
ستة عقود من الصمت: ما الذي تخفيه سجلات اغتيال مارتن لوثر كينج؟

الكاتب : يوسف اسماعيل
بعد مرور ما يقرب من 60 عاماً على اغتيال مارتن لوثر كينج الابن، كشفت السلطات الأمريكية النقاب عن مجموعة ضخمة من الوثائق السرية المرتبطة بالقضية، في خطوة أثارت اهتماماً واسعاً وأعادت إلى الواجهة أحد أكثر الملفات حساسية في التاريخ الأمريكي الحديث.
الوثائق، التي يزيد عددها على 230 ألف سجل، ظلت حبيسة الأرشيف الحكومي لعقود، موزعة بين مرافق متعددة، ولم يتم رقمنتها أو فحصها علنًا من قبل. وتضم الملفات تفاصيل دقيقة تتعلق بالتحقيقات في اغتيال كينج، أبرزها مراسلات داخلية بين مسؤولي الأمن، وسجلات تتحدث عن مسارات محتملة للتحقيق، إلى جانب معلومات مثيرة عن علاقة جيمس إيرل راي – المدان بتنفيذ عملية الاغتيال – بزملائه في السجن، ومزاعم حول مؤامرات محتملة ناقشها قبل وقوع الجريمة.
كما تكشف بعض الوثائق عن التحركات الواسعة التي قامت بها أجهزة الاستخبارات الأمريكية في تعقب راي، بعد فراره من الولايات المتحدة، حتى تم توقيفه في بريطانيا، ليعود ويعترف لاحقاً بقتل كينج.
لكن الإفراج عن هذه الوثائق لم يمر دون جدل. فقد عبّرت عائلة كينج عن تحفظها إزاء نشر المواد دون أن تُمنح فرصة كافية لمراجعتها مسبقاً. وأوضح أبناؤه أن عملية اغتيال والدهم لم تكن مجرد حدث عام، بل جرح عميق لا يزال يؤلم العائلة بعد أكثر من نصف قرن، مشددين على ضرورة التعامل مع القضية بمسؤولية واحترام لذكراه.
في المقابل، أبدت شخصيات أخرى من عائلة كينج، مثل ألفيدا كينج، تأييدها لنشر الوثائق، ووصفت هذه الخطوة بأنها لحظة ضرورية لكشف الحقيقة وإنصاف التاريخ.
وكان مارتن لوثر كينج الابن، أحد أبرز قادة حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، قد اغتيل في 4 أبريل 1968 بينما كان يقف على شرفة فندق في مدينة ممفيس. وأدت وفاته إلى احتجاجات واسعة وهزّت المجتمع الأمريكي. وقد أدين جيمس إيرل راي بتنفيذ عملية الاغتيال، لكنه ظل مثار جدل وشكوك حول ما إذا كان قد تصرف بمفرده أم ضمن مؤامرة أكبر.
الوثائق التي تم الإفراج عنها حديثاً قد لا تغيّر الرواية الرسمية بالكامل، لكنها بالتأكيد تُضيف طبقات جديدة من الفهم لقضية لم تغب عن الذاكرة الوطنية، وتفتح المجال أمام مؤرخين ومحققين لإعادة تقييم ما جرى في ذلك اليوم الذي غيّر مجرى التاريخ الأمريكي.