في زمن تتزايد فيه الضغوط المادية على الأسر، يزداد الإهمال العاطفي بين الأزواج، وهو أمر يؤثر بشكل كبير على استقرار العلاقة الزوجية. كثير من الأزواج يغفلون عن الحاجة العاطفية لشريكتهم، معتقدين أن توفير المال والمأكل والمشرب هو أساس العلاقة. لكن الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، شدد على أهمية الإشباع العاطفي في الحفاظ على العلاقة الزوجية، مؤكداً أن الكلمة الطيبة قد تكون أكثر قيمة من المال، بل يمكنها أن تحمي الأسرة من الانهيار.
الإشباع العاطفي في العلاقة الزوجية
وأوضح الشيخ عويضة عثمان في لقاء له ببرنامج “فتاوى الناس” أن العلاقة الزوجية لا ينبغي أن تقتصر فقط على النفقات المادية والالتزامات المالية. بل يجب أن تبنى أيضًا على أسس من الاحترام المتبادل والتقدير والتواصل العاطفي. الحياة التي تخلو من المشاعر الحقيقية تصبح جافة وقاحلة، حتى وإن توافرت فيها كل مقومات الرفاهية والراحة المادية.
الإشباع العاطفي ليس مجرد رفاهية، بل هو أساس للاستقرار النفسي والسعادة في الحياة الزوجية. وأكد الشيخ عويضة أن الزوجة تحتاج إلى الكلمة الطيبة، والنظرة الحانية، واللمسة الدافئة، لأنها لا تكتفي فقط بتوفير الاحتياجات المادية. الحياة الزوجية تحتاج إلى مشاعر الحب والاهتمام التي تمنحها عمقًا وتساعد على تجاوز تحديات الحياة.
الإهمال العاطفي وأثره على الزوجة
أضاف الشيخ عويضة أن العديد من الأزمات النفسية التي تمر بها الزوجات سببها الإهمال العاطفي. أحيانًا تلجأ بعض الزوجات إلى سلوكيات خاطئة فقط من أجل سماع كلمة طيبة أو لفتة عاطفية. ورغم أن هذه التصرفات قد تكون غير مبررة، إلا أنها تكشف عن تقصير الأزواج في تقديم الدعم العاطفي المطلوب لشريكاتهم.
الإهمال العاطفي يمكن أن يؤدي إلى انعدام الثقة بين الزوجين وتدهور العلاقة الزوجية. لذا من المهم أن يشعر الزوجان بتقدير بعضهما البعض، ويجب على الزوج أن يظهر الاحترام لزوجته ويعبر عن مشاعره تجاهها بشكل مستمر.
النبي ﷺ نموذجاً في التعامل مع الزوجة
ولفت الشيخ عويضة إلى أن النبي ﷺ كان نموذجا يحتذى به في التعبير عن الحب والاحترام لزوجاته. فقد كان ﷺ يُظهر مشاعره بالكلمات الطيبة، والقبلة، وحتى النظرة الحانية. كانت العلاقة بين النبي ﷺ وزوجاته تقوم على الاحترام المتبادل والرغبة في إسعاد الآخر، وكان لا يتردد في إظهار حبه لهن أمام الناس.
أضاف الشيخ أن احترام الزوجة أمام الأبناء وذكر محاسنها هو جزء من هدي الإسلام، وليس مجرد تصرف عاطفي عابر. فالنبي ﷺ كان يقدر زوجاته ويحترمهن بشكل علني أمام الجميع، مما يعزز من مكانتهن ويعطيهن قيمة معنوية كبيرة.
ختاماً
ختم الشيخ عويضة حديثه قائلاً: “كن كما كان نبيك، لا قاسيًا، ولا صامتا، بل حنونا، لطيفا، محبا.” البيت لا يُبنى فقط بالجدران المادية، بل بمشاعر صادقة وحقيقية تحفظه من التصدع والانهيار. العلاقة الزوجية تحتاج إلى التواصل العاطفي المستمر والاهتمام بالجانب النفسي، فهذا هو الأساس الحقيقي لبناء أسرة سعيدة ومستقرة.

