شهد معبد أبو سمبل بمحافظة أسوان، صباح اليوم الأربعاء، حدثا فلكيا فريدا من نوعه، حيث تعامدت أشعة الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني داخل قدس الأقداس، في مشهد مبهر جذب آلاف السياح من مختلف دول العالم، ليعيشوا لحظة تجسد عبقرية المصري القديم وتفوقه العلمي والهندسي الذي تجاوز حدود الزمن.
تعامد دقيق بعد آلاف السنين
بدأت الظاهرة مع أولى خيوط شمس الصباح في تمام الساعة 6:49 دقيقة بالتوقيت المحلي، عندما اخترقت أشعة الشمس الممر الرئيسي للمعبد الذي يمتد لنحو 60 مترا، لتضيء وجه الملك رمسيس الثاني وتماثيل الآلهة داخل قدس الأقداس لمدة 20 دقيقة كاملة.
وقد تجمع نحو 4 آلاف سائح لمتابعة هذا الحدث المذهل، وسط أجواء احتفالية صاخبة تخللتها الموسيقى الشعبية والرقصات النوبية التي أضفت طابعا فنيا وتراثيا على المشهد.
رمزية دينية دقيقة
ويضم قدس الأقداس في معبد أبو سمبل أربعة تماثيل تمثل كلّا من،
الإله بتاح، إله العالم الآخر ومنف،
الملك رمسيس الثاني،
آمون رع، إله الدولة الرئيس آنذاك،
رع حور أختي، إله هليوبوليس.
وتتعامد الشمس على جميع هذه التماثيل باستثناء الإله بتاح، إذ كان المصريون القدماء يعتقدون أن الشمس تشرق فقط على عالم الأحياء، ولا تضيء عالم الموتى.
استعدادات مكثفة ومهرجان ثقافي
حرص الزوار على التواجد في موقع المعبد قبل الفجر بساعات لتصوير لحظة التعامد النادرة، وسط إجراءات أمنية مشددة واستعدادات تنظيمية مكثفة من محافظة أسوان.
كما نظّمت الهيئة العامة لقصور الثقافة فعاليات مهرجان تعامد الشمس خلال الفترة من 17 إلى 22 أكتوبر، بمشاركة 8 فرق للفنون الشعبية المصرية، احتفاء بهذا الحدث العالمي الذي يُعد من أبرز مظاهر السياحة الثقافية في مصر.
عبقرية المصري القديم
وتُعد ظاهرة تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني من أندر الظواهر الفلكية في العالم، إذ يعود تاريخها إلى أكثر من 33 قرنا من الزمان، وتُظهر مدى ما بلغه المصريون القدماء من تقدم في علوم الفلك والهندسة والتخطيط المعماري.
وتتكرر هذه الظاهرة مرتين كل عام، في 22 أكتوبر و22 فبراير، ويُعتقد أنهما يوافقان تاريخ ميلاد الملك رمسيس الثاني وتاريخ جلوسه على العرش، في تجسيد لامتزاج العلم بالعقيدة في الحضارة المصرية القديمة.

