المصدر / وكالات - هيا
حالة من الفرح الحذر سادت ساحة الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش بالخرطوم عقب مفاوضات اليوم الثاني، في انتظار جولة حاسمة اليوم الأربعاء ستشهد مراسم التوقيع على اتفاق نهائي بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري.
وما إن انتهى المؤتمر الصحفي المشترك الذي أعلن فيه الطرفان الاتفاق على أغلب المسائل الخلافية، وأبرزها صلاحيات مستويات الحكم الثلاثة السيادي والتنفيذي والتشريعي، ومدة الفترة الانتقالية لتكون ثلاث سنوات، حتى عمت أجواء من الاحتفالات ميدان الاعتصام.
وبثت مكبرات الصوت على طول ساحة الاعتصام برنامجا تنويريا من على منصة المسرح الرئيسي للاعتصام بشّر من خلاله متحدثون باسم إعلان الحرية والتغيير بملامح الاتفاق، لكنهم أكدوا تواصل الاعتصام حتى خروج مفاوضيهم من جولة ثالثة اليوم الأربعاء.
وردد المعتصمون النشيد الوطني ولوحوا بأعلام السودان وسط أجواء احتفائية تخللتها الأغاني الوطنية، وعانق المعتصمون بعضهم بعضا وهم يغالبون دموعهم بعد يوم دامٍ فقدوا فيه عددا من رفقائهم على المتاريس.
وشهد الشارع الذي تطل عليه مقار الحكومة بما فيها القصر الرئاسي، أحداثا دامية ليلة الاثنين راح ضحيتها 5 معتصمين وضابط في الجيش إلى جانب أكثر من 120 مصابا.
وجرت الجولة الثانية في ظل تصعيد بلغ مداه في شوارع الخرطوم يوم الثلاثاء من قبل المعتصمين بعد نحو خمسة أسابيع من الاعتصام.
ووصل الاعتصام ذروته بتشييد متاريس حتى ما بعد شارع المك نمر غربا، وفرض الثوار سيطرتهم الكاملة على شارع النيل حتى مشارف وزارة الخارجية، مع إغلاق جسرين حيويين شهدا ذات عمليات التفتيش في منطقة الاعتصام.
وصعد المحتجون من وتيرة احتجاج من الممكن أن يؤدي إلى نجاح خططهم التصعيدية بعصيان مدني، ونجحوا في إغلاق جسر النيل الأزرق وجسر المك نمر، فضلا عن قطع الطرق الرئاسية في مدن ولاية الخرطوم بالمتاريس وحرق الإطارات.
وبعد إعلان الاتفاق شددت لجان التأمين داخل ساحة الاعتصام على حماية المتاريس وتقويتها تحسبا لأي تحركات "يائسة".
ومع حلول ليل الثلاثاء تم سحب قوات الدعم السريع من شارع النيل واستبدالها بقوات المدفعية التابعة للجيش التي وصلت مقر الاعتصام بالخرطوم قادمة من عطبرة قبيل الإفطار.
وتمركزت مصفحات على متنها عناصر سلاح المدفعية في نقاط متفرقة على امتداد شارع النيل الذي شهد توترات لافتة بين المعتصمين وقوات الدعم السريع.
وتزايدت الاتهامات لقوات الدعم السريع بإطلاق النار على المعتصمين مساء الاثنين في شارع النيل، خاصة بعد أن اتهمت قيادات في قوى الحرية والتغيير في مؤتمر صحفي مساء أمس القوات التي يقودها الفريق أول محمد حمدان حميدتي بقتل المعتصمين، وحملت المجلس العسكري المسؤولية.
فك الاعتصام
ومع استمرار حالة التعبئة حتى صباح الأربعاء وإغلاق الطرق الرئيسية المؤدية لشارع قيادة الجيش شرقي وسط الخرطوم، يرهن المعتصمون فض اعتصامهم بنتائج جولة مراسم حاسمة بعد جولة أخيرة بعد ساعات.
وأكثر الأسئلة المقلقة التي يطرحها المعتصمون تتعلق بعدم إعلان نسب المجلس السيادي خلال جولتي الاثنين والثلاثاء.
وينتظر المعتصمون أن تعلن أطراف التفاوض اليوم الأربعاء نسب التمثيل في المجلس السيادي الذي يرجح أن يكون مناصفة بين العسكر وقوى الحرية والتغيير، لكن قطعا فإن المحتجين يأملون أن يكون رئيسه من المدنيين.
وبحسب مفاوض في قوى الحرية والتغيير للجزيرة نت، فإن اتفاقا جرى التوصل إليه بتشكيل مجلس أمن يرأسه رئيس المجلس السيادي ويتكون من رئيس الوزراء إلى جانب وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والمالية.
ويشدد المفاوض الذي تحفظ عن ذكر اسمه، على أن وزارة الدفاع ستذهب للجيش والداخلية للشرطة.
وتشير الجزيرة نت إلى أنه ورغم التوصل لاتفاق بشأن مجلس الأمن منذ يوم الاثنين، فإنه لم يعلن عنه خلال المؤتمرات الصحفية التي أعقبت الجولتين الماضيتين.
وسيقوم المجلس الأمني بإعادة هيكلة القوات العسكرية، واستيعاب جيوش الحركات المسلحة في دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق في الجيش القومي.
وكانت وساطة مكونة من شخصيات قومية قد اقترحت مجلسا أمنيا الأغلبية فيه للعسكريين بعد تصاعد خلافات بين مفاوضي المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير حول نسب العسكريين والمدنيين في المجلس السيادي.
لكن يبدو أن اتفاق الطرفين الاثنين الماضي على هياكل الفترة الانتقالية واختصاصاتها، خاصة فيما يلي منح المجلس التشريعي ورئيس مجلس الوزراء صلاحيات واسعة مقابل صلاحيات تشريفية وتمثيلية للمجلس السيادي، سهل الوصول لاتفاقات على بقية القضايا العالقة.
ومع ترقب توصل الأطراف إلى اتفاق كامل ونهائي اليوم الأربعاء، ينتظر الإعلان رسميا عن الاحتفال بثورة السودانيين التي امتدت لخمسة أشهر متصلة، ومن ثم البدء في إجراءات فك الاعتصام تدريجيا بعد أن تسبب في شل الحركة في الخرطوم وحبس أنفاس الثوار.
وبدأ السودانيون اعتصامهم أمام مقر قيادة الجيش في السادس من أبريل/نيسان الماضي.
وفي الـ11 من الشهر ذاته أطاح الجيش بالرئيس عمر بالبشير على وقع احتجاجات استمرت منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي للمطالبة برحيله، لكن المعتصمين يرفضون المغادرة قبل تسليم السلطة للمدنيين.