
تبادل سجناء يضع باريس وطهران على المحك

الكاتب : شيماء مصطفى
تشهد العلاقات الفرنسية الإيرانية مرحلة شديدة الحساسية بعد إعلان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن صفقة لتبادل سجناء بين الجانبين تقترب من مرحلتها النهائية، هذه التطورات تأتي في وقت تتشابك فيه ملفات سياسية وأمنية وقضائية تزيد من تعقيد المشهد وتضفي على القضية أبعادا تتجاوز مجرد تبادل أفراد محتجزين.
موقف فرنسي متشدد
ورغم تصريحات عراقجي التي أوحت بقرب التوصل إلى اتفاق، تمسك وزير الخارجية الفرنسي المنتهية ولايته جان نويل بارو بموقف حازم، إذ جدد مطالبة باريس بالإفراج غير المشروط عن مواطنيها المحتجزين في إيران، ورفض بارو في مقابلة إذاعية التعليق على تفاصيل الصفقة المحتملة، مؤكدا أن فرنسا ترى في احتجاز رعاياها انتهاكا للقانون الدولي ومحاولة للضغط السياسي.
تفاصيل التبادل المقترح
تشير المعطيات المتداولة إلى أن التفاهم المطروح يشمل الإفراج عن الفرنسية سيسيل كولر البالغة أربعين عاما وزميلها جاك باريس البالغ اثنين وسبعين عاما، المحتجزين في إيران منذ مايو 2022 بتهم تتعلق بالتجسس لصالح إسرائيل، مقابل إطلاق سراح الإيرانية مهدية أصفندياري الموقوفة في فرنسا منذ فبراير الماضي بتهمة الترويج للإرهاب عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وتؤكد طهران أن أصفندياري اعتقلت ظلما، فيما تعتبر باريس أن مواطنيها رهائن دولة وتصر على أن اعتقالهما جاء في إطار ابتزاز سياسي.
مسار قضائي ودبلوماسي متشابك
توازيا مع الاتصالات الدبلوماسية، رفعت فرنسا في مايو الماضي دعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد إيران على خلفية احتجاز مواطنيها، هذه الخطوة عكست رغبة باريس في تدويل الملف واستخدام الآليات القانونية للضغط على طهران، لكنها في الوقت نفسه زادت من تعقيد أي مفاوضات مباشرة.
توتر يتجاوز ملف السجناء
القضية لا تنفصل عن سياق أوسع من التوتر بين البلدين، فقد أعلنت فرنسا في العام الماضي إحباط مخططات اغتيال مرتبطة بإيران على أراضيها، وهو ما أثار قلقا أمنيا ودفع باريس إلى تشديد موقفها من طهران، كما يأتي هذا التصعيد في وقت تواجه فيه إيران انتقادات غربية واسعة بسبب برامجها النووية وأنشطتها الإقليمية.
حسابات سياسية متبادلة
يرى مراقبون أن طهران تستخدم ورقة المعتقلين الأجانب لتعزيز موقفها التفاوضي في ملفات أكبر مثل العقوبات والبرنامج النووي، بينما تحاول باريس تحقيق توازن بين حماية مواطنيها والحفاظ على قنوات حوار مفتوحة مع إيران.
ورغم اقتراب الصفقة من نهايتها، يبقى الغموض سيد الموقف حول توقيتها وشروطها النهائية، خصوصا مع استمرار تمسك فرنسا بمطلب الإفراج غير المشروط وحرص إيران على تصوير الاتفاق كإنجاز سياسي يعزز موقعها في مواجهة الضغوط الغربية.
مستقبل العلاقات
نجاح هذه الصفقة قد يفتح نافذة لخفض التوتر بين باريس وطهران لكنه لن يبدد الخلافات العميقة حول الملفات النووية والأمنية، أما فشلها فسيزيد من حدة المواجهة الدبلوماسية ويؤكد أن ملف السجناء ما هو إلا أحد تجليات صراع أوسع بين إيران والغرب.