المصدر / وكالات
أثار رحيل الرئيس الإيراني الأسبق، أكبر هاشمي رفسنجاني، جدلاً كبيراً في وسائل الإعلام الإيرانية حول إرثه الذي تأرجح بين جهوده للإصلاح ودوره باغتيال المعارضين في الداخل والخارج.
كما تناولت كذلك التفجيرات الإرهابية التي قام بها النظام الإيراني خدمة لأهدافه التوسعية.
وبدأ تورط رفسنجاني بمجزرة إعدام عشرات الآلاف من السجناء السياسيين بالسجون في صيف عام 1988، حيث كان يتولى منصب رئيس البرلمان بين عامي 1980 و1989، وفي آخر أعوام الحرب العراقية الإيرانية التي انتهت عام 1988، عينه آية الله الخميني قائماً بأعمال قائد القوات المسلحة.
ولعب دوراً رئيسياً باختيار علي خامنئي مرشداً أعلى للنظام بعد وفاة الخميني في 1988، وتولى نفسه رئاسة الجمهورية ما بين 3 آب/أغسطس من سنة 1989 إلى 2 آب/أغسطس 1997. كما احتفظ لنفسه برئاسة مجمع تشخيص مصلحة النظام منذ تأسيسه بقرار من الخميني في 1987 حتى وفاته.
وحدثت في عهده عشرات الاغتيالات وعمليات التصفية ضد معارضي نظام ولاية الفقيه في داخل إيران وخارجها وهي كما يلي:
- في بداية عهد رفسنجاني كرئيس للجمهورية، في العام 1989 اغتالت إيران في فيينا عبدالرحمن قاسملو، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني ومساعده عبدالله آذر، وهو على طاولة التفاوض مع وفد جاء من إيران.
اغتيال الزعيم الكردي الإيراني عبدالرحمن قاسملو في فيينا في 1989م
- في العام الثاني لرئاسة رفسنجاني، وبالتحديد في 24 نيسان/أبريل 1990 اغتالت عناصر المخابرات الإيرانية كاظم رجوي شقيق مسعود رجوي، زعيم منظمة مجاهدي خلق المعارضة، وكان ناشطاً بارزاً بمجال حقوق الإنسان، حيث اغتيل بالقرب من منزله في كوبيه في جنيف.
كاظم رجوي
وأعلن القاضي السويسري شاتلان في 22 حزيران/يونيو 1990 في بيان صحافي أن 13 مسؤولاً رسمياً للنظام الحاكم في إيران جاؤوا من طهران إلى جنيف بجوازات سفر "دبلوماسية" لتنفيذ هذا الاغتيال، وعاد بعضهم مباشرة بعد الاغتيال إلى طهران برحلة لشركة الخطوط الجوية الإيرانية.
- في الثالث من أيار 1991 اغتالت إيران الأمين العام للجبهة العربية الأحواز، حسين ماضي، في بغداد، حيث كان مقر الجبهة.
حسين ماضي الأمين العام السابق للجبهة العربية لتحرير الأحواز
- عام 1991 في عهد رئاسة رفسنجاني، قام الحرس الثوري الإيراني باغتيال شابور بختيار، آخر رئيس وزراء في إيران في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، ما أودى بحياة رجل أمن فرنسي وسيدة فرنسية أيضاً.
شابور بختيار آخر رئيس وزراء في إيران في عهد الشاه
- في برلين عام 1992 في عهد رفسنجاني أيضاً اغتالت إيران الأمين العام للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني صادق شرفكندي و3 من مساعديه "فتاح عبدولي، همايون اردلان، نوري دهكردي". واتهمت محكمة ألمانية في التحقيقات رفسنجاني بناء على اعترافات اثنين من المتورطين المعتقلين، وأحدهما من عناصر الحرس الثوري والآخر من ميليشيات "حزب الله" اللبناني
- يتهم القضاء الأرجنتيني 8 مسؤولين إيرانيين على رأسهم أكبر هاشمي رفسنجاني ووزير الدفاع السابق أحمد وحيدي بالضلوع بالتخطيط والإشراف على التفجيرات الدامية التي استهدفت المركز اليهودي في العاصمة بوينس أيرس عام 1994 التي سقط فيها 85 قتيلاً و300 جريح.
أما المتهمون الآخرين فهم كل من أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي وعلي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى الإيراني للشؤون الدولية، وعلي فلاحيان وزير الاستخبارات الأسبق، وهادي سليماني وعماد مغنية.
فيما تتهم المعارضة الإيرانية رفسنجاني بالإشراف على اغتيال قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في مطعم ميكونوس في العاصمة الألمانية برلين عام 1991.
وبحسب صحيفة "وول استريت جورنال" الأميركية، فإنه بناء على شهادة أحد ضباط المخابرات في المحكمة الجنائية في ألمانيا، كان رفسنجاني يجتمع دوماً وبشكل منتظم مع "لجنة العمليات الخاصة" المشرفة على محاولة الاغتيالات في خارج البلاد.
وبحسب الصحيفة، قام قضاة بالمحاكم الأرجنتينية بجمع وثائق تثبت دور رفسنجاني في تفجير السفارة الإسرائيلية في 1991 وتفجير المركز اليهودي عام 1994 في بوينس أيريس، حيث قتل في كلا التفجيرين أكثر من 100 شخصاً.
- وفي عهد رئاسة رفسنجاني عام 1995 قام عناصر النظام بتفخيخ أبراج "الخبر" في السعودية، ما أدى إلى مقتل 19 جندياً أميركياً.
الاغتيالات المسلسلة في الداخل
من جهتها، نفذت وزارة الاستخبارات الإيرانية في عهد رفسنجاني والتي كان يقودها علي فلاحيان، موجة "الاغتيالات المتسلسلة"، حيث تم تصفية عشرات الكتّاب والسياسيين في الداخل، وراح ضحيتها محمد مختاري وجعفر بويندة وداريوش فروهر وزوجته بروانه اسكندري وبيروز دواني، ونفذتها خلية بقيادة سعيد إمامي نائب وزير الاستخبارات آنذاك.
من اليسار- داريوش فروهر وزوجته بروانه اسكندري ومحمد مختاري وجعفر بويندة - من ضحايا الاغتيالات المسلسلة
وكانت الاغتيالات تتم وفق فتاوى من رجال الدين المتشددين مصباح يزدي وجنتي وآخرين، حيث سَرّبت قائمة تقضي بفتاوى لاغتيال 197 مثقفاً وكاتباً، لكنها توقفت بعد جدل في داخل النظام وصعود نجم الإصلاحيين بقيادة الرئيس الأسبق محمد خاتمي (1997- 2005).