المصدر / وكالات
كتب محمد يونس*: أعلنت الحكومة الإسرائيلية، في الأسبوع الأول من تنصيب الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، خطة لبناء 560 وحدة استيطانية في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، وأعلنت في الأسبوع التالي خطة لبناء 2500 وحدة استيطانية أخرى، ولم يصدر عن البيت الأبيض، في الحالين، أي بيان أو تصريح استنكاري، كما دأبت عليه الإدارات الأميركية المتعاقبة التي اتبعت منذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1967 سياسة تقوم على اعتبار الاستيطان غير قانوني.
ويخشى الفلسطينيون أن تستغل الحكومة الإسرائيلية فترة رئاسة ترامب في تنفيذ خطط استراتيجية مؤجلة لضم نصف الضفة الغربية، من دون مواجهة أي اعتراض دولي مؤثر. وتشمل هذه الخطط التي لا تخفيها الحكومة الإسرائيلية، استكمال تهويد القدس الشرقية، وضم الكتل الاستيطانية، وإقامة مستوطنة (ي1) التي تقضي على آخر نقطة تواصل جغرافي بين شمال ووسط الضفة الغربية وجنوبها، وفرض السيادة الأمنية على الأغوار التي تشكل 28 في المئة من مساحة الضفة الغربية، وتوسيع المستوطنات التي تحيط بالمدن الكبيرة مثل نابلس والخليل وبيت لحم وطولكرم وقلقيلية وتحويلها إلى «كانتونات».
وتركّزت مشاريع البناء الجديدة ليس فقط في الكتل الاستيطانية الكبيرة التي تعلن حكومة نتانياهو أنها ستضمها مستقبلاً إلى إسرائيل، وإنما أيضاً في مستوطنات تقع في قلب الضفة الغربية مثل مستوطنة «بيت ايل» الملاصقة لمدينة رام الله والتي لا تبعد عن بيت الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكثر من كيلومتر واحد، وهو ما يفسّر مخاوف الفلسطينيين.
ودأبت الحكومات الأميركية المتعاقبة على الإعلان عن رفض البناء الإسرائيلي في المستوطنات. وكانت إدارة الرئيس باراك أوباما وقفت بشدة ضد مشروع بناء مستوطنة (ي1) التي اعتبرتها العائق الأخير أمام إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافياً في أي حل سياسي مستقبلي. ومثّل قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2334 ذروة الاعتراض الأميركي على السياسة الاستيطانية، لكن موقف ترامب الذي عارض القرار أثار قلق الفلسطينيين من إعطائه الإسرائيليين ضوءاً أخضر لمواصلة تنفيذ خططهم الاستراتيجية المؤجلة خلال فترة حكمه.
ويقول المسؤولون الفلسطينيون إنهم أعدّوا سلسلة خطوات لمواجهة السياسة الاستيطانية الإسرائيلية في المرحلة المقبلة. وقال وزير الخارجية الدكتور رياض المالكي إن السلطة الفلسطينية تسعى إلى مواجهة السياسة الاستيطانية بقوة في المحافل الدولية. وأضاف: «بدأنا في مجلس الأمن الدولي، حيث طلبت بوليفيا من المجلس نقاش مشاريع البناء الاستيطانية الإسرائيلية الأخيرة، بناء على طلب منا، هذه قضية مصيرية للشعب الفلسطيني، وهي تقرر مصير دولته ومستقبله، لذلك سنواصل الطلب لبحثها كل يوم في مجلس الأمن، ولدينا ما يبرر هذا الطلب وهو الخرق الإسرائيلي الصارخ لقرار مجلس الأمن الرقم 2334».
وتشمل الخطط الفلسطينية أيضاً الانتقال من الجلسات السرية المخصصة لمناقشة مشاريع البناء الاستيطاني الإسرائيلي، إلى الجلسات العلنية لمجلس الأمن، وفي حال عدم تحقيق تقدّم الانتقال منه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت بند «متحدون من أجل السلام» الذي يتيح للجمعية اتخاذ قرارات تماثل في قوتها قرارات مجلس الأمن. وتشمل الخطوات الفلسطينية أيضاً إحالة موضوع الاستيطان على محكمة الجنايات الدولية. وقال المالكي، في هذا الإطار، إن الجانب الفلسطيني سيقدم إحالة على محكمة الجنايات الدولية في موضوع الاستيطان الأسبوع المقبل. وكانت المحكمة فتحت قبل أكثر من عام تحقيقاً أولياً في موضوع الاستيطان، لكن الجانب الفلسطيني يعتقد أن قرار مجلس الأمن الأخير الرقم 2334 وخطط البناء الإسرائيلية الأخيرة التي تشكّل خرقاً واضحاً له، ستسرع من إجراءات المحكمة.
وأعلن الرئيس محمود عباس، لدى افتتاح أعمال «المجلس الثوري» لحركة "فتح"، الخميس، في رام الله أن مشاريع البناء الإسرائيلية الأخيرة «ستكون لها تداعيات مهمة وخطيرة». وأضاف: «نجري مشاورات موسعة مع بعض الأشقاء العرب والأصدقاء لتحريك هذا الملف الخطير دولياً، وسنتخذ خطوات لمنعه». وقال عباس إن الجانب الفلسطيني سيسعى في المرحلة المقبلة إلى الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، معتبراً ذلك أحد الوسائل الفاعلة في مواجهة خطط الضم والتهويد الإسرائيلية.
عن الحياة اللندنية