المصدر / وكالات - هيا
تصاعد حجم التوتر بين الأردن وإسرائيل مع اقتراب تنفيذ خطة الضم الإسرائيلية للأغوار والضفة الغربية رسمياً، وبموازاة ذلك كثر الحديث عن سيناريو المواجهة العسكرية بين الطرفين.
وهذا ما عززته تصريحات وضغوط وتسريبات متبادلة من قبيل الإشارة إلى تحركات عسكرية إسرائيلية في مناطق الأغوار والضفة، قابلها الحديث عن إجراءات مماثلة من الطرف الأردني. حسب ما نشرت صحيفة "اندبندنت عربية" يوم السبت.
مواجهة دبلوماسية وحتى اللحظة، اكتفى الأردن بزيادة منسوب حراكه الدبلوماسي عربياً ودولياً.
إذ قام وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بزيارة غير معلن عنها مسبقاً إلى رام الله، التقى فيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس وسلمه خلالها رسالة من العاهل الأردني، قيل إنها في إطار تنسيق المواقف الأردنية الفلسطينية، كما حظي الأردن بدعم خليجي واضح من قبل السعودية والإمارات والبحرين.
مراقبون اعتبروا الزيارة رسالة واضحة على حجم الغضب الأردني وما يحمله من دلالات كثيرة كوصول الصفدي إلى الأراضي الفلسطينية على متن مروحية عسكرية أردنية.
في وقت صعّد العاهل الأردني من لهجته مجدداً حيال إسرائيل، قائلاً خلال لقائه أعضاء من الكونغرس الأميركي إن خطة الضم الإسرائيلية تهدد الاستقرار في الشرق الأوسط.
وكان الملك الأردني قال بوضوح قبل أشهر خلال لقائه بمجلة "دير شبيغل" الألمانية إن قرار الضم سيؤدي إلى صدام كبير مع بلاده، وأنه لا يريد إطلاق التهديدات لكن جميع الخيارات متاحة.
قبلها بساعات كان وزير الإعلام الأردني أمجد العضايلة يطلق تصريحات مفاجئة فهم منها التلويح بالمواجهة العسكرية، حينما قال إن الأردن سيرد إذا نفذ الاحتلال الإسرائيلي قرار الضم وإن المنطقة لن تهدأ وإسرائيل لن تستقر.
وكانت تغريدة للإعلامي الإسرائيلي إيدي كوهين على تويتر أثارت غضب الأردنيين، بعدما هدّد فيها باحتلال الجيش الإسرائيلي للأردن خلال ثلاث ساعات، ما دفع كثيرين للمطالبة برد عسكري ضد إسرائيل، من بينهم النائب يحيى السعود الذي طالب بحرب مع إسرائيل.
كما ردّ قائد الجيش الأردني الأسبق خالد الصرايرة على تغريدة كوهين، بالقول إن الأردن مستعدة لقتال الجيش الإسرائيلي وليس بالطريقة التقليدية، داعياً إلى تأسيس جيش شعبي وإعادة تفعيل التجنيد الإجباري في البلاد.
ليست في مصلحة الأردن قال المحلل العسكري فايز الدويري لـ "اندبندنت عربية" إن الأردن لا يتمنى لقاء العدو ولا يسعى إلى الحرب، بخاصة في الظروف الحالية غير المؤاتية، حيث يغيب أي دعم عسكري أو اقتصادي لتكاليف هذه المواجهة، لكن إذا فرضت عليه أي مواجهة عسكرية فلا خيار أمامه سوى القتال.
وأضاف "نحن في أسوأ الأوضاع وحرب من هذه النوع ليست في مصلحة الأردن، لأن القدرات الأردنية العسكرية لا تستطيع مواجهة الجيش الإسرائيلي القادر والمستعد للقتال على ثلاث جبهات في آن معاً".
لكن الدويري في المقابل يرى أن لدى الأردن عوامل قوة ملموسة في حال المواجهة العسكرية كارتباط الأردني بأرضه ودفاعه عنها، وهذا كفيل بجعل أي حرب تفرض عليه بمثابة محرقة للإسرائيليين.
وهنا يتحدث الدويري عما سمّاها حرب الجيل الرابع أو حرب العصابات والمقاومة الشعبية، وهي حرب ليست في مصلحة الإسرائيليين بخلاف الحرب التقليدية التي تتفوق فيها إسرائيل تماماً.
ويرى الدويري، وهو جنرال متقاعد من الجيش الأردني، أن كل ما يقال في هذا السياق ليس أكثر من مجرد جسّ للنبض ومحاولة للضغط على الأردن لتغيير مواقفه السياسية، مضيفاً "إذا بدأت إسرائيل الحرب، فإن الأردن هو من سينهيها"، داعياً الشعب الفلسطيني إلى إطلاق انتفاضة جديدة وتنسيق المواقف السياسية بين القيادات الأردنية والفلسطينية لمواجهة إسرائيل.
خيار مكلف ولكن يرى الكاتب والمحلل السياسي زيد النوايسة أنه من المبكر الحديث عن سيناريو الصدام العسكري بين الأردن وإسرائيل، لكن هذا لا ينفي استبعاده بالمطلق في حال تعرض الأردن لتهديد يتعلق بأمنه القومي ومصالحه الإستراتيجية.
يضيف النوايسة لـ "اندبندنت عربية"، أن "الأردن يقرأ المشهد بدقة ويوازن بين قدرته على إجهاض وإحباط الرغبة الإسرائيلية، التي تنوي حكومة بنيامين نتنياهو إنجازها من خلال التحرك عالمياً وإقليمياً وعربياً بأدوات سياسية وحتى من خلال قوى وأحزاب إسرائيلية يمكن أن تضبط اندفاعة نتنياهو".
ويؤكد النوايسة أن الأردن لديه سجل مشرف في كل المعارك ضد الاحتلال الإسرائيلي، والجيش العربي الأردني جيش محترف لديه عقيدة قتالية واضحة وإمكانيات عسكرية متميزة، وهو بحسب التصنيفات العالمية من أهم وأقوى جيوش المنطقة وقادر على صد أي عدوان يستهدف الدولة، وخاض معارك ضد الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948. ويختم نوايسة بالقول إن المناخ العام في المنطقة متوتر ولكن الخيارات الصفرية مكلفة وكارثية على المنطقة.
ضغوط أميركية أردنية متبادلة ويبدو أن الولايات المتحدة تمارس بدورها الضغوط على الأردن عبر بوابة المساعدات، حيث تزامنت مطالبة واشنطن بتسليم أسيرة أردنية محررة مع المعركة الدبلوماسية التي تخوضها المملكة لوقف خطة الضم الإسرائيلية.
وتتحدث تقارير صحافية عن دراسة إدارة الرئيس دونالد ترامب حجب المساعدات عن الأردن، لتسليم امرأة مدانة في إسرائيل بتهمة ضلوعها في تفجير عام 2001 قتل 15 شخصاً بينهم مواطنان أميركيان.
ومن المرجح أن يكون هذا الملف قد طرح خلال لقاء الملك الأردني بلجان عدة في الكونغرس الأميركي للتعبير عن معارضته خطط إسرائيل ضم أجزاء من الضفة الغربية لها.
لكن الكاتب والمحلل السياسي ماهر أبو طير يرى في الزيارات الملكية لواشنطن ضغوطاً أردنية في المقابل على إدارة ترامب، وليست مجرد نقاهة.
ويتحدث أبو طير عن حجم وتأثير الملك الأردني لدى واشنطن، إذ إن علاقات الأردن السابقة داخل الولايات المتحدة كانت تركز على الإدارة الأميركية في البيت الأبيض، وعلاقات عسكرية وأمنية، فيما الفرق الذي صنعه الملك، يرتبط بشبكة حماية واسعة وممتدة لمصالح الأردن، تمت صناعته على يديه وتجاوز البيت الأبيض نحو الكونغرس، واللجان المتخصصة داخله، فضلاً عن جماعات الضغط، ومراكز اللوبي، ومراكز think tank التي تؤثر في القرار في الولايات المتحدة، والحزبين الجمهوري والديمقراطي، وبقية المؤسسات.
يكشف أبو طير عن حملة مكثفة يقودها الملك الأردني ضد الحكومة الإسرائيلية، من خلال تحشيد الأوروبيين والعرب، وبدء اتصالات مع لجان الكونغرس، وصولاً إلى رئيسة مجلس النواب الأميركي، وأعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، ولجنتي الشؤون الخارجية والخدمات العسكرية في مجلس النواب.
الجيش الأردني يحتل الجيش الأردني المرتبة رقم 72 على قائمة أقوى جيوش العالم التي تضم 133 دولة، وفق ما نشر موقع "غلوبال فير بور" الأميركي عام 2018، ويصل عديد جنود الجيش الأردني إلى نحو 200 ألف شخص، منهم 65 ألفاً في قوات الاحتياط.
وتمتلك القوات الجوية الأردنية 260 طائرة حربية، بينها 46 مقاتلة و74 طائرة هجومية، إضافة إلى طائرات الشحن العسكري وطائرات التدريب.
ويمتلك الجيش الأردني 134 مروحية بينها 47 مروحية هجومية. كما يمتلك الأردن 1321 دبابة و2547 مدرعة، إضافة إلى 461 مدفعاً ذاتي الحركة و72 مدفعاً ميدانياً، و88 منصة إطلاق صواريخ متعددة.
ويتكون الأسطول الأردني من 37 سفينة حربية، بينها 27 سفينة دورية.
وتعدّ القوات البرية الأردنية عماد الجيش الأردني وقد شهدت القتال ضد إسرائيل في الأعوام 1948، 1956، 1967، و1974 ومن أبرز المعارك التي خاضتها كانت معركة الكرامة عام 1968 والتي حقق فيها الجيش الأردني انتصاراً عسكرياً كبيراً.
وشارك الجيش الأردني في العديد من المناورات العسكرية الدولية المهمة من أبرزها مناورات الأسد المتأهب، وينتشر الجيش الأردني في مناطق مثل ساحل العاج، دارفور، هايتي، أفغانستان ضمن قوات حفظ السلام، وتبلغ ميزانيته السنوية نحو مليار ونصف المليار دولار.