
غزة تحت الحصار.. الجوع يقتل الأطفال

الكاتب : شيماء مصطفى
تتفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة بشكل غير مسبوق، مع تسجيل حالات وفاة لأطفال رُضع بسبب الجوع وسوء التغذية، في وقت يشهد فيه القطاع المحاصر انهيارًا شبه كامل في الأمن الغذائي، بحسب ما أكدته منظمات دولية ومسؤولون محليون.
وقال الدفاع المدني في غزة إن ثلاثة أطفال على الأقل توفوا خلال الأسبوع الأخير، لا نتيجة إصابات مباشرة من القصف، بل بسبب الجوع الحاد ونقص الحليب والرعاية الصحية الأساسية.
وأوضح المتحدث باسم الجهاز، محمود بصل، أن "هذه المأساة تتكرر يوميًا، والكارثة تتوسع وسط عجز تام عن الاستجابة".
في أحد مراكز النزوح في مخيم النصيرات، حيث تحوّلت مدرسة تابعة للأمم المتحدة إلى نقطة توزيع غذاء، بدت علامات الهزال واضحة على وجوه الأطفال. أصوات قرع الأواني الفارغة كانت أقوى من الكلام.
تقول أم سامح أبو زينة، وهي نازحة فقدت 35 كيلوغرامًا من وزنها: "أكاد لا آكل.. أتناول ملعقة فقط وأترك الباقي لبنتي. أنا مريضة ضغط وسكر والغضاريف، لكني لا أحتمل رؤيتهم يتضوّرون جوعاً".
"لا ماء، لا طعام، لا مال"
زياد مصلح، أحد النازحين من شمال غزة إلى المخيم نفسه، يصف المشهد بقوله: "أطفالنا يبكون من شدة الجوع، بطونهم خاوية. لا يوجد طعام في الأسواق، وإن وُجد، فأسعاره تفوق قدرة أي إنسان".
الأمم المتحدة أكدت أن ما يقارب ثلث سكان غزة لا يحصلون على وجبة طعام واحدة في اليوم، فيما يواجه عشرات الآلاف خطر المجاعة، خاصة النساء الحوامل والأطفال.
وقال برنامج الأغذية العالمي إن سعر الدقيق ارتفع 3000 مرة عما كان عليه قبل الحرب. وصرّح المدير التنفيذي للبرنامج، كارل سكاو، الذي زار غزة هذا الشهر: "ما يحدث هنا هو الأسوأ في حياتي المهنية. الناس جياع والطعام على بُعد أمتار".
الطعام محاصر
منذ انهيار هدنة وقف إطلاق النار مطلع مارس الماضي، شددت إسرائيل حصارها على القطاع ومنعت دخول الإمدادات. ورغم سماحها بدخول بعض الشاحنات نهاية مايو، فإن الكميات ضئيلة جدًا ولا تلبي الحد الأدنى من احتياجات السكان.
مع نفاد المخزون الغذائي الذي تم جمعه خلال فترة الهدنة، يواجه القطاع نقصًا خانقًا في الأغذية الأساسية.
قال سكاو: "مطابخنا لا تقدّم إلا ماءً ساخناً مع القليل من المعكرونة. الأوضاع كارثية".
حاضنة واحدة لأربعة رُضع
منظمة "أطباء بلا حدود" أشارت في بيان إلى أن سوء التغذية أدى إلى ارتفاع كبير في حالات الولادة المبكرة، مع اضطرار المستشفيات إلى وضع أربعة أو خمسة رُضع في حاضنة واحدة، بسبب الاكتظاظ ونقص التجهيزات.
وقالت الطبيبة في المنظمة، جوان بيري: "لم نشهد من قبل هذا العدد من حالات سوء التغذية. النساء الحوامل يعانين من نقص حاد في الغذاء والمياه النظيفة، ما ينعكس مباشرة على المواليد الجدد".
---
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن القطاع يواجه مجاعة وشيكة، بينما ترتفع الأصوات الإنسانية من بين الأنقاض تطالب بتدخل عاجل.
كما قالت إحدى الأمهات: "نحن لا نعيش.. نحن فقط نحاول ألّا نموت اليوم".