29 أكتوبر 2025
أدانت منظمة الصحة العالمية الهجوم الدموي الذي استهدف مستشفى الولادة السعودي في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور.
وأكدت المنظمة أن هذا الاعتداء الوحشي أودى بحياة أكثر من 460 مريضًا ومرافقًا، بينما اختطفت المجموعات المسلحة عددًا من الأطباء والممرضين.
وأوضحت المنظمة في بيانها أن الحادثة تمثل جريمة خطيرة ضد الإنسانية وانتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي.
من ناحية أخرى، كثفت فرق الطوارئ التابعة للمنظمة وشركائها جهودها لتقييم حجم الكارثة الصحية والإنسانية.
إضافةً إلى دعم المرافق الطبية المتبقية في المدينة.
تفاصيل المجزرة في مستشفى الولادة السعودي بالفاشر
شهدت مدينة الفاشر تصعيدًا خطيرًا بعد اندلاع اشتباكات عنيفة بين أطراف النزاع في دارفور.
وخلال القتال، اقتحمت مجموعات مسلحة المدينة وهاجمت المرافق الطبية، وفي مقدمتها مستشفى الولادة السعودي
الذي استقبل في ذلك اليوم عشرات النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة.
أطلقت القوات المهاجمة النار مباشرة داخل أقسام المستشفى، فقتل المسلحون المرضى والمرافقين في مشاهد مروعة.
كما فرّ الطاقم الطبي بحثًا عن الأمان بعد أن فقد السيطرة على الوضع داخل المبنى.
وفي الوقت نفسه، أكد العاملون في قطاع الصحة أن عدد القتلى الفعلي يتجاوز الرقم المعلن عنة .
بسبب صعوبة الوصول إلى الجرحى المحاصرين داخل المستشفى حتى اللحظة.
إضافةً إلى ذلك، انهارت البنية التحتية للمستشفى بالكامل بعد تدمير غرف العمليات والعناية المركزة.
مما تسبب في توقف الخدمات الطبية الحيوية بشكل كامل.
شهادات من قلب المأساة في مستشفى الولادة السعودي
روى الطبيب مُدثِر إبراهيم سليمان، أحد الأطباء العاملين في المستشفى، تفاصيل اللحظات الأولى للهجوم.
حيث قال إن القذيفة الأولى اخترقت جدار المستشفى ثم انفجرت أخرى داخل غرفة العمليات في قسم الولادة.
وأضاف أن الأطباء استخدموا مصابيح هواتفهم لإكمال عملية طارئة لإنقاذ حياة أم وطفلها وسط الظلام الكثيف، بينما كان الدمار يحيط بهم من كل جانب.
وفي السياق ذاته، ذكر أحد أفراد الطاقم الطبي أن الأرضية امتلأت بشظايا الزجاج والخرسانة، وغمرت الدماء الممرات.
وسقط بعض المرضى تحت الأنقاض. وأوضح أن النساء الحوامل لم يجدن مكانًا آمنًا يلجأن إليه بعد انقطاع الكهرباء وتعطل أجهزة الإنعاش.
من جانبه، قال إبراهيم عبدالله خاطر، المدير العام لوزارة الصحة في ولاية شمال دارفور.
إن المقاتلين اقتحموا المستشفى بقوة السلاح، ونهبوا الهواتف والوثائق الطبية، واعتدوا على الطاقم الطبي.
وأكد أن المسلحين أصابوا مدير المستشفى بطلق ناري وكسروا ساق مدير قسم الحوادث، بينما حاصروا الأطباء داخل المرفق لساعات طويلة.
وفي المقابل، روى المواطن تجال الرحمن، أحد سكان المدينة، أنه شاهد جثثًا متناثرة أمام المستشفى ومرضى ينزفون دون أن يجدوا من يسعفهم.
واصفًا المشهد بأنه حقل قتل مفتوح وسط صرخات النساء وبكاء الأطفال.
أمّا أحد الممرضين الناجين، فأوضح أن الطاقم الطبي اضطر إلى الاحتماء داخل غرفة التخدير لساعات دون طعام أو ماء، بينما استمر إطلاق النار في الخارج.
وأكد أن بعض المرضى فارقوا الحياة لأن الفريق لم يتمكن من الوصول إليهم لإنقاذهم.
تظهر هذه الشهادات الميدانية أن الهجوم على مستشفى الولادة السعودي في الفاشر جرى بطريقة منظمة ومتعمدة.
واستهدف المرضى والعاملين الصحيين بشكل مباشر، ما يجعله جريمة حرب مكتملة الأركان من منظور القانون الدولي.
منظمة الصحة العالمية تطالب بتحقيق دولي عاجل
طالب المدير العام لـ منظمة الصحة العالمية بفتح تحقيق دولي مستقل لتحديد المسؤولين عن المجزرة ومحاسبتهم أمام العدالة.
وأكد أن الاعتداء على المرافق الطبية والعاملين الصحيين يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الصحي العالمي، وليس فقط المحلي.
وأضاف أن فرق المراقبة التابعة للمنظمة رصدت منذ بداية العام أكثر من 185 هجومًا على المرافق الصحية في السودان.
تسببت في مقتل مئات العاملين والمرضى. كما أشار إلى أن استمرار استهداف المستشفيات يهدد بانهيار كامل للنظام الصحي في إقليم دارفور.
وفي الوقت نفسه، دعت المنظمة المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لتأمين حماية فعالة للمستشفيات وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
تدهور الوضع الإنساني في دارفور بعد الهجوم
تعاني مدينة الفاشر من أوضاع إنسانية متدهورة للغاية بعد الهجوم الأخير، إذ نزحت آلاف الأسر إلى مناطق أكثر أمانًا.
ويواجه السكان نقصًا حادًا في الغذاء والمياه والأدوية، إضافة إلى انقطاع الكهرباء وتوقف شبكات الاتصالات.
من ناحية أخرى، توقفت غالبية المستشفيات عن العمل بسبب الدمار الشامل ونقص الوقود والإمدادات الطبية.
بينما تعمل بعض الفرق الطبية في مواقع مؤقتة داخل مبانٍ مهدمة أو مدارس مهجورة.
ورغم خطورة الموقف، تواصل المنظمات الإنسانية جهودها لإيصال المساعدات إلى المدينة.
في حين يواجه العاملون مخاطر كبيرة أثناء التنقل بسبب استمرار القتال وصعوبة الوصول إلى المناطق المنكوبة.
الإنسانية على المحك في السودان
تعكس مجزرة مستشفى الولادة السعودي في الفاشر حجم المأساة التي يعيشها المدنيون والعاملون في القطاع الصحي في السودان.
كما تُبرز الخطر المتزايد الذي يهدد حياة الأبرياء في مناطق النزاع.
أكدت منظمة الصحة العالمية التزامها بمواصلة دعمها للنظام الصحي السوداني، والعمل على حماية الكوادر الطبية.
وتنسيق الجهود الدولية لضمان وصول المساعدات إلى المتضررين.
في الختام، شددت المنظمة على أن استمرار استهداف المرافق الطبية يمثل تهديدًا للإنسانية جمعاء.
ودعت جميع الأطراف إلى احترام القانون الدولي الإنساني ووقف الهجمات فورًا.

