المصدر / وكالات
ظهر والد المشتبه المصري بمهاجمة متحف "اللوفر" في باريس، صباح الجمعة، بمعلومات عن ابنه عبد الله الحماحمي وما كان يفعله في العاصمة الفرنسية، متناقضة باستنتاجاتها بما وردت في تحقيق أولي، استند إليه المدعي العام الفرنسي، فرنسوا مولان، وذكر معظمها في مؤتمر صحافي عقده مساء أمس الجمعة، وتقارن "العربية.نت" الآن أقواله بأقوال والد المشتبه المصري، اللواء السابق رضا رفاعي حماحمي، الضابط سابقاً أيضاً بالشرطة المصرية، فقد زوّد الإعلام بجديد مهم عن ابنه في معرض نفيه لعلاقته بالإرهاب في فرنسا، كما وبأي جهة سياسية.
قال اللواء، إن ابنه المقيم منذ عامين بالشارقة، سافر منها إلى باريس "في مأمورية عمل منذ يوم 26 ديسمبر الماضي، وكان مقرراً عودته إلى الإمارات السبت (اليوم) وذهب الجمعة قبل أن يستعد للسفر لالتقاط صور مع برج إيفل ومتحف اللوفر، وأرسل لنا الصور قبل الحادث بدقائق"، وفق ما ذكر لصحيفة "المصري اليوم" بعدد السبت.
المدعي العام الفرنسي فرنسوا مولان، ذكر أن الحماحمي هاجم الشرطة بساطورين ثمنهما 680 يورو
ويمكن التأكد من كلامه بسهولة، عبر سؤال الشركة التي يعمل فيها ابنه بالشارقة، عما إذا أرسلته فعلاً بمهمة عمل إلى باريس، كما يمكن التأكد من حجز الحماحمي رحلة العودة السبت إلى مطار دبي، لا الأحد كما قال المدعي العام الفرنسي في مؤتمره الصحافي. لكن سواء كانت العودة السبت أو الأحد، فلماذا يحجز أحدهم تاريخ العودة إذا كان سيقوم بعملية إرهابية؟
عملية إرهابية سلاحها ساطور في أشد الأماكن حراسة
وأرسل اللواء السابق للصحيفة، صورتي "سيلفي" التقطهما ابنه لنفسه في باريس، وبثهما عبر هاتفه الجوال إليه، وتنشرهما "العربية.نت" أدناه، نقلاً عن "المصري اليوم" وفي إحداهما نراه أمام المتحف المشتبه بمهاجمته، ربما قبل وقت قصير مما أقدم عليه فيه، فيما لو كان هو المهاجم فعلاً، باعتبار أنه من الصعب أن يقدم أحدهم على ارتكاب عملية إرهابية تستهدف مقراً شهيراً وشديد الحراسة، وليس معه إلا ساطور، أي كمن يتصدى لطائرات الجيش الأميركي بمدفع مضاد من زمن الحرب العالمية الثانية.
صورتان أرسلهما الحماحمي من باريس لوالده، ونشرتهما المصري اليوم، ووراءه اللوفر بالصورة الى اليمين
مع ذلك، ذكر الوالد أيضا أن ابنه لم يكن معه أي سلاح "بدليل أنه مر من البوابات الإلكترونية"، وأن الشرطة اعتدت بإطلاق النار عليه، وقال: "لا نعرف ماذا حدث هناك حتى وصل الأمر لذلك" ولهذا السبب ناشد السلطات المصرية الوقوف مع ابنه والتحقق مما حدث له في باريس، وقال: "ابني كان يعيش حياة أسرية هادئة ومتزوج ويعمل في شركة محاماة وتعاقدات تجارية بالإمارات، فكيف يتم اتهامه بالإرهاب؟
عبر بوابة المتحف الماسحة للمعادن وبحوزته ساطوران
اللافت فعلاً، هو ما قاله الأب عن عبور ابنه الباب الإلكتروني، الماسح كل أنواع المعدنيات مع الزوار، وهو الحامل ساطورين إلى أكبر وأشهر متحف بالعالم، والمعروف بأنه محاط بأشداء من الحرس منذ زمن بعيد، لا بسبب الإرهاب فقط، بل خوفا من السرقة، لأن "اللوفر" وما فيه، هو طبق شهي ومسيل للعاب المافيات والسراق المحترفين، وبغفلة عين واحدة قد يخسر لوحة "الموناليزا" مثلا، أو غيرها مما قيمته مئات الملايين من الدولارات.
والدليل على أن الحماحمي عبر باب "اللوفر" الإلكتروني إلى داخله، هو بث الوكالات لصورتين له مرميا على الأرض بعد إطلاق الشرطة رصاصها عليه، وتنشرهما "العربية.نت" أدناه، ونراه فيهما داخل "اللوفر" في طابقه الأرضي، حيث يوجد درج لصعود الزائر إلى طابقه الأول، ونلاحظ في الصورة الثانية أحد ساطوريه وقد سقط على الأرض.
عبدالله الحماحمي داخل اللوفر بعد أن رماه حرس المتحف بالرصاص
أما عن قول الأب إن ابنه "المتزوج ويعيش حياة عائلية في الإمارات" سافر في 26 ديسمبر من مطار دبي إلى باريس، فقط تكون لفظة سهو منه، لأن المدعي العام الفرنسي François Molins ذكر أن الحماحمي وصل إلى مطار شارل ديغول قرب العاصمة الفرنسية بعد ذلك التاريخ بشهر، أي في 26 يناير، وبجواز سفره المصري تأشيرتا سفر عامي 2015 و2016 إلى تركيا، وثالثة إلى السعودية.
كل ساطور ثمنه أكثر من 365 دولاراً
وأغرب ما ذكره المدعي العام الفرنسي أن الحماحمي هو الذي هاجم رجال الشرطة وراح يردد "الله أكبر" فردوا على تحرشه بالرصاص، مع أن أي راغب بعملية انتحارية يفترض به مهاجمة زوار المتحف لا حراسه، المفترض أن يتجنبهم. كما ذكر المدعي العام أن الحماحمي اشترى ساطورين من محل قرب ساحة الباستيل بباريس "دفع ثمنهما 680 يورو نقدا" وبهما هاجم المتحف الذي كان بداخله 300 زائر، إضافة إلى 800 بجواره، وفقاً للوارد السبت بموقع صحيفة Le Parisien الفرنسية.
أحد المحلات في لندن يعلن أحيانا عن بيع ساطور كالذي كان مع الحماحمي بسعر يعادل 50 دولار
الغريب هو الثمن المرتفع للساطورين، والذي لا يمكن تفسيره إلا بخطأ معلوماتي، أو أن الحماحمي تعرض لعملية غش واضح، ربما لشعور البائع أنه زائر "5 نجوم" فقد حل في المدينة بشقة فندقية إيجارها الشهري أكثر من 7 آلاف دولار في الدائرة الثامنة، وهي الأرقى مع الدائرة 16 بباريس المسموح فيها بيع السواطير، عملا بقانون سنوه في 6 سبتمبر 2013 وصنّفها بحسب ما قرأت "العربية.نت" في موقع صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية، ضمن الفئة D للأسلحة، أي بنادق الصيد والهراوات والسكاكين.
ما عثروا عليه بغرفته الفندقية
غريب آخر ذكره المدعي العام، هو عثور المحققين بغرفة الحماحمي الفندقية على 965 يورو، مع سترة مطابقة للتي كان يرتديها وقت الهجوم على المتحف، كما وجهاز Ipad وعدد من بطاقات الدفع المسبق، وبطارية مستقلة لهاتفه الجوال ورخصة قيادة إماراتية وبطاقة ائتمان تابعة لبنك إماراتي، فهل يترك هذا كله مقابل عمل إرهابي يصعب خروجه منه طليقا في موقع شديد الحراسة؟ خصوصا أن ما تركه يدل على هويته بسهولة.
في هذا الفندق بالدائرة الثامنة الأرقى بين مناطق باريس، استأجر غرفة ايجارها الشهري يعادل 7000 دولار
ذكر المدعي العام الفرنسي أيضاً أن الحماحمي طلب في 30 أكتوبر الماضي تأشيرة من القنصلية الفرنسية بدبي لزيارة فرنسا، وتسلمها في 8 نوفمبر، صالحة من يوم 20 ديسمبر إلى 17 فبراير الجاري، فسافر في 26 يناير إلى باريس، حاجزا عودته في 5 فبراير (غدا الأحد) واستأجر شقة فندقية إيجارها الأسبوعي 1700 يورو، وفي 27 يناير الماضي، استأجر سيارة، وتم العثور عليها متوقفة أمس الجمعة في أحد شوارع الدائرة الثامنة بباريس.
تغريدة غريبة أيضا.. من ترمب، وغيرها للحماحمي
ثم ظهر من الجانب الآخر للعالم، غريب من الولايات المتحدة، هي تغريدة "تويترية" كتبها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في حسابه الذي يدير منه شؤون أكبر دولة بالعالم، وفي "التغريدة" المنشورة صورتها أدناه، كتب يقول: "متطرف إسلامي جديد هاجم قبل قليل متحف اللوفر بباريس. تم تأمين السياح. فرنسا في الهاوية مجددا. للولايات المتحدة: تعاملي بذكاء" وتحققت صحيفة "التايمز" البريطانية، وفقا للوارد بعددها اليوم السبت، من وقت كتابته لتغريدته، فوجدت أنه اتهم "متطرفا إسلاميا" قبل أن تتعرف الشرطة الفرنسية إلى اسم وجنسية مهاجم المتحف.
تغريدة دونالد ترمب، كتبها قبل أن تعلم السلطات الفرنسية باسم وجنسية مهاجم المتحف
لكن أكثر ما يدين الحماحمي، هي سلسلة تغريدات كتبها بحسابه abdallahhamahmy@ في "تويتر" التواصلي، فيما لو كان الحساب له فعلا، وقال في بعضها قبل ساعة من الهجوم على المتحف: "لا تفاوض، لا مساومة، لا مداهنة.. ثبات لا تراجع، حرب لا هوادة فيها". وقال في ثانية: "هم يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم.. وفيم الخوف من لوم الناس، وهم قد ضمنوا حب رب الناس؟ وفيم الوقوف" وفي تغريدة ثالثة قال: "اصبري يا أماه فإنك على الحق! إن من ينظر بعين العقل والمنطق يرى أن ماشطة فرعون أهلكت نفسها وأولادها" إلا أن الحساب اختفى من "تويتر" وأصبح كأنه لم يكن.
وعودة إلى ما قاله الأب المقيم في مدينة المنصورة، فقد ذكر عن ابنه بأنه أب لطفل عمره 7 أشهر، ولم يكتب في حسابه "التويتري" شيئاً وكان في المتحف "يتفسح، ويحمل حقيبتين على ظهره، ويرتدي بنطلونا جينز وقميصاً، وطلب منه الأمن تفتيش الحقيبتين، فرد بأنه ليس فيهما شيء، فقامت الشرطة بإطلاق النار عليه بالخطأ، بزعم أن معه سلاحاً حاداً، وبررت ذلك بأنه إرهابي". أما عن سفره إلى تركيا، فأخبر "المصري اليوم" أن ابنه الذي أصيب برصاصتين في بطنه ويخضع للعلاج الآن في مستشفى بباريس يعمل في شركة بالشارقة، ويقوم بعقد صفقات ويسافر إلى جميع الدول".