المصدر / وكالات
أشار المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية ألون لئيل لصحيفة "الراي" الكوتية الى أن "المصلحة الأولى للولايات المتحدة تكمن في إزالة تنظيم "داعش" وإخراجه من سوريا، ثانيا وعلى المدى البعيد إزالة الرئيس السوري بشار الأسد، وثالثا حماية الأكراد
واعتبر أن "مصر بعلاقاتها الثنائية الخاصة مع إسرائيل واعتمادها عليها بالأمن لا تستطيع أن تتحمل مبادرة كبيرة لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، لهذا أرى المبادرة الفرنسية على أنها الوحيدة في الساحة، وعقد لقاء، أخيراً، في القاهرة بحضور 26 دولة، لم تشارك إسرائيل فيه وكانت مأساة".
ولفت إلى أن "إسرائيل على عتبة زواج مرة أخرى مع تركيا، ليس من الحب ولكن مصلحة، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا يحبان بعضهما البعض، ولكن هناك مصالح ، ولكن هذا الزواج سينجب مولودا هو الغاز".
وفي ما يلي نص اللقاء:
● ما هي مصالح إسرائيل في سورية حالياً؟
- المصالح الاساسية لاسرائيل في سورية، تتلخص كما يلي: اولا يجب ألا يطالبنا أحد بهضبة الجولان، ثانيا ألا تنتقل المواجهات العسكرية أو العنف الى داخل الاراضي الاسرائيلية، وهذان أمران مهمان، أما اذا ما انتقلنا الى الاعتبارات الاخرى، فان مصلحة اسرائيل الاساسية ألا يكون هناك نظام في سورية لديه من الشرعية الدولية الكافية ما يمكّنه من المطالبة مرة اخرى بمرتفعات الجولان.
سورية عدوة لاسرائيل والاسد عدو ايضا لاسرائيل، لكن هناك الكثير من أعداء اسرائيل، وربما البعض منهم أسوأ من نظام الاسد، ومن المصالح الاساسية لاسرائيل في هذه المرحلة، بألا تعمل سورية كدولة الآن، واسرائيل تقف جانبا لتراقب ما يحدث وهي قلقة من امكانية تهريب السلاح من الاراضي السورية الى «حزب الله». ولا اعتقد ان اسرائيل متورطة أو مرتبطة بالأزمة في سورية، ولكن على المستوى الانساني، تقدم اسرائيل بعض المساعدات الانسانية وتحديداً الطبية، وهناك المئات من السوريين الذين يعالجون في المستشفيات الإسرائيلية، ولم يعد ذلك سراً، أما على المستوى السياسي فلا اعتقد ان هناك توجها سياسيا محددا تجاه الأسد.
● هل تعتقد أن إسرائيل كانت مرتاحة من خلال فترة التهدئة ووقف النار مع النظام السوري طوال 40 سنة؟
- صحيح كان هناك هدوء دام 40 سنة، وكانت الجهة السورية - الإسرائيلية الافضل، ولم تكن هناك حرب رئيسية مع سورية منذ 1973، لكن سورية كانت عدوا لنا، وعملت من خلال الوكلاء - خصوصا «حزب الله» - ضد اسرائيل. والحرب الثانية ضد لبنان كانت في الحقيقة حربا ضد سورية، لأن «حزب الله» يعمل بالتنسيق مع الجيش السوري، لذلك كانا عدوين لاسرائيل، والآن وبينما سورية ضعيفة وممزقة، فهي أقل خطورة كعدو مما كانت عليه قبل 6 سنوات ولكنها ما زالت عدواً.
اليوم سورية ليست على الاجندة الاسرائيلية، بل هناك تخوف من تحركات عسكرية خاطئة - ربما من الروس - ولهذا تبقى أعيننا مفتوحة على الحدود، ولكن على المستوى السياسي في هذا الوقت، فان سورية ليست عاملا في السياسة الاسرائيلية الخارجية.
● هل هناك تنسيق بين اسرائيل وروسيا حول ما يحدث داخل سورية وهل تبحثون مع الروس مستقبل الاسد؟
- عسكريا طبعا، وهذا الامر ليس سرا، هناك تنسيق عسكري على الأرض باستمرار لعدم وقوع حوادث، كما حصل بين تركيا وروسيا بسبب ضعف التنسيق، في المقابل، لا يوجد اي حوار سياسي بين روسيا واسرائيل بخصوص مستقبل الأسد، بل مع أطراف اخرى مثل ايران وتركيا.
وأتساءل لماذا على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يستشير اسرائيل بخصوص سورية، نحن دولتان عدوتان، وتمسكنا بالسيطرة على هضبة الجولان لا يروق للروس، ولا أعتقد ان بوتين يحتاج لنصيحة نتنياهو كي تحدّد اسرائيل مستقبل سورية.
ولكن عسكريا، هناك مشاورات واتصالات لجهة عدم وقوع صدام بين قواتنا والقوات الروسية تحسبا لوقوع مشاكل، خصوصا مع وجود الكثير من التنظيمات مثل «داعش» و«جبهة النصرة» (سابقا) قرب الحدود الاسرائيلية.
● هل أعطى الروس اسرائيل ضمانات لمنع «حزب الله» من توتير الجبهة في الجنوب اللبناني؟
- «حزب الله» غارق في الحرب السورية، وله تحركات في جنوب لبنان ولكن في اعتقادي أن الحزب اللبناني غير معني الآن بالمواجهة مع اسرائيل، ونحن ما زلنا حليفا قويا لاميركا، ولا أعتقد ان روسيا تتعامل معنا كحليف استراتيجي، لكن سأكون مسرورا لو حدث ذلك.
● بعد تطبيع العلاقات التركية - الروسية وزيارة أردوغان لموسكو، هل تعتقد ان انقرة وموسكو تعملان معا لايجاد حل للمسألة السورية؟
- جرى أخيرا تعزيز العلاقات بين الطرفين، خصوصا بعد اسقاط الطائرة الروسية.
تركيا هي لاعب مختلف عن اسرائيل، فتركيا كانت حليفة لسورية قبل اندلاع الثورة، وبعد أقل من عام من اندلاع الثورة، أصبحت تركيا العدو رقم واحد للأسد وأصرت على إزاحته طوال الوقت.
وعلى عكس اسرائيل، كان لتركيا طوال الوقت موقف سياسي تجاه النزاع في سورية، فلتركيا مصلحة مباشرة في سورية بسبب الاكراد في الشمال وبسبب تنظيم «داعش» الذي ارتكب عددا من العمليات الارهابية في تركيا. فحدود تركيا مع سورية تعتبر اشكالية كبيرة، وهناك اكثر من 3 ملايين سوري انتقلوا الى داخل الاراضي التركية، وتركيا لاعب مباشر داخل سورية اكثر من اسرائيل.
فمن الطبيعي عندما يلتقي الرئيسان بوتين واردوغان ان يكون الملف السوري حاضرا على الطاولة، ليس على مستوى التعاون العسكري فقط، بل على المستوى السياسي ايضا، وأرى ان تحسّن العلاقات بين موسكو وأنقرة ساهم في تخفيض عدائية تركيا للأسد. ويقول القادة الاتراك الآن أن بامكان الأسد ان يبقى لمرحلة انتقالية ولكن ليس للمدى البعيد، وهذه موسيقى جديدة تأتي من انقرة ويبدو انه بسبب التأثير الروسي.
ولكن تبقى علامة الاستفهام الكبيرة، حول مستقبل العلاقات بين تركيا والغرب وربما بين تركيا وحلف شمال الاطلسي ايضا وهذا يعتمد على التطورات الداخلية في تركيا، وهنا أتساءل ما اذا كان الموضوع الروسي مرتبطا بذلك. فتركيا تريد علاقات جيدة مع روسيا باستمرار، ولكن بوتين هو الذي خلق الازمة بعد اسقاط الأتراك الطائرة الروسية، فأردوغان لم يكن يريد هذه الازمة التي اضرّت به كثيرا، ويحتاج الى فترة تعاف بين الدولتين. واردوغان يرى في روسيا بديلا محتملا للغرب، وهنا جاءت زيارته لموسكو، فهو يريد ان يضع الأزمة خلفه، وان يقول للغرب اذا ما بالغتم وتماديتم في انتقادي، فأستطيع ان أجد أصدقاء جدداً في العالم.
● كيف تنظرون الى دور الولايات المتحدة من الأزمة في سورية؟
- أعتقد ان المصلحة الاولى للولايات المتحدة تكمن اولا في إزالة تنظيم «داعش» وإخراجه من سورية، ثانيا على المدى البعيد إزالة بشار الاسد، ثالثا حماية الاكراد.
فإذا استطاعوا اخراج «داعش» من سورية، فيمكن لهذه القائمة أن تتغير وأن يركزوا على النظام الأسدي.
● كيف تقرأ الانقلاب الفاشل في تركيا؟
- هذا ما أتابعه دقيقة بدقيقة، وما نراه الآن في تركيا هو محاولة لاستئصال نفوذ الداعية الاسلامي فتح الله غولن، وهناك أدلة جديدة بخصوص الانقلابيين، والنظام في أنقرة يذهب الى الجذور في مقاومة الانقلابيين. وفي تركيا ما بين 5 الى 7 ملايين مؤيد لغولن، وعندما أرادوا اقتلاع هذه الجذور، واجه النظام التركي مقاومة كبيرة.
● وهل تعتقد أن الولايات ستقوم بتسليم غولن الى أردوغان؟
- تركيا تطلب من الولايات المتحدة تسليمها غولن، ولا أعلم اذا ما ستسلم واشنطن غولن لتركيا وهذا يعتمد على اعداد الدلائل والبراهين بتورطه في الانقلاب الفاشل، لكن الانطباع في الغرب ان اردوغان يذهب أبعد من مقاومة الانقلابيين، وليس فقط معاقبتهم، وفي حال استمر ذلك فترة طويلة فهذا سيعقد العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة وبين تركيا وأوروبا خصوصا اذا ما أعيد العمل بأحكام الاعدام.
أعرف تركيا جيدا أعرف أصدقاء هناك، الاميركيون دائما رأوا في غولن أمراً ايجابياً، ونشاطاته في مجال التعليم، سمحت له بفتح 200 مدرسة في الولايات المتحدة، لكن انقلابه الفاشل يعتبر ضرباً من الجنون على كل المستويات وكانت له نتائجه وتأثيراته. بلا شك حاول الانقلابيون قتل أردوغان باستخدام الجيش، والولايات المتحدة لا تحب الانقلابات العسكرية، وطبعا هناك نتائج غير مقبولة على الولايات المتحدة في حال ثبت أنه تمت إدارة الانقلاب من بنسلفانيا الأميركية، وحالياً، يوجد طلب لتسليم غولن وهناك مجموعة من الخبراء الاميركيين يدرسون حالة غولن لتقرير مصيره.
ما أستطيع ان اقوله بالتأكيد هو ان الادارة الاميركية الراهنة برئاسة أوباما تدرك ان طلب تسليم غولن يتطلب وقتا طويلا، وبالتالي لن تتخذ القرار، والاتراك يقولون اننا لا نتوقع ان يتمكن الرئيس باراك اوباما من الموافقة على طلبهم، وهم يعرفون ذلك جيدا.
● ماذا عن العلاقات الاسرائيلية - التركية وإعادة تبادل السفراء؟
- اسرائيل على عتبة زواج مرة جديدة مع تركيا ورفع التمثيل الى مستوى السفراء، هناك تطوّر في العلاقات، وهذا زواج مناسب، زواج ليس مبنيا على الحب لكنه زواج مصلحة. نتنياهو واردوغان لا يحبان بعضهما البعض ولكن هناك مصالح.
فتركيا خلال العام الماضي وجدت نفسها معزولة في المنطقة، ولديها مشاكل خطيرة جدا مع مصر، ومشاكل حقيقية وكبيرة مع سورية ومع الاكراد، ومشاكل مع ايران، ومع روسيا، والاتراك نظروا حولهم وقالوا اننا نحتاج الى تحسين علاقاتنا مع اسرائيل.
لكن اسرائيل كانت لديها رؤية مختلفة، فنحن لا نحتاجهم (الأتراك) سياسيا كما احتجناهم في الماضي، وبالنسبة لنا فمصر والاردن يغطيان هذه الفجوة ويسدان هذا الفراغ.
فالعلاقات الجيدة التي تحظى بها اسرائيل مع مصر والأردن واليونان وقبرص أصبحت بديلة للعلاقات مع تركيا.
لكن لإسرائيل مشكلة أخرى، فهي لا تستطيع تصدير الغاز، فليس لديها زبون جدي وذات مصداقية لشراء الغاز. وفي فترة من الفترات، نظرنا الى مصر على أنها زبون محتمل للغاز، لكن الأمر لم يعد كذلك في الأشهر الست الماضية.
وأعتقد أن السبب الرئيس الذي دفع اسرائيل الى «الزواج المناسب»، لمحاولة الحصول على زبون للغاز. وهناك مجازفة بأننا اذا لم نصدر الغاز الى تركيا، فلن نتمكن من تصديره نهائيا ما يؤدي الى خسارة بمئات مليارات الدولارات. وعليه، فللبلدين أجندتان مختلفتان ومصالح مختلفة من هذا الزواج. ولن يكون هناك شهر عسل، لكن ربما يولد «طفل صفقة الغاز». فأحيانا نحافظ على الزواج بسبب الأطفال، واذا ما تم التوصل الى صفقة الغاز تتم المحافظة على الزواج.
وبالنسبة لتركيا أن يكون لها سفير هنا، فهذا مهم جدا للاستقرار. فاسرائيل دولة قوية في المنطقة، وبالنسبة لنا فان فكرة الغاز أمر مهم لبناء علاقات جديدة.
● هل انت متفائل مع ما يلوح في الافق في العلاقات بين الفلسطينيين والاسرائيليين؟
- منذ نحو 3 سنوات والامور مجمدة بين اسرائيل والفلسطينيين، حتى وان اجتمعوا في غرفة واحدة فلن يحدث شيء غير تبادل اللكمات، واذا قمنا بالتحليل من الجانب السلبي، فهناك ازمة ثقة متبادلة، وهناك فجوة كبيرة في مواقف الطرفين.
في المقابل، هناك المبادرة الفرنسية ولا أعتقد انها نكتة، لكن نتنياهو لا يحبها ولا يتعاون معها، ويبني بدلا عنها الخيار المصري كأداة لتدمير المبادرة الفرنسية، لكن أعتقد ان لدى الفرنسيين حافزا، وسيعقدون مؤتمرا للدفع بمبادرتهم هذا العام.
وبناء على محادثاتي مع المسؤولين الفرنسيين، هم مهتمون جدا ويعملون الآن ضمن مجموعات عمل، وهناك حكومات اخرى تساعدهم. واعتقد ان المؤتمر سيعقد، لكن السؤال يكمن بمدى جدية هذا المؤتمر، فيما لو حضره أعضاء مجلس الأمن واذا ما تعاونوا على مسودة قرار تمرر الى مجلس الأمن.
ثمة إجماع بان تكون هناك دولتان على اساس حدود عام 1967 والقدس عاصمة للدولتين، والسؤال هل يستطيع الفرنسيون جمع العالم حول قرار مجلس أمن جديد على اساس حدود 1967 والقدس عاصمة للدولتين واعادة احياء الحوار قبل 20 يناير؟ يبقى هناك سؤال واحد فقط: هل ستستخدم الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) على هذا القرار ام لا؟
● كيف تنظر الى العلاقات المصرية - الاسرائيلية وهل بإمكان القاهرة أن تأخذ على عاتقها مبادرة دولية؟
- العلاقة بين مصر واسرائيل متميزة جدا، حيث انها تعتمد على قوة إسرائيل وضعف مصر. ومصر تحتاج جدا لإسرائيل وخصوصا في ما يتعلق بالقضايا الأمنية الخطيرة في شبه جزيرة سيناء. هناك حوار مفتوح بين البلدين وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري في اسرائيل أخيراً، ولا أقلل من شأن العلاقات الثنائية بين مصر وإسرائيل، لكن القول إن بإمكان مصر أن تأخذ على عاتقها مبادرة دولية، فهذا امر غير واقعي وغير منطقي.
ولربما يقولون لنتنياهو الأشياء التي يرغب في سماعها. وهم يقولون للفرنسيين أيضا إنهم يدعمون مبادرتهم، فهذا أشبه بالوضع عقب الحرب في غزة قبل عامين، حيث كان نتنياهو يرغب في إنهاء الحرب بصفقة سياسية في القاهرة، ولم يحدث ذلك ولم تكن هناك صفقة سياسية بعد الحرب، وكانت هناك محاولة، حيث ذهب الإسرائيليون والفلسطينيون الى القاهرة، لكن القاهرة لم تستطع أن تفعل شيئا لانها ليست بحجم الولايات المتحدة، ولأن وضعها الدولي لا يشبه الوضع الدولي للولايات المتحدة أو الأوروبيين.
وفي هذه المرحلة، لا أعتقد أن مصر بعلاقتها الثنائية المتميزة مع إسرائيل واعتمادها على اسرائيل من الناحية الأمنية، يمكنها حمل أعباء مبادرة دولية كهذه. ولهذا السبب أرى أن المبادرة الفرنسية هي الوحيدة في الساحة.
وللتذكير، عقد اخيرا لقاء في القاهرة بحضور 26 دولة لم تشارك فيه اسرائيل وكانت مأساة. الفرنسيون ليسوا وحدهم وهذا ما علينا ان نتذكره، لكن مصر وحدها وهي مدعومة فقط من إسرائيل.