المصدر / وكالات - هيا
حذر خبراء أميركيون من تبعات تصريحات الرئيس دونالد ترامب حول سد النهضة التي اعتبروها دافعا لزيادة التوتر المصري الإثيوبي، في حين حذر عدد منهم من أن يكون ترامب قد وفر مبررا لهجوم مصري عسكري على سد النهضة الإثيوبي.
ومثلت تصريحات الرئيس دونالد ترامب المتعلقة بملف سد النهضة صدمة كبيرة للدوائر الأميركية المهتمة بالشؤون الأفريقية وملف نهر النيل.
وكان الرئيس ترامب قد انتقد أول أمس إثيوبيا على خلفية بنائها السد على نهر النيل، وذكر أن مصر قد "تعمد إلى تفجيره" بحسب قوله.
جاءت تصريحات ترامب أثناء تحدثه هاتفيا أمام الصحفيين وأثناء بث حي مباشر من داخل المكتب البيضاوي في البيت الأبيض مع قادة السودان وإسرائيل، بعد إعلانه اتفاق تطبيع العلاقات بين الدولتين.
وقال ترامب "إنه وضع خطِر جدا لأن مصر لن تكون قادرة على العيش بهذه الطريقة"، وأضاف "سينتهي بهم الأمر إلى تفجير السد. قُلتها وأقولها بصوت عالٍ وواضح: سيُفجرون هذا السد. وعليهم أن يفعلوا شيئا".
آراء مسؤولين سابقين وخبراء
وأجمع من تحدثت إليهم الجزيرة نت أن ما ذكره الرئيس ترامب قد يدفع بالنزاع المصري الإثيوبي حول قضية مياه النيل وسد النهضة إلى مزيد من التوتر وعدم الاستقرار.
وتحدث كاميرون هادسون، المسؤول السابق بوكالة الاستخبارات المركزية والبيت الأبيض، الخبير حاليا في الشؤون الأفريقية بالمعهد الأطلسي للجزيرة نت حول تصريحات ترامب وقال "جاءت ملاحظات ترامب مستهترة وغير مسؤولة، وهي تأكيد لعدم حيادية الدور الأميركي في عملية التفاوض، وانحيازه للجانب المصري. هذه التصريحات من شأنها تصعيد التوترات بالمنطقة في وقت كان ينبغي فيه لترامب استغلال منصبه لخفض درجة التوتر بين الطرفين، أو على الأقل الالتزام بالحياد".
وانتقد أنتوني بلينكن، كبير مستشاري جوزيف بايدن للشؤون الخارجية، تصريحات الرئيس ترامب، وغرد "الكلمات مهمة بصورة كبيرة خاصة عندما تخرج على لسان الرئيس الأميركي، ما قاله ترامب من أن مصر قد تدمر سد النهضة تعد كلمات متهورة وتقوض دور الولايات المتحدة في المفاوضات حول سد النهضة بين مصر وإثيوبيا".
واتفق جود ديفيرمونت، رئيس برنامج أفريقيا بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS) بواشنطن، في حديث له مع الجزيرة نت، مع ما سبق، وقال "كانت تصريحات الرئيس ترامب غير مسؤولة ومتهورة، ترامب يخاطر بتصعيد التوترات بين إثيوبيا ومصر. (إن) ما ذكره ترامب يوفر مبررا علنيا لهجوم مصري على سد النهضة الإثيوبي. إنه أمر صادم لأن الولايات المتحدة طرف في المحادثات، وتسعى ظاهريا إلى التوسط للتوصل إلى اتفاق عادل بين الدولتين والسودان. وقد أضرت تصريحات ترامب بالعلاقات الأميركية مع أديس أبابا التي اعتبرت واشنطن قريبة جدا من القاهرة في هذا النزاع".
في حين اعتبر ديفيد دي روش -الأستاذ بجامعة الدفاع الوطني التابعة لوزارة الدفاع (البنتاغون)- في حديث مع الجزيرة نت أن الرئيس ترامب "ليس معروفا بضبطه لملاحظاته أو لما لا يجب أن يتطرق إليه. أنا متأكد من أنه قد تم إطلاعه على أن مهاجمة مصر للسد هو أمر ممكن، وهو غالبا ما يتحدث بشكل غير معتدل وينتقل مباشرة إلى أسوأ سيناريو يطلع عليه".
أما ديفيد ماك، السفير الأميركي السابق، مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، فقد ذكر في حديث للجزيرة نت "أن ما صدر عن ترامب يعد نموذجا لما يصدر منه عندما يتحدث أمام الكاميرات، حيث يبدأ الحديث عن شيء واحد ثم يقفز إلى كل ما يأتي في رأسه عندما يتم طرح سؤال حول موضوع آخر. ولا يبدو ترامب كمن يفهم تأثير ما يصدر عنه على السياسة الأميركية والآثار المترتبة على ذلك بالنسبة للحكومات الأخرى. (إن) ما جرى يجعل من الصعب جدا على وزير الخارجية وبقية أفرع الحكومة الأميركية أن يلعبوا دورا مفيدا في التعامل مع الصراعات الدولية".
في حين اعتبر تشارلز دان، المسؤول السابق بمجلس الأمن القومي، الخبير بمعهد الشرق الأوسط، أن تصريحات ترامب "غير مسؤولة ومتهورة، لكن في الوقت ذاته أشك في أن المصريين يمكن أن ينفذوا هذه الضربة حتى لو أرادوا ذلك".
جدير بالذكر أن إدارة ترامب قد علّقت في بداية الشهر الماضي تقديم جزء من مساعداتها المالية لإثيوبيا، بعد قرار أديس أبابا الأحادي ملء سد النهضة على الرغم من عدم إحراز تقدم في المفاوضات مع مصر والسودان، والتي شاركت فيها الولايات الدول بصفة مراقب.