.jpeg)
جيانا على صفيح ساخن: انتخابات وتهديدات

الكاتب : يوسف اسماعيل
يتوجه الناخبون في دولة جيانا إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد في انتخابات تحظى بمتابعة دولية تتجاوز حجم الدولة الصغير على خريطة أمريكا الجنوبية، السبب لا يعود فقط إلى العملية الديمقراطية، بل إلى تعقيدات سياسية واقتصادية تجعل من هذه الانتخابات حدثًا له أبعاد عالمية.
جيانا، الدولة التي لا يتجاوز عدد سكانها 800 ألف نسمة، تحولت في السنوات الأخيرة إلى واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في العالم، بفضل اكتشافات نفطية هائلة في سواحلها، و من المتوقع أن يصل إنتاجها النفطي إلى أكثر من مليوني برميل يوميًا بحلول عام 2035، ما يجعلها لاعبًا مهمًا في سوق الطاقة العالمية.
الرئيس الحالي، إرفان علي، يسعى لولاية جديدة مدعومًا بإنجازات اقتصادية ووعود باستمرار التنمية، وينافسه زعيم المعارضة أوبري نورتون، بالإضافة إلى رجل الأعمال المعروف أزور الدين محمد، علي ينتمي لعائلة مسلمة من أصول هندية، ما يضيف تنوعًا ثقافيًا إلى المشهد السياسي في البلاد.
لكن الانتخابات لا تجري في أجواء عادية، التوتر الحدودي مع فنزويلا يشكل خلفية ملتهبة للعملية الانتخابية، النزاع يدور حول إقليم إيسيكويبو، وهو منطقة غنية بالنفط والمعادن، تمثل نحو ثلث مساحة جيانا، فنزويلا بقيادة نيكولاس مادورو، تواصل المطالبة بالسيادة على الإقليم، مما يزيد من احتمالات التصعيد.
ردًا على هذه التهديدات، عززت جيانا علاقاتها الدفاعية مع الولايات المتحدة، التي ترى فيها شريكًا استراتيجيًا لموازنة النفوذ الفنزويلي والصيني في المنطقة، في المقابل، لجأت فنزويلا إلى خطوات أحادية، من بينها استفتاءات محلية وتحركات سياسية، دفعت محكمة العدل الدولية للتدخل في محاولة لمنع أي تصعيد قد يهدد السلم الإقليمي.
النتائج المرتقبة للانتخابات قد تحدد مستقبل جيانا بين خيارين: الاستفادة المنظمة من ثرواتها النفطية لصالح التنمية المستدامة، أو الوقوع في فخ الصراعات والفساد تحت ما يُعرف بلعنة الموارد.
في هذا السياق، ينظر المحللون إلى السباق الرئاسي باعتباره اختبارًا حقيقيًا لمدى نضج الدولة الديمقراطي، وقدرتها على إدارة ثرواتها بفعالية، خاصة وسط تعقيدات السياسة الإقليمية والتنافس بين القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين.