المصدر / وكالات
في الوقت الذي تتهم فيه إسرائيل الإدارة الأميركية الحالية بأنها وراء قرار مجلس الأمن المناهض للاستيطان، فإن الخبراء هنا يقولون إن تبعات القرار على العلاقة الأميركية - الإسرائيلية لن تكون طويلة المدى، بسبب مواقف الإدارة المقبلة، والمعروفة مسبقاً تجاه القضية.
رغم هذا، فإن تأثير القرار على المجتمع الدولي سيكون أكبر، خاصة بعد أن يقوم وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بتقديم رؤيته لحل الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين صباح الأربعاء بالتوقيت المحلي.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية، مارك تونير، الثلاثاء أن كيري سيعرض موقف الإدارة الحالية لإطار حل الدولتين، والخطوات المقبلة التي يجب اتخاذها للتوصل لذلك. رغم أن تونير خفض من التوقعات المتعلقة بدفعة سياسية لحل القضية من قبل الإدارة في أيامها الثلاثة والعشرين المتبقية. تونير نفى أيضاً أن تكون الولايات المتحدة وراء نص قرار مجلس الأمن 2334 رغم الاتهامات الإسرائيلية.
من جهته، قال برايان كاتوليس، وهو باحث في مركز التقدم الأميركي ومؤيد لحل الدولتين، إن امتناع الولايات المتحدة عن التصويت والسماح لقرار 2334 بالمرور لم يكن موقفاً حكيماً و"إن القرار ليس استراتيجياً، بسبب ردة الفعل المعاكسة التي ستتبعه في إسرائيل (ضد الفلسطينيين) وفي الولايات المتحدة في الكونغرس وفي الإدارة الجديدة. القرار كذلك سيعزز من توجهات اليمين المتطرف. أي أثر إيجابي سيكون مؤقتاً ويتم عكسه بقدوم الإدارة المقبلة".
من جلسة مجلس الأمن التي تم خلالها تبني قرار إدانة المستوطنات
الإحباط وراء القرار
وجاء قرار إدارة الرئيس باراك أوباما بسبب "إحباط الإدارة الأميركية من حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وضيق الوقت"، وفق ما شرح مسؤولون للصحافيين. لكنه قد يكون أيضاً رغبة من أوباما لاتخاذ موقف تاريخي سيؤصل تركته وموقفه من الاستيطان، خاصة بعد مواقف ترمب العلنية تجاه القضية الفلسطينية، فهو يرغب في نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، ورشح سفيراً لواشنطن في إسرائيل يدعم الاستيطان.
وفي خطوة غير مسبوقة، تدخل الرئيس المنتخب في التصويت حتى قبل أدائه اليمين، في سلسلة من التغريدات على مدى خمسة أيام. فكتب ترمب "في الأمم المتحدة، ستتغير الأوضاع بعد العشرين من يناير"، وأعقبها بتغريدة أخرى "خسارة كبيرة لإسرائيل في الأمم المتحدة ستجعل من الصعب التفاوض من أجل السلام. هذا سيئ ولكن سيتم ذلك على أي حال"، وأخيراً "الأمم المتحدة لديها إمكانيات واعدة ولكنها الآن مجرد نادٍ للناس للاجتماع معاً والحديث وقضاء وقت ممتع، أمر محزن!". واستفاض ترمب في الشرح عبر وسيلة أخرى للتواصل الاجتماعي هي فيسبوك قائلاً "القرار الذي يتم البحث فيه في الأمم المتحدة فيما يتعلق بإسرائيل يجب أن يتم استخدام حق النقض ضده. كما تؤمن الولايات المتحدة دائماً، السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين يجب أن يأتي من خلال المفاوضات المباشرة بين الأطراف وليس من خلال فرض قيود من قبل الأمم المتحدة. هذا القرار يضع إسرائيل في موقف تفاوضي ضعيف وهو غير عادل إطلاقاً لجميع الإسرائيليين".
نقل "مركز النشاط"
الباحث كاتوليس أوضح أن "مواقف ترمب ستزيل أي وهم أو شك بأن الولايات المتحدة هي وسيط نزيه بين الطرفين، الأمر الذي قد ينقل مركز النشاط من أميركا إلى الشرق الأوسط وروسيا".
كل هذا يأتي بينما تستعد الحكومة الفرنسية لاستضافة مؤتمر حول السلام في الشرق الأوسط في 15 يناير، أي قبل خمسة أيام من تولي الإدارة الأميركية الجديدة السلطة. وتخشى إسرائيل أن تقوم عشرات الدول بالقبول بإطار دولي للسلام بين الطرفين. وأن يأتي الإطار ضد رغبات إسرائيل.
وما قد يزيد الطين بلة هو خطاب متوقع لجون كيري يشرح فيه تخيل الإدارة الحالية لحل شامل للقضية الفلسطينية. وهو ما قد لا يتلاءم مع سياسات الإدارة الجديدة، ولكن قد تكون له تبعات دولية. كل هذا أقلق مؤيدي إسرائيل في الولايات المتحدة.
في معاليه أدوميم إحدى كبريات المستوطنات بالضفة
لصالح الفلسطينيين
السفير الأميركي السابق في الأمم المتحدة جون بولتين، قال إن القرار "يميل الكفة لصالح الفلسطينيين". وكتب بولتين في عمود رأي بصحيفة "وول ستريت جورنال" إن على "الإدارة الأميركية الجديدة أن تحاول إلغاء القرار ومعاقبة الدول التي ترفض ذلك وتعليق بعض مساعداتها للأمم المتحدة. هذا سيكون شبه مستحيل بسبب الرفض الدولي العام لشرعية المستوطنات، ولأن دولاً دائمة أخرى في مجلس الأمن قد تستخدم حقها هي في رفض قرار مناقض للقرار الحالي".
وقد تكون هناك تبعات أخرى للقرار منها مقاطعة المزيد من الدول لمنتجات المستوطنات.
كما تلا القرار استنكارات متكررة من قبل مشرعين جمهوريين وديمقراطيين أيضا، والكثير منها جاءت من نواب وشيوخ يعارضون المستوطنات ولكن يعتقدون أن مجلس الأمن ليس مسرحاً فعالاً لملاحقة إسرائيل.
رغم هذا فامتناع الولايات المتحدة عن التصويت لم يكن بدون أسبقية: لارا فريدمان، وهي مديرة السياسات والعلاقات الحكومية في منظمة الأميركيين من أجل السلام الآن وجدت - بعد بحث مطول - أن الولايات المتحدة مراراً سمحت بتمرير قرارات عارضتها إسرائيل في المجلس.
ليس القرار الأول
وأوضحت فريدمان أنه "خلال السبع سنوات الماضية الرئيس أوباما لم يسمح بمرور أي قرار لمجلس الامن ينتقد إسرائيل، لكن بحثاً في السجل التاريخي منذ عام سبعة وستين يظهر أن جميع الرؤساء الأميركيين سمحوا للمجلس بالتصويت، أو صوتوا من أجل قرارات توجه أصبع الاتهام تجاه إسرائيل لسياساتها تجاه الفلسطينيين أو العرب".
وأشارت فريدمان إلى ستة قرارات خلال ولاية جورج بوش الابن، منها قرار عام 2004 اعتبرته إسرائيل غير عادل يشجب هدم إسرائيل لبيوت فلسطينية في غزة، وآخر عام 2002 ينادي بوقف لإطلاق النار وتجميد الاستيطان وبانسحاب إسرائيلي من المدن التي أعادت احتلالها بعد الانتفاضة الثانية، وهو قرار كانت إسرائيل قد عارضته.