المصدر / وكالات
نشرت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية تقريرا عن التطورات المرتقبة في تركيا بعد "الانقلاب"، جاء فيه:
خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، منتصرا، وربما أقوى من محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها بلاده، ما يعني أن دور أنقرة المحوري كحليف في الحرب أمريكية القيادة على تنظيم "داعش" وكضمانة لاتفاقيات اللاجئين مع أوروبا، سيظل حيويا على الأرجح.
وبيد أن عملية التطهير المتوقعة لفصائل الجيش المسؤولة عن الانقلاب قد تترك القوات المسلحة التركية في حالة اضطراب، متحملة أكثر من طاقتها.
وبينما يحاول إعادة بناء الولاءات، يتعين على الجيش التركي الاستمرار في مواجهة المتمردين الأكراد الذي يسعون إلى الحكم الذاتي، فضلا عن السيطرة على الحدود المضطربة مع الجارة سوريا التي تمزقها الحرب.
وتعد تركيا حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة وتقع على مفترق طرق بين قارتي آسيا وأوروبا كما تتاخم مناطق صراعات في الشرق الأوسط.
كما أن تركيا البلد الوحيد ذي الأغلبية المسلمة في حلف شمال الأطلسي "ناتو"، وشريك رئيسي في جهود مواجهة التحديات الدولية، بما فيها الإرهاب والهجرة الجماعية، فضلا عن كونها محاورا مهما مع قوى إقليمية مثل إيران وروسيا.
وأدان قادة الولايات المتحدة ودول أوروبية وبلدان أخرى بأرجاء العالم الهجوم على حكومة أردوغان المنتخبة ديمقراطيا، فيما تابعوا مزيدا من تداعيات الانتفاضة التي ضربت شريكا مستقرا بشكل عام في منطقة مبتلاة بالاضطرابات.
وتتابع الولايات المتحدة الوضع في تركيا من كثب، فيما يعود جزئيا إلى أنها تشن غارات من قاعدة إنجرليك الجوية التركية ضد تنظيم "داعش" في سوريا والعراق.
وأغلقت الحكومة التركية المجال الجوي حول قاعدة إنجرليك لعدة ساعات أمس السبت في أعقاب محاولة الانقلاب، على الرغم من أنه لا يوجد دليل على تأثير سلبي طويل الأجل على العمليات الأمريكية.
ووقعت محاولة الانقلاب مساء الجمعة، حينما حلقت طائرات حربية في الأجواء وخرجت دبابات وقوات إلى الشوارع ووقع تبادل لإطلاق النار، ما أودى بحياة ما لا يقل عن 161 شخصا وجرح 1440، وفقا للحكومة.
ويبدو أن محاولة الانقلاب قادتها وحدات في القوات الجوية والشرطة العسكرية والمدرعات، ولكن قادة بارزين في الجيش وقفوا في صف أردوغان وأحبطوا محاولة الانقلاب في الساعات الأولى من صباح السبت، حتى أحزاب المعارضة أدانت محاولة الإطاحة بالحكومة.
وتم احتجاز زهاء 3 آلاف شخص على خلفية محاولة الانقلاب، ومن المتوقع أن تؤدي عمليات تطهير جديدة داخل الجيش إلى عزل متعاطفين في صفوف الضباط والجنود.
ويسبب هذا اضطرابا داخليا مستمرا قد يمثل تحديا للقوات المسلحة بينما تقاتل المتمردين الأكراد وتدعم حملة تستهدف تنظيم "داعش".
ويوم السبت، أعلنت وكالة أنباء الأناضول الحكومية أن قائد الجيش الثاني تم توقيفه على خلفية محاولة الانقلاب.
ويقع مقر الجيش الثاني في شرق تركيا، ويواجه التهديدات الواردة من سوريا وإيران والعراق.
وقال هوارد إيسنستات استاذ تاريخ الشرق الاوسط في جامعة سانت لورنس في كانتون بنيويورك "من المرجح أن تؤدي موجة تطهير جديدة في الجيش إلى إضعاف أجهزة الأمن التي تتزايد عليها الضغوط حتى لو ظلت السياسات الأساسية كما هي".
واتهم أردوغان، وهو شخص ميال إلى الدخول في معارك، بتبني سلوك سلطوي على الرغم من أن حكومته انتخبت بصورة ديمقراطية ورغم أنه يحظى بدعم كبير بين المتدينين في تركيا.
وينظر الجيش إلى نفسه على انه ضامن الحكم العلماني في تركيا، واستاء الكثير من أفراده من أحكام أردوغان قبضته على السلطة والصبغة الإسلامية المتزايدة للبلاد في ظل أردوغان.
وسجن الرئيس أو همش دور العديد من مستشاريه العسكريين، ولكن من الواضح أن آخرين ظلوا في مواقعهم ليقوموا بالانقلاب.
وعلى الساحة الدولية سعى أردوغان مؤخرا إلى رأب الصدع مع إسرائيل وروسيا وتقديم مزيد من الدعم للجهود التي تقودها أمريكا لقتال "داعش" بعد اتهامه بالتسامح مع تدفق المقاتلين الأجانب والأسلحة من تركيا إلى سوريا.
وكذلك لعب دورا رئيسيا في اتفاق مع الاتحاد الأوروبي يوفر مرورا أمنا ومقننا للمدنيين السوريين بين تركيا وأوروبا، التي تستقبل فيضانا من اللاجئين.
وبينما من المرجح أن يستمر هذا الاتجاه البراجماتي مع حصول أردوغان على دعم دولي بعد محاولة الانقلاب، إلا أن الرئيس دأب على انتقاد حلفائه الغربيين وشكك في التزامهم بالقيم الديمقراطية وزعم أن المتشددين الأكراد يتمتعون بملاذ آمن في بعض الدول الأوروبية.
وأعربت الولايات المتحدة، التي أكدت على أهمية تحالفها مع قيادة تركيا الحالية، عن دعمها للحكومة المنتخبة ديمقراطيا مع بدء أعمال العنف.