المصدر / وكالات - هيا
محمد الجزائري–ريف حلب
تصدرت دمشق قائمة أسوأ المدن للعيش في العالم، حسب تصنيف مجلة إيكونوميست؛ فالذي يعيش فيها يجد قلة الأمان والفساد المنتشر في المؤسسات الحكومية وسطوة النظام، علاوة على الوضع المعيشي المتردي.
عاطف موظف في محافظة دمشق، سافر أبناؤه خارج سوريا هربا من الخدمة العسكرية. أبناؤه كانوا يساعدونه ماديا من عملهم، فأصبحت على عاتقه مصاريف كثيرة كأجرة منزله ومصاريف حياته اليومية، في حين أن راتبه لا يكاد يغطي نصف المصاريف.
يقول عاطف "زوجتي تركتني وطلبت الطلاق لعدم تحملها الحياة مع موظف راتبه محدود مع الإضافي والحوافز لا يكفي لسداد أجرة المنزل والعيش لنهاية الشهر".
وأضاف "أولادي سافروا ولا يرسلون لي أي مساعدة مادية لما سيترتب على ذلك من مساءلة أمنية، ولربما مواجهة تهمة التعامل بالنقد الأجنبي واستجلاب الدعم لمحاربة النظام والإخلال بالاقتصاد، فحيازة الدولار أشبه بحيازة السلاح".
مناطق المعارضة
تختلف الصعوبات بين مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة المعارضة، ففي الشمال السوري الخارج عن سيطرة النظام يعتمد التجار التعامل بالدولار لاستقراره مقارنة بالعملة السورية، وهي ظاهرة بدأت الانتشار في مجمل المحال التجارية، مما شكل عبئا على الأهالي.
اعلان
عبد الله أحد المهجرين إلى الشمال السوري لم يكمل دراسته، منعته ظروف الحرب من اتقان مهنة ليعيش منها، فاقتحم مجال تجارة الزيت بريف حلب الشمالي.
يقول عبد الله "عملنا أصبح مغامرة يومية بسبب عدم استقرار الليرة السورية، وفرض الشراء من التجار بالدولار والبيع بالليرة السورية، وأرى أن الحل الوحيد هو التعامل بالليرة التركية في عموم الشمال السوري كونها الدولة الأقرب، كما أن قيمة الليرة التركية أقل من الدولار ويمكن طرحها بالسوق بشكل سلس".
تجاوز سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي خلال الأيام الماضية حد السبعمئة، ليكون بذلك أدنى سعر صرف تصل إليه الليرة في تاريخ البلاد.
مسار التراجع هذا لا يتوقع أنه سيقف عند هذه الحدود، مما سيؤدي إلى مزيد من انخفاض القدرة الشرائية لعموم السوريين.
تقول المواقع المقربة من النظام السوري إن السوق السوداء التي نشطت بشكل كبير خلال السنوات الثماني الماضية هي سبب الإضرار بقيمة الليرة السورية واقتصاد البلاد، في حين يرى محللون أن أسبابا عديدة وراء هذا الانخفاض، ويتعلق بعضها بشخصيات مقربة من عائلة الأسد والتجارة العامة.
ويقول الكاتب والصحفي السوري عدنان عبد الرزاق "أتوقع أن الاحتياطي الأجنبي في المصرف المركزي السوري تبدد بالمطلق، بدليل أن نظام الأسد بدأ يوكل عمليات استيراد المشتقات النفطية والقمح، وما كانت تستورده الدولة، للقطاع الخاص".
وأضاف عبد الرزاق أن أسباب تراجع سعر صرف الليرة ترجع إلى أن معظم التجار كانوا أبرموا عقود استيراد سابقة مع شركات أو جهات خارجية، مما يلزمهم بالدفع بالدولار، ويدفعهم للجوء إلى السوق السوداء.
يرى محللون أن الليرة السورية سيستمر انكسارها مع استمرار العقوبات الاقتصادية على النظام، الذي يتوجه أساسا لتمويل حربه ضد الثورة السورية بدل دعم اقتصاده المنهار، واستمرار سيطرة الوحدات الكردية على أهم آبار النفط شرقي سوريا، التي من شأنها أن تغطي حاجة سوريا من المشتقات النفطية بدل استيرادها.