المصدر / القاهرة: غربة ينوز
في غزة، لا يختار الموت طريقًا واحدًا. القصف، الجوع، والعطش باتوا أوجهًا مختلفة لنهاية واحدة، لكن هذا الموت الذي يزحف بهدوء نحو مرضى الكلى كان الأبطأ، والأقسى.
في أحد أحياء شمال القطاع، كان مركز نورة الكعبي لغسيل الكلى آخر أمل لمئات المرضى، الذين يقاتلون مرضًا لا يُشفى منه، لكنه يُدار بالأجهزة والرعاية. اليوم، لم يعد هذا المركز قائمًا. نسفته غارة إسرائيلية، كما تؤكد المصادر الطبية، ولم تبقِ منه سوى الرماد.
ومع كل مركز يُدمر، يخسر المرضى في غزة معركتهم مع الوقت. أكثر من 41% من مرضى الفشل الكلوي في القطاع قضوا خلال الحرب، ليس بفعل الإصابة المباشرة، بل لأنهم لم يجدوا طريقًا إلى جلسة غسيل تنقذهم.
“ماتوا بصمت”، تقول مصادر طبية رفضت الكشف عن اسمها، مضيفة أن معظم الوفيات وقعت في الأسابيع الأولى من الحرب، حين انهارت خطوط الإمداد، وانقطعت الكهرباء، وتحوّلت المستشفيات إلى أهداف.
لكن الكارثة لا تتوقف هنا. ما تصفه المصادر بـ"المنهجية الواضحة" لتفريغ شمال القطاع من المرافق الصحية التخصصية، يعمّق الجرح. لم يعد هناك مكان آمن لمرضى يحتاجون إلى جهاز، وممرض، وكهرباء، لا أكثر.
تقول المصادر إن ما يحدث "كارثة إنسانية لا يمكن تصور عواقبها"، فالعلاج لم يعد خيارًا، بل معجزة لا تتكرر. أما المريض، فعليه أن يختار: المغامرة نحو الجنوب حيث القصف لا يرحم، أو انتظار الموت بين جدران منزله.