
"قوافل الإغاثة تُسرق وتُباع.. غزة بين الجوع والفوضى"

الكاتب : سمرمنصور
سرقة مساعدات إنسانية وبيعها في السوق السوداء في غزة وسط فوضى أمنية
في مشهد يعكس عمق الأزمة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة، أفادت مصادر مطلعة بقيام مجموعات منظمة بنهب شاحنات مساعدات إنسانية فور دخولها إلى القطاع، وبيع محتوياتها في الأسواق المحلية بأسعار باهظة، وسط غياب شبه تام للرقابة الأمنية والآليات المنظمة لتوزيع المعونات.
ووفقاً لشهادات من داخل القطاع، فإن عمليات النهب لا تقتصر على أفراد مدنيين بل تشمل عناصر مسلحة، بعضها يتبع جماعات محلية منظمة. وقال أحمد.س، وهو أحد سائقي الشاحنات التي كانت ضمن القوافل الأخيرة، إنهم تعرضوا للتهديد بالسلاح وتمت مصادرة حمولة الشاحنات بالكامل قبل وصولها إلى مستودعات التوزيع الرسمية. وأضاف: "كنا نظن أننا نوصل الغذاء للأطفال، لكن وجدنا أنفسنا تحت رحمة جماعات مدججة بالسلاح تتحكم في كل شيء".
وأكد شهود عيان من سكان حي الشجاعية أن المواد الغذائية، ومن بينها الطحين وحليب الأطفال، التي يُفترض أن تصل إلى العائلات المحتاجة، تُعرض في الأسواق بعد وقت قصير من وصول القوافل، وتباع بأسعار تفوق ثلاثة أضعاف قيمتها الأصلية. وقالت أم وسام، وهي أم لخمسة أطفال، إنها شاهدت حليب الأطفال يباع في السوق بسعر 80 شيكلًا للعلبة الواحدة، في حين كان يُفترض توزيعه مجانًا ضمن المساعدات الدولية.
وحمّل عدد من الأهالي الجماعات المسلحة المسؤولية عن تعطيل وصول المساعدات إلى مستحقيها، مشيرين إلى أن بعض هذه الجماعات تفرض سيطرتها على مسارات التوزيع، وتقوم بتحديد من يتلقى المساعدة ومن يُمنع منها، في ظل غياب آليات محايدة لضمان العدالة والشفافية.
من جهتها، أعربت منظمات إنسانية عن قلقها البالغ من اتساع نطاق سرقة المساعدات، محذّرة من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى تفاقم المجاعة وارتفاع معدلات الوفيات بين الأطفال وكبار السن، خاصة في ظل شح الموارد الطبية والغذائية.
يُشار إلى أن قطاع غزة يعاني منذ شهور من أزمة إنسانية خانقة، في ظل الحصار المفروض وتوقف شبه تام للأنشطة الاقتصادية، وهو ما جعل المساعدات الإنسانية شريان الحياة الوحيد لمئات الآلاف من السكان، قبل أن تتحول بدورها إلى سلعة في سوق موازية لا ترحم الفقراء.