كتشاف أثري نادر: حقائب عمرها 4500 عام تزيّنها أنياب الكلاب

الكاتب : سمر فتحي

كشفت حفريات أثرية حديثة قرب بلدة كراوشفيتز في ألمانيا عن اكتشاف أثري نادر يتمثل في حقائب مزينة بأسنان كلاب، يعود تاريخها إلى نحو 4500 عام، وذلك ضمن ثقافة “الخزف المجدول” التي تعود إلى العصر الحجري الحديث.

وقد عُثر على هذه الحقائب داخل قبور نساء وأطفال رضع، مما يشير إلى أنها كانت مرتبطة بطبقات اجتماعية مرموقة، وربما استخدمت في طقوس أو ممارسات أمومية متقدمة. ويُعتقد أن النساء اللاتي امتلكن هذه الحقائب كنّ من النخبة، وأن هذه القطع الفاخرة كانت تُعبّر عن المكانة الاجتماعية والاهتمام الكبير بالأمومة ورفاه الطفل.

جاء هذا الاكتشاف ضمن أعمال تنقيب أجراها مكتب ولاية ساكسونيا أنهالت لحفظ الآثار، على امتداد مشروع نقل الطاقة “SuedOstLink” الذي يبلغ طوله نحو 170 كيلومترًا. وأسفرت الحفريات عن مشهد أثري غني شمل تلال دفن تعود إلى ثقافة “بالبرغ” الأقدم (منذ نحو 6000 عام)، بالإضافة إلى مدافن ثقافة “الخزف المجدول”، المعروفة بمقتنياتها الفخمة.

ورغم تحلل المواد العضوية للحقائب، مثل الجلد أو القماش، عبر الزمن، فقد بقيت الزينة المكونة من مئات الأسنان المثقوبة صامدة، حيث استخدمت أنياب وقواطع علوية وسفلية لكلاب متوسطة الحجم، تم تثبيتها على واجهة الحقائب بنمط متشابك دقيق. وبلغ طول الحقيبة حوالي 30 سم وارتفاعها 20 سم، وزُينت بنحو 350 سنًا، مما يجعلها أكثر من مجرد أداة عملية، بل رمزًا بصريًا للمكانة الاجتماعية.

وتشير الأبحاث إلى أن هذه الكلاب ربما كانت تُربى خصيصًا لهذا الغرض، ويُرجّح أنه تم ذبحها في سن مبكرة لاستخلاص الأسنان، ما يعكس استثمارًا كبيرًا في الموارد والحرفية. كما زُودت بعض الحقائب ببطانات مزخرفة وأوشحة مطرزة بعرض 20 سم، لتعزيز الحماية والدفء للأطفال.

اللافت أن هذه الحقائب الفريدة لم تكن منتشرة بين جميع النساء، حيث ظهرت فقط في نحو 20% من المدافن النسائية، مما يدل على أنها كانت من الممتلكات الشخصية الخاصة غير القابلة للتوريث، والمخصصة لنساء النخبة.

ويُبرز هذا الاكتشاف كيف عبّرت المجتمعات القديمة عن مفاهيم المكانة الاجتماعية والأمومة من خلال ثقافة مادية متقنة، ويكشف أن البنية الاجتماعية في العصر الحجري الحديث كانت أكثر تنوعًا وتعقيدًا مما كان يُعتقد سابقًا.