الأمم المتحدة توثّق جرائم مروّعة في الفاشر
31 أكتوبر 2025 –
أكدت الأمم المتحدة أن مدينة الفاشر في شمال دارفور أصبحت مسرحًا لانتهاكات جسيمة وجرائم حرب مروّعة بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها.
وأوضحت تقارير رسمية أن القوات نفّذت عمليات قتل ميداني
واعتداءات جنسية ونهبآ واسعآ للممتلكات والمرافق العامة.
مما تسبب في انهيار شبه كامل للنظام الأمني داخل المدينة.
كما ذكرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان أن سكان الفاشر فقدوا الاتصال بالعالم الخارجي عقب انقطاع شبكات الاتصالات.
الأمر الذي جعل عمليات الإنقاذ والتوثيق شبه مستحيلة، وسمح بتفاقم الانتهاكات دون رادع.
شهود عيان يسردون مشاهد مروّعة من قلب المدينة
روى عدد من شهود العيان في الفاشر، تفاصيل مأساوية عمّا حدث بعد دخول قوات الدعم السريع.
قال الخير إسماعيل، أحد الناجين، إنه شاهد عناصر مسلحة تجمع مئات الرجال غير المسلحين في ساحة عامة، قبل أن تطلق عليهم النار مباشرة.
مما أدى إلى مجزرة بشعة راح ضحيتها عشرات المدنيين.
وأوضحت سلمى عبد الرحمن، وهي من سكان مخيم قريب، أن مسلحين اقتادوا النساء قسرًا داخل مركبات عسكرية.
وتعرّض بعضهن للاغتصاب، بينما اختفت أخريات دون أثر.
في حين أكدت حليمة محمد أن الجنود اقتحموا المنازل ونهبوا الممتلكات.
وأشعلوا النار فيها لترهيب السكان ودفعهم إلى النزوح الجماعي.
أما عبد الله أحمد، الذي نجا من حي الزهور شرق المدينة، فأفاد بأنه شاهد إعدامات ميدانية بحق مدنيين حاولوا الفرار.
مشددًا على أن إطلاق النار كان يستهدف كل من اشتُبه في معارضته أو رفضه للأوامر.
تجمع هذه الشهادات على أن ما جرى في الفاشر لم يكن مجرد أحداث متفرقة، بل حملة عنف منظمة وممنهجة .
كمااستخدمت فيها القوة المفرطة والعنف الجنسي لترهيب المدنيين والسيطرة على المدينة بالكامل.
الأمم المتحدة توثّق الاغتصابات الجماعية والعنف الممنهج في الفاشر
وثّقت تقارير أممية ومنظمات حقوقية وقوع اغتصابات جماعية وانتهاكات جنسية منظمة ضد النساء والفتيات في الفاشر.
وبيّنت الشهادات أن هذه الجرائم كانت جزءًا من استراتيجية متعمدة لبث الرعب بين السكان المدنيين.
إذ تعرّضت الضحايا لانتهاكات متكررة أثناء وجودهن داخل المدينة وأثناء محاولتهن الفرار منها.
في الوقت ذاته، تعرّضت المرافق الصحية والمستودعات الطبية لأعمال نهب وتدمير ممنهج ، مما أدى إلى حرمان الجرحى والمرضى من العلاج.
ووصفت الأمم المتحدة الوضع الإنساني في الفاشر بأنه كارثي وغير مستدام ، في ظل غياب أي ممرات آمنة لإيصال المساعدات.
مأساة إنسانية متفاقمة الفاشر تختنق بالمجاعة والدمار
تشير التقارير الميدانية إلى أن الأوضاع في الفاشر وصلت إلى مرحلة غير مسبوقة من الانهيار.
فقد تأكد مقتل مئات المدنيين، بينهم نساء وأطفال.
فيما تُستخدم المجاعة كسلاح حرب عبر منع دخول الغذاء والدواء وتدمير مصادر المياه.
وبسبب ذلك، اضطر السكان إلى تناول طعام ملوث أو غير صالح للحياة، ما أدى إلى تفشي الأمراض وسوء التغذية بشكل خطير.
إضافة إلى ذلك، وثّقت منظمات حقوق الإنسان حالات اغتصاب مروّعة شملت فتيات ونساء تتراوح أعمارهن بين الثامنة والخامسة والسبعين.
نُفذت بطريقة ممنهجة ذات طابع عرقي، هدفت إلى إذلال المجتمعات المحلية وإخضاعها بالقوة.
وتؤكد الأدلة أن بعض الضحايا تعرّضن للاغتصاب الجماعي أمام أسرهن، وهو ما يصنّف قانونيًا ك جرائم ضد الإنسانية مكتملة الاركان
وفي سياق متصل، تعرضت المستشفيات والمراكز الصحية في الفاشر للتدمير والنهب، مما أدى إلى توقف الخدمات الطبية بشكل تام.
كما بات المرضى والجرحى دون أي علاج أو إسعاف، فيما تُسجّل حالات وفاة يومية بسبب غياب الرعاية.
ورغم التحذيرات الأممية المتكررة، لم تصل حتى الآن أي استجابة دولية فعّالة.
مما جعل المراقبين يحذرون من أن تتحول الفاشر إلى كارثة إنسانية كبرى غير مسبوقة في تاريخ المنطقة الحديث.
الحصار يخنق المدينة ويعمّق معاناة المدنيين
تخضع الفاشر لحصار خانق يمنع دخول المواد الغذائية والدوائية والمساعدات الإنسانية.
وأكدت الأمم المتحدة أن أكثر من 800 ألف شخص يعيشون في خطر حقيقي بسبب الجوع وانعدام الخدمات الأساسية.
كما أغلقت الأسواق، وتلوّثت مصادر المياه، وتوقفت المستشفيات عن العمل تقريبًا، فيما تنتشر الأمراض وسوء التغذية، خاصة بين الأطفال والنساء.
ورغم المناشدات المستمرة، ما تزال الممرات الإنسانية مغلقة، مما يزيد من معاناة السكان العالقين داخل المدينة يوماً بعد يوم.
الأمم المتحدة تطالب بالتحقيق الفوري في جرائم الفاشر
طالبت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بإجراء تحقيق دولي عاجل ومستقل حول، الجرائم والإنتهاكات المرتكبة في الفاشر.
مؤكدة ضرورة محاسبة المتورطين ومنع الإفلات من العقاب.
كما دعت منظمات دولية إلى فرض عقوبات على قادة الدعم السريع وحماية المدنيين من مزيد من الانتهاكات.
وأشارت تقارير دولية إلى أن استمرار الصمت العالمي يشجع على تكرار الجرائم.
مؤكدة أن تحقيق العدالة وهو السبيل الوحيد لوقف دوامة العنف التي تشهدها دارفور.
الفاشر اليوم مدينة تحت الرماد وصوتها يختنق
اليوم، تبدو الفاشر مدينة محطّمة بالكامل، بلا كهرباء أو مياه أو غذاء كافٍ.
يعيش سكانها في خوف دائم، بينما تحيط بهم أصوات الرصاص ورائحة الدخان.
ومع استمرار الحصار والانتهاكات، تحولت الفاشر إلى رمز للأزمة السودانية المتفاقمة ، وإلى شاهد حي على مأساة إنسانية لا تزال تتفاقم وسط صمت العالم.


