
لم يخف مسؤولون أردنيون وجود ضغوط سعودية على بلادهم لإرسال جنود للحرب في اليمن، وهو الأمر الذي اعتذرت عنه عمان رغم عضويتها في التحالف العربي الذي أعلن الحرب على الحوثيين في اليمن.
ارتياح لوجود الكويت..
ولا تخفي مصادر أردنية ارتياحها لوجود أمير الكويت على طاولة اجتماع مكة باعتبار أن بلاده ليست جزءا من ملفات خلاف الأردن بالسعودية والإمارات، وهو ما يجعل عمان متفائلة بأن يبحث الاجتماع دعم اقتصادها فقط.
وتذهب أوساط أردنية إلى أبعد من ذلك، لاعتبار أن ترتيب الاجتماع جاء وسط خشية وليي عهد السعودية وأبو ظبي اللذين اجتمعا مؤخرا في جدة، من توجه الأردن نحو إحياء علاقاته مع قطر، وهو ما سيعتبر إخفاقا جديدا لدول الحلف الرباعي، عوضا عن دخول دول هذا الحلف بأزمة لا تعرف نتائجها مع الأردن الذي يحتل مكانة مركزية في الشرق الأوسط.
المصدر : الصحافة الأردنية,الجزيرة