المصدر / وكالات
أعربت جامعة الدول العربية عن أسفها لتردي الأوضاع الإنسانية في ليبيا، لافتة إلى أن الأزمة الليبية لم تلق حقها من الاهتمام بسبب انشغال العالم بأمور أخرى.
يأتي ذلك بعد إرجاء مجلس النواب الليبي جلسته للتصويت على حكومة الوفاق الوطني إلى الأسبوع المقبل لعدم اكتمال النصاب القانوني، والذي يقتضي حضور 97 نائبا الجلسة، في حين أن 94 نائبا حضروها؛ وهو ما دفع إلى تأجيلها. فيما كشفت عضو مجلس النواب سلطنة المسماري عن وجود انقسامات تحت قبة المجلس بين مؤيد للحكومة ومعارض لها، إضافة إلى فئة ثالثة متحفظة بسبب عدم تمثيل مناطقها في الحكومة.
وكانت جلسات البرلمان قد بدأت السبت الماضي بحضور رئيس حكومة الوفاق المكلف فايز السراج، الذي عرض على النواب برنامج عمل الحكومة، التي يُفترض أن توحد سلطات البلاد ضمن مرحلة انتقالية تمتد لعامين، والتي شكلها المجلس الرئاسي الليبي، الذي يقوده السراج أيضاً. وهو قد انبثق عن اتفاق سلام وقعه، في ديسمبر/تشرين الثاني الماضي في المغرب، أعضاء البرلمان المعترف به دولياً ومقره طبرق، شرق ليبيا.
وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر قد عقد جلسات موسعة مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وعدد من النواب، حث خلالها المبعوث الأممي مجلس النواب على سرعة منح الثقة للحكومة.
يأتي ذلك في حين يشهد المسار السياسي تعثرا واضحا، حيث طال أمد إقرار حكومة الوفاق الوطني؛ فيما يبقى المشهد الليبي ميدانيا آخذاً في التعقيد بسبب التدخل الأمريكي المنفرد، والذي شهد دعما إيطاليًا اليوم (23 02 2016).
فقد صرح مسؤول أمريكي لصحيفة "وول ستريت جورنال" بأن روما سمحت للطائرات الأمريكية من دون طيار بالإقلاع من قاعدة "سيغونيلا" الجوية جنوب إيطاليا، للقيام بمهمات ضد تنظيم «داعش» في ليبيا وشمال إفريقيا.
وكانت طائرات أمريكية قد شنت غارة يوم الجمعة الماضي (19 02 2016) على موقع للتنظيم في منطقة صبراتة الليبية، رجح مسؤول أمريكي أن يكون قائد الميدان التونسي الداعشي نور الدين شوشان قد قضى في هذه الغارة، إلى جانب 49 شخصا، بينهم مواطنان صربيان مخطوفان منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وقد أكد المتحدث باسم البنتاغون جيف ديفيس أن الضربة الأمريكية حالت دون وقوع هجوم إرهابي في تونس.
من جهتها أعلنت وزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتي، في مقابلة مع صحيفة "إل ميساجيرو"، أن من المفترض أن يطلب الأمريكيون إذنا من حكومتها في كل مرة يريدون فيها استخدام طائرة انطلاقا من القاعدة، وأن هذه الضربات ستكون محصورة بالعمليات، التي تعَدُّ الوسيلة الوحيدة من أجل حماية منشآت أو موظفين أمريكيين أو من التحالف في ليبيا وجميع أنحاء المنطقة.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة الدفاع الأميركية قدرت مؤخرا عدد مسلحي "داعش ليبيا" بنحو 5 آلاف عنصر، مقابل تقديرات سابقة أشارت إلى أن عددهم يتراوح بين ألفين و3 آلاف.
ولعل الموقف الإيطالي اليوم يختلف مع موقفها السابق، الذي كان يشدد على أن أي عمل عسكري في ليبيا سيكون تحت قيادتها، فيما تبدو التصريحات الأخيرة تسليما ضمنيا بالتدخل الأمريكي المنفرد.
في غضون ذلك، يبدو أن المشهد الليبي آخذ في التعقيد سياسيا وعسكريا؛ ففي الوقت الذي دانت فيه حكومة ليبيا المؤقتة برئاسة عبد الله الثني الغارة الجوية الأمريكية على صبراته، واعتبرتها اعتداءً على الأراضي الليبية، فقد التزم الجيش الليبي الصمت، في حين أن الجامعة العربية اكتفت بالإعراب عن أسفها لتدهور الأوضاع الإنسانية.
الباحث في تاريخ الشرق الأوسط في جامعة "كامبردج" جاسون باك أوضح أن السبيل الوحيد للتخلص من "داعش" الليبي هو دعم الليبيين، الذين يقاتلون ضد هذا التنظيم على الأرض؛ مشيراً إلى أن الغارات لن تفعل أي شيء لإضعاف التنظيم الإرهابي في هذه الدولة، ولن تساعد على توحيد الليبيين وتمكينهم من استعادة دولتهم.
وقال الخبير البريطاني إن على شعب ليبيا إدراك أن الحرب ضد "داعش" ليست حربا غربية، بل هي حرب جميع الليبيين ضد هذا التنظيم الإرهابي، وعليهم أن يعوا أنهم إذا أرادوا العيش في سلام فهم بحاجة إلى الاتحاد ضده.