الوضع الراهن في السودان وتصاعد التوتر مع الإمارات
30 أكتوبر 2025.
من يقف وراء دعم قوات الدعم السريع؟ تصدر الخرطوم اتهامات متزايدة، بينما تنفي الإمارات أي تورط في الصراع وتؤكد التزامها بالحياد الكامل.
وفي الوقت نفسه، يعيش السودان مرحلة حاسمة من حرب طاحنة دخلت عامها الثالث.
وعلاوة على ذلك، تحركت القوى الإقليمية والدولية لمحاولة إيقاف النزاع وكشف الجهات التي تساهم في استمرار دعم قوات الدعم السريع.
كما يراقب المجتمع الدولي التطورات عن كثب، وفي المقابل، يتصاعد الضغط الدولي لإنهاء الحرب وسط تفاقم الأوضاع الإنسانية.
الاتهامات الأولى حول تسليح الدعم السريع وخلفياتها العسكرية
بدأت الاتهامات الموجهة إلى الإمارات منذ منتصف عام 2023، عندما حذّرت منظمات دولية من دخول أسلحة متطورة إلى مناطق الصراع داخل السودان.
وربطت تقارير مراقبة بعض تلك الإمدادات بمسارات نقل تمر عبر دول إقليمية، من بينها الإمارات.
في هذا السياق، أشار مراقبون إلى زيادة حركة الشحن الجوي والبحري بين الموانئ الإقليمية والمناطق الحدودية السودانية.
مما أثار تساؤلات حول طبيعة تلك الشحنات وأهدافها.
علاوة على ذلك، تحدثت تقارير حقوقية عن استخدام قوات الدعم السريع لمعدات عسكرية حديثة خلال عامي 2024 و2025.
مما دفع محللين عسكريين إلى ترجيح دخولها من الخارج عبر وسطاء، دون أن تثبت أي جهة رسمية مسؤولية حكومات معينة عن تلك العمليات.
السودان يقطع علاقاته الدبلوماسية مع الإمارات ويتهمها بدعم قوات الدعم السريع
من جانبها، اتخذت الحكومة السودانية موقفًا حادًا تجاه الإمارات. فقد أعلنت في السادس من مايو 2025 قطع العلاقات الدبلوماسية معها.
وقدّمت دعوى رسمية أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها أبوظبي بتمويل وتسليح قوات الدعم السريع.
وأكدت الخرطوم أن هذا الدعم ساهم في تصعيد الحرب، ووصفت ما يحدث في بعض المناطق بأنه جرائم إبادة جماعية في دارفور.
وفي سياق موازٍ، كثّف المسؤولون السودانيون اتصالاتهم الإقليمية والدولية لشرح موقف بلادهم.
كما دعوا الأمم المتحدة إلى فتح تحقيق شامل حول مسارات تمويل وتسليح قوات الدعم السريع.
وصرّح مسؤولون سودانيون بأنهم يمتلكون وثائق وأدلة ميدانية يعتبرونها كافية لإثبات مسؤولية جهات خارجية عن استمرار النزاع.
الموقف الرسمي للإمارات ونفي شامل لجميع الاتهامات
ردت الإمارات بسرعة على هذه الاتهامات وأصدرت بيانًا رسميًا أكدت فيه أنها لا تدعم أي طرف في السودان .
كما أنها تلتزم بشكل كامل بسياسة احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
وأوضحت وزارة الخارجية أن الإمارات تطبق أنظمة رقابية صارمة على صادراتها العسكرية.
كما ايضآ تلتزم بجميع قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بحظر تصدير السلاح إلى مناطق النزاع.
وفي هذا السياق، شدد مسؤولون إماراتيون على أن تلك الاتهامات تفتقر إلى أي دليل ملموس.
كما أنها تعتمد على معلومات غير دقيقة تروّج لها أطراف متضررة من السياسة الإماراتية المتوازنة.
وأكدت أبوظبي أنها تواصل تقديم المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية إلى الشعب السوداني عبر قنواتها الرسمية وبالتعاون مع منظمات دولية.
كما أوضحت أنها تركز جهودها على دعم المدنيين المتضررين من الحرب دون انحياز لأي طرف سياسي أو عسكري.
التطورات القانونية والدبلوماسية الحاسمة بين السودان والإمارات
تابعت محكمة العدل الدولية الدعوى التي قدّمتها الخرطوم ضد الإمارات، لكنها قررت لاحقًا عدم اختصاصها بنظر القضية.
بسبب التحفظات القانونية التي وضعتها الإمارات عند توقيعها على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.
وقد اعتبر محللون هذا القرار مكسبًا قانونيًا للإمارات، بينما وصفته الخرطوم بأنه انتكاسة مؤقتة لن تعيق مساعيها لمواصلة التقاضي أمام هيئات أخرى.
وفي الوقت نفسه، ناقشت عدة برلمانات غربية تشديد الرقابة على صادرات السلاح إلى المنطقة.
بينما دعا الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة إلى فتح تحقيق شامل يشمل جميع الأطراف المتورطة في تسليح المقاتلين داخل السودان.
وتزامنت هذه التحركات مع محاولات دبلوماسية لإطلاق عملية سلام شاملة تضم الأطراف السودانية برعاية إقليمية ودولية.
الأزمة الإنسانية في السودان وجهود الإمارات الإغاثية المكثفة
تسببت الحرب السودانية في أزمة إنسانية غير مسبوقة، إذ نزح ملايين المواطنين من منازلهم وتضررت البنية التحتية بشكل واسع. وفي هذا الإطار.
كثّفت الإمارات جهودها الإنسانية داخل السودان وقدّمت شحنات غذائية وطبية كبيرة إلى المناطق المتضررة بالتعاون مع منظمات الإغاثة.
وأكدت الحكومة الإماراتية أن أولويتها تتركز على حماية المدنيين وتقديم المساعدة الإنسانية دون أي حسابات سياسية.
من جهة أخرى، يرى محللون أن الأزمة السودانية تجاوزت حدودها الوطنية وتحولت إلى قضية إقليمية تمس أمن المنطقة واستقرارها.
وأكد الخبراء أن استمرار الحرب يهدد بتوسعها إلى دول الجوار، ما يستدعي تحركًا عربيًا وإفريقيًا عاجلًا لوقف القتال
وإطلاق حوار سياسي شامل يعيد السودان إلى مسار الاستقرار.
مستقبل العلاقات السودانية الإماراتية في ظل الأزمة الراهنة
تستمر الأزمة بين السودان والإمارات في التصاعد وسط تبادل الاتهامات وتضارب المواقف.
ويواصل كل طرف الدفاع عن موقفه بقوة؛ فالخرطوم تصر على أن لديها أدلة تؤكد تورط الإمارات.
بينما تؤكد أبوظبي التزامها بالحياد ودعم الحلول السلمية.
وفي ظل غياب نتائج حاسمة من الجهات الدولية والقضائية، يظل الملف مفتوحًا على جميع الاحتمالات.
ومع استمرار الحرب ومعاناة المدنيين، يدرك المجتمع الدولي أن تسوية الأزمة السودانية لن تتحقق إلا من خلال حوار شامل
يضع حدًا للقتال ويعيد للدبلوماسية مكانتها في إنهاء واحدة من أعقد أزمات المنطقة.

