من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية
×

فانس.. الوريث السياسي لترامب

2025-08-06 03:38:24.000
فانس.. الوريث السياسي لترامب

الكاتب : شيماء مصطفى

ترامب يلمّح إلى خليفته المحتمل.. جي. دي. فانس نجمٌ صاعد من الفقر إلى بوابة البيت الأبيض


في تطوّر سياسي لافت يعكس ملامح المرحلة المقبلة داخل معسكر الحزب الجمهوري، ألمح الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى أن نائبه الحالي، السناتور جي. دي. فانس، قد يكون خليفته السياسي المنتظر ووريث حملته الشهيرة "لنجعل أميركا عظيمة مجددًا"، مؤجّجًا بذلك الحديث عن مستقبل القيادة داخل الحزب الجمهوري بعد 2028.


وخلال مقابلة تلفزيونية مساء الثلاثاء، رد ترامب على سؤال حول من يراه جديرًا بحمل شعلة الحركة الترامبية من بعده، قائلًا: "نعم، فلنكن منصفين.. إنه نائب الرئيس". هذه العبارة البسيطة، لكنها المحمّلة بالدلالات، وُصفت من قبل المراقبين بأنها بمثابة "تتويج مبكر" لفانس كوجه المحافظين المستقبلي، رغم إشارته أيضًا إلى أسماء بارزة مثل ماركو روبيو.


من الظلّ إلى الضوء.. من هو جي. دي. فانس؟


وراء الاسم السياسي اللامع، تقف حكاية إنسانية ملهمة لرجل وُلد من رحم المعاناة، وشق طريقه بصمت إلى قلب واشنطن.


وُلد جيمس ديفيد فانس عام 1982 في مدينة ميدلتاون بولاية أوهايو، ضمن ما يُعرف بـ"حزام الصدأ"، وهي منطقة أميركية عانت لعقود من التهميش والانحدار الصناعي والاقتصادي. ترعرع فانس في بيئة مضطربة، حيث تركه والده في سن مبكرة، وغرقت والدته في دوامة الإدمان والعلاقات المتعددة، ما دفعه للعيش في كنف جدته، المرأة التي يصفها بأنها "اليد التي أنقذته من السقوط".


تجربته القاسية هذه تحوّلت لاحقًا إلى كتاب شهير حمل عنوان "مرثية هيلبيلي" (Hillbilly Elegy)، أصدره عام 2016، وسرعان ما تحوّل إلى فيلم سينمائي من إنتاج نتفليكس عام 2020، ليصبح فانس رمزًا لطبقة كاملة من الأميركيين الذين يعيشون على هامش الأضواء.


صعود سياسي هادئ.. لكن ثابت


رغم بداياته كناقد لترامب، حيث وصفه ذات مرة بأنه "خطر على الديمقراطية"، سرعان ما غيّر فانس موقفه تدريجيًا، لينضم إلى صفوف مؤيدي الرئيس السابق، ثم ينجح في كسب ثقته ودعمه.


بعد تخرجه من جامعة "ييل" المرموقة في الحقوق، بدأ فانس مسيرته في عالم المحاماة والاستثمار، قبل أن يدخل معترك السياسة من بوابة مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو عام 2022، ممثلًا التيار المحافظ. وبحلول عام 2024، كان قد أصبح الذراع اليمنى لترامب، ليختاره الأخير نائبًا له في الحملة الرئاسية، ويتسلم المنصب رسميًا في يناير 2025.


نقيض ترامب.. بهدوء العارف


بعيدًا عن خطابات ترامب النارية، يُعرف فانس بشخصية رزينة وهادئة، ويفضّل تقديم مواقفه عبر لغة متزنة، ما جعله يحظى بتقدير حتى من خصومه السياسيين. ومع مرور الوقت، بدأت بصماته تتضح في ملفات شائكة، أبرزها الهجرة، والتعليم، والسياسات الاقتصادية، فضلًا عن مساهماته المتزايدة في ملفات السياسة الخارجية، ما جعله يحظى بوزن خاص داخل الإدارة الأميركية.


"الحلم الأميركي".. على هيئة رجل


لا يرى كثيرون في قصة جي. دي. فانس مجرد سيرة ذاتية، بل تجسيدًا حيًا لـ"الحلم الأميركي" في أبهى صوره: شاب نشأ في بيئة فقيرة مفككة، يتحدى مصاعب الطفولة، يلمع في التعليم، ويصعد في السياسة حتى يلامس هرم السلطة.


وإذا ما قرر الترشح بالفعل في انتخابات عام 2028، فقد تكون رحلته السياسية واحدة من أكثر القصص إثارة في التاريخ الحديث للولايات المتحدة، وربما تمهّد لعصر جديد من "الترامبية المُعدّلة" بقيادة أكثر هدوءًا وحنكة.