في السنوات الأخيرة، تصدر سؤال مثير الجدل الساحة الدينية والقانونية، هل يمكن تغيير الملة للحصول على تصريح زواج جديد في المسيحية؟ هذا الموضوع لم يعد مجرد قضية دينية فحسب، بل أصبح محل نقاش مجتمعي واسع بين من يرى أن الزواج حق شخصي، ومن يؤكد أنه سر مقدس تحكمه الشريعة المسيحية وحدها، وفي هذا المقال، عبر موقع غربة نيوز نستعرض الموقف الكنسي والقانوني من تغيير الملة، ونوضح الأسباب التي جعلت الكنيسة تتصدى لهذه الحيلة حفاظا على قدسية الزواج واحترام تعاليمها الدينية.
ما هو تصريح الزواج الثاني في المسيحية؟
يعد تصريح الزواج الثاني أحد أهم القرارات التي تصدرها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بعد دراسة دقيقة لحالة كل شخص على حدة، في الماضي، كانت الكنيسة الجهة الوحيدة المخولة بمنح هذا التصريح أو رفضه، نظرا لأن الزواج في العقيدة المسيحية يعتبر سرا مقدسا لا يحل إلا في حالات استثنائية مثل الزنا أو بطلان الزواج، ولكن مع مرور الوقت، انتقلت سلطة الفصل في قضايا الأحوال الشخصية إلى محاكم الأسرة، بينما بقيت الكنيسة الجهة الروحية التي تصدر التصاريح الدينية بعد مراجعة دقيقة للأسباب والمستندات المقدمة.
كيف تعاملت الكنيسة مع الأحكام القضائية الأخيرة؟
شهدت السنوات الماضية صدور أحكام قضائية تلزم الكنيسة بإتمام زيجات لبعض المطلقين، وهو ما أثار جدلا كبيرا داخل الأوساط الكنسية، وقد اعتبرت الكنيسة أن هذه الأحكام تمس جوهر العقيدة لأنها تتدخل في ما يعرف بالأسرار الكنسية السبعة، ولحل هذا التعارض، تم وضع آلية جديدة تضمن احترام سلطة القضاء من ناحية، مع الحفاظ على الخصوصية الدينية للزواج المسيحي من ناحية أخرى، هذه الخطوة جاءت كحل وسط، يحمي الحقوق القانونية دون أن يمس بحرمة المعتقد.
إيقاف التحايل بتغيير الملة
لفترة طويلة، كان البعض يلجأ إلى تغيير الملة أو الطائفة كوسيلة للتحايل القانوني للحصول على تصريح زواج جديد، خاصة بعد رفض الكنيسة الأصلية منح الإذن، ولكن الكنيسة القبطية أوقفت هذا المسار تماما، معتبرة أنه لا يعبر عن قناعة دينية حقيقية، بل هو مجرد وسيلة للالتفاف على التعاليم الكنسية، وأكدت الكنيسة أن هذا السلوك يتعارض مع الدستور المصري الذي ينص على احتكام كل طائفة إلى شرائعها الدينية في قضايا الأحوال الشخصية، وبالتالي فإن تغيير الملة لهذا الغرض يعد مخالفا للمبدأ الدستوري والروحي معا.
موقف القانون المصري من تغيير الملة والزواج الجديد
القانون المصري ينص بوضوح على أن المسيحيين يحتكمون إلى شرائعهم في مسائل الأحوال الشخصية، وهو ما يعني أن تغيير الملة لا يمنح صاحبه الحق في الزواج مرة أخرى إذا لم تتوافر الأسباب الشرعية التي تقرها الكنيسة، كما أن المحاكم المصرية أصبحت أكثر وعيا بهذه الحيلة، فباتت ترفض الاعتداد بتغيير الملة الشكلي، إلا إذا كان يعبر عن تحول ديني حقيقي وليس مجرد وسيلة للحصول على تصريح زواج.