المصدر / القاهرة- سمرمنصور
السعودية
مكة المكرمة
في أطهر بقاع الأرض، حيث يجتمع ملايين المسلمين من شتى أنحاء العالم، يظل مشهد حمام الحرم جزءًا من الصورة الروحانية الخالدة للمسجد الحرام في مكة المكرمة.
هذه الطيور التي اعتادت التحليق في جماعات منتظمة حول
الكعبة المشرفة، تعيش في أمان تام لا يُمسّ، إذ حرّم الله تعالى صيدها أو تنفيرها أو إفساد بيضها، وجعل لمن يخالف ذلك فدية، تكريمًا لحرمة البيت العتيق.
حرمة خاصة داخل حدود الحرم
تؤكد كتب الفقه أن حمام الحرم يتمتع بحرمة شرعية مثل باقي الكائنات داخل حدود الحرم المكي.
فلا يُقتل صيد ولا تُقطع شجرة ولا يُنتزع نبات بري.
ولذا باتت مكة المكرمة واحة أمان حتى للطيور والحيوانات، رمزًا لسلامٍ لا يشبهه سلام.
سلوكيات مدهشة
رغم ازدحام المكان بملايين الطائفين، يواصل الحمام تحليقه في حلقات متناسقة، وكأنه يشارك الحجاج طوافهم.
وغالبًا ما يبيت على أسطح المباني القريبة من المسجد الحرام، ليعود مع شروق الشمس إلى ساحات الكعبة.
هذا السلوك الفريد جعل الزوار يلتقطون له صورًا كتذكار روحاني يميز رحلتهم الإيمانية.
ارتباط بالذاكرة الإسلامية
يرتبط حمام الحرم بقصة الهجرة النبوية، حينما عششت حمامتان عند غار ثور لتغطية أثر الرسول ﷺ وصاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
ورغم أن الموروث الشعبي يربط بين تلك الحمامتين ونسل حمام الحرم اليوم، فإن المؤكد هو أن هذه الطيور تنعم بحماية شرعية داخل مكة منذ فجر الإسلام.
حماية إلهية للرسول عند الكعبة
ويستحضر المسلمون أيضًا قصة أبي جهل، حين توعّد أن يطأ رأس النبي ﷺ وهو ساجد عند الكعبة.
لكن حين اقترب تراجع مذعورًا بعدما رأى خندقًا من نار وأجنحة تمنعه.
فقال النبي ﷺ: "لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا. وجاءت الآيات من سورة العلق: ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ و﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾، لتؤكد الحماية الإلهية.
دلالات روحية عميقة
حمام الحرم ليس مجرد طيور تحلق في سماء مكة، بل هو رمز للأمان والسلام الذي يظلل المكان.
مشهدها وهي تتنقل بحرية بين الطائفين والمصلين يعكس عظمة الحرم المكي وخصوصيته، ويذكّر بأن في مكة كل شيء حيّ ينعم بالأمن، حتى الطيور.