
"عش دبابير مشع يعيد فتح ملف الرقابة النووية في أمريكا"

الكاتب : سمر منصور
أعشاش مشعة تُربك الرقابة النووية في أمريكا: حادث غير تقليدي يعيد فتح ملف "الإرث النووي"
كارولاينا الجنوبية – أغسطس 2025
في واقعة غريبة ومثيرة للقلق، أعلنت السلطات الأمريكية عن اكتشاف سلسلة من أعشاش الدبابير الملوثة إشعاعيًا داخل منشأة "سافانا ريفر" النووية بولاية كارولاينا الجنوبية، ما أعاد إلى الواجهة تساؤلات جدية حول الرقابة البيئية في المنشآت النووية القديمة.
البداية تعود إلى 3 يوليو الماضي، حين عثر فريق تفتيش ميداني تابع لوزارة الطاقة على عش دبابير يحتوي على تلوث إشعاعي يفوق الحد الفيدرالي المسموح به بعشرة أضعاف، وذلك قرب صهاريج تخزين نفايات نووية سائلة. وأكّدت السلطات حينها أن العش لم يكن يحتوي على دبابير حية، وتمت معالجته والتخلص منه كـ"نفاية مشعة" وفقًا للبروتوكولات المعتمدة.
لكنّ الحادثة لم تكن معزولة.
ففي الأسابيع التالية، وأثناء توسعة نطاق التفتيش، تم العثور على ثلاثة أعشاش إضافية في مناطق مختلفة من الموقع نفسه، أظهرت أيضًا آثارًا لتلوث إشعاعي، وإن كانت بمستويات متفاوتة. هذه الاكتشافات المتكررة أثارت القلق داخل الأوساط البيئية والرقابية، ودفعت إلى تكثيف أعمال الفحص الميداني والتحقيقات الداخلية.
ووفقاً لخبراء البيئة، فإن الدبابير استخدمت مواد مشعة من الموقع لبناء الأعشاش، ما يشير إلى وجود "بقايا تلوث نووي تاريخي" لا تزال كامنة في أجزاء من المنشأة التي كانت، في ذروة الحرب الباردة، إحدى ركائز إنتاج المواد الانشطارية للأسلحة النووية الأمريكية.
ورغم تأكيد وزارة الطاقة أن التلوث لم ينتشر خارج الأعشاش ولم يُسجَّل أي خطر على العاملين أو البيئة المحيطة، إلا أن الأصوات المطالِبة بمراجعة شاملة لسياسات إدارة النفايات النووية بدأت تتصاعد، وسط دعوات في الكونغرس لإجراء تحقيق مستقل حول مدى التزام المنشآت القديمة بمعايير السلامة الحديثة.
وتعليقاً على التطورات، قال أحد مسؤولي البيئة الفيدراليين – فضل عدم الكشف عن اسمه – إن الحادث "يُظهر أن الطبيعة قادرة على كشف ما قد تُخفيه التقارير الإدارية"، مؤكدًا أن الوزارة تعمل حاليًا على "إعادة تقييم خطة المسح البيئي في المنشآت النووية المتقادمة."
وتبقى حادثة "العش المشع"، بكل غرابتها، ناقوس خطر يُذكّر الأمريكيين بأن آثار الماضي النووي لا تزال حاضرة، وقد تظهر أحيانًا في أكثر الأماكن غير المتوقعة.