المصدر / وكالات
اقتحمت القوات الأمنية التركية المقر العام لصحيفة زمان أكبر الصحف التركية باستخدام كل أنواع العنف عقب صدور قرار بمصادرتها صباح أمس الجمعة.
وجاء الوصاة المعينون إلى مقر الصحيفة برفقة سيارات مدرعة وفرق أمنية لتنفيذ هذا القرار التعسفي الذي استهدف تقويض حرية الصحافة في البلاد، واغتيال الديمقرطية والحرية.
واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع حتى بعد الدخول إلى داخل المبنى، الأمر الذي أثار استياء كبيراً لدى جميع الأطراف في تركيا.
وتدخلت قوات مكافحة الشغب ضد المتظاهرين المتضامنين مع الصحيفة، مستخدمة غازاً كثيفاً مسيلاً للدموع ورصاصات مطاطية وخراطيم المياه.وأصدرت السلطات التركية قراراً بتعيين وصي على القلعة الأخيرة لحرية الصحافة صحيفة" زمان" الأكثر مبيعاً في البلاد.
وكانت الصحفية تتعرض منذ عامين لضغوط كبيرة لمنعها من نشر الحقائق بعد أن أخضع الرئيس رجب طيب أردوغان كل وسائل الإعلام الأخرى لإرادته إما عن طريق فرض غرامات مالية أو منح أموال طائلة.
وتأتي هذه الخطوة التعسفية التي استهدفت صحيفة" زمان" بعد اغتصاب مجموعة "إيباك" الإعلامية العام الماضي، ومن ثم الدفع بها إلى الإفلاس، إذ أغلق الوصاة المعينون عليها كل الصحف والقنوات التلفزيونية العاملة تحت مظلتها قبل أيام.
وعقب الإعلان عن تعيين وصي على صحيفة" زمان" هرع الآلاف من قراء الصحيفة إلى التجمع أمام مقرها العام بمدينة إسطنبول للاحتجاج على القرار غير القانوني الذي ينتهك حرية الصحافة بشكل صارخ.
واعتبرت الأحزاب السياسية والأوساط الديمقرطية القرار التعسفي الذي صدر بأوامر أردوغان ضربة قاصمة موجهة ضد الديمقراطية وحرية الرأي والفكر.
صحيفة زمان، وصاية، أردوغان، تركيا، حرية الصحافة
ومن جهة أخرى،ودعت الخارجية الأمريكية الحكومة التركية لمراعاة المعايير الدولية والدستور الوطني التركي، وعبرت عن قلقها من إغلاق أنقرة وسائل إعلام معارضة.
فأعلن الناطق الرسمي باسم الخارجية الأمريكية، جون كيربي، أن سلطات بلاده قلقة من إغلاق عدة وسائل إعلام تركية كبرى.
ونشرت منظمة العفو الدولية التي تتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقراً لها بيناناً حول إصدار السلطات التركية قراراً بمصادرة صحيفة "زمان" أكبر الصحف في تركيا، بعد مصادرة مجموعة "إيباك" الإعلامية العام المنصرم.
وقالت المنظمة في بيان نشرته في موقعها الإلكتروني "إن السلطة الحاكمة في تركيا باستيلاءها على صحيفة زمان خطت خطوتها الأخيرة من هجماتها المزعجة الموجهة ضد الإعلام المعارض".
ولفت بيان المنظمة إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ينتهك كل حقوق الإنسان دون مبالاة بالهجوم على الأصوات المعارضة والسعي للسيطرة على كل المعارضين.
ووجهت الرابطة العالمية للصحف وناشري الأخبار (WAN-IFRA)، أكبر منظمة إعلامية في العالم، انتقادات عنيفة لقرار مصادرة صحيفة زمان، القلعة الأخيرة للنشر الحر في تركيا، بعد خضوع كل الوسائل الإعلامية لإرادة السلطة الحاكمة طوعاً أو كرهاً.
وقالت المنظمة العالمية الشهيرة في بيان صادر عنها "نستنكر هذا الهجوم الجديد الذي استهدف حرية الصحافة في تركيا".
وأكد أندرو هسلوب، المدير المسؤول عن حرية الصحافة للرابطة العالمية للصحف، التي تمثل أكثر من 36 ألف مؤسسة إعلامية في 120 دولة تضامنهم مع زملائهم العاملين في جريدة زمان، مديناً الخطوة التعسفية التي استهدفت حرية الصحافة.
ووصف بيان الرابطة تعيين الوصاة على الشركة الإعلامية بـ"الخطوة الفضيحة"، مشدداً على أنها تقوض المصادر البديلة للشعب التركي في الوصول إلى المعلومات والأخبار.
ولفت البيان إلى أن تعيين الوصاة أو الحراسة القضائية على وسائل الإعلام تحوّل في الآونة الأخيرة إلى إستراتيجية يلجأ إليها المسؤولون الأتراك من شأنها تدمير الهوية الديمقراطية لتركيا.
وكانت محكمة اسطنبول عينت، الجمعة 4 مارس/آذار، لجنة وصاية قضائية على صحيفة" زمان". ونوه كيربي بأن واشنطن تعد ذلك خطوة جديدة مثيرة للقلق من جانب السلطات التركية تجاه وسائل الإعلام، وأعاد إلى الأذهان القرار الذي اتخذ هذا الأسبوع بإغلاق بعض وسائل الإعلام التركية الداخلة في شركة "كوزا- إيبيك" القابضة. وذكر كيربي أن مسائل الرقابة والتمويل لا يجوز أن تؤثر على سياسة هيئة التحرير. وقال:" نحن كحلفاء لتركيا ندعوها لمراعاة المعايير الدولية".
من جانبهم، أكد الصحفيون العاملون في "زمان" أن القرار القضائي سيؤدي إلى إغلاق الجريدة التي لا تزال واحدة من عدة وسائل إعلام قليلة تعارض سياسة السلطات التركية. وفي يوم الثلاثاء، 1 مارس/آذار، تم في تركيا إغلاق صحيفتي " Bugün Gazetesi" و" Millet Gazetesi," وكذلك قناتي Kanaltürk و Bugün TV التلفزيونيتين الخاصتين ومحطة إذاعة Kanaltürk Radyo الداخلة في الشركة القابضة " كوزا- إيبيك".
وتتهم السلطات التركية صحيفة "زمان" بالارتباط بالداعية الإسلامي المعارض فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة.
وفي ردود الأفعال، تظاهر مئات الأشخاص عند مكتب صحيفة "زمان" في اسطنبول اليوم، مطالبين السلطات بالتوقف عن ملاحقة وسائل الإعلام وضمان حرية الكلمة في البلاد.
وفي وقت لاحق اقتحمت الشرطة التركية مقر صحيفة "زمان" في اسطنبول، كما استخدمت الشرطة خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين على اقتحام مقر الصحيفة.