المصدر / وكالات
قال الجيش الأمريكي يوم السبت إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة شن هجوما على منطقة يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في مدينة الموصل العراقية حيث قال سكان ومسؤولون إن 200 مدني ربما قُتلوا في غارة جوية.
ويأتي التأكيد الأمريكي بعد قرار اتخذته القوات الحكومية العراقية بوقف هجومها لاستعادة غرب الموصل يوم السبت بسبب ارتفاع عدد الضحايا من المدنيين وذلك حسبما قال متحدث باسم قوات الأمن في خطوة ربما كان هذا الحادث هو دافعها.
ومع ازدياد حدة القتال لاستعادة الموصل ما زال نحو نصف مليون مدني متواجدين في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في غرب المدينة مما يُعقد استخدام الغارات الجوية والمدفعية الثقيلة لطرد التنظيم من آخر معقل رئيسي له في العراق.
وبدأت القوات العراقية في دخول المدينة القديمة بالموصل حيث يقول سكان فارون إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية يندسون بين السكان المدنيين ويلجأون إلى منازل العائلات ويستخدمون الأزقة والشوارع الضيقة لصالحهم.
ولم يُعرف بعد ما جرى في الحادث الذي وقع في حي الموصل الجديدة في 17 مارس آذار. ويقول بعض السكان إن غارة جوية للتحالف أصابت شاحنة مليئة بالمتفجرات مما أدى إلى وقوع انفجار هائل أدى إلى انهيار مبان مكتظة بالعائلات.
ويقول مسؤولون عسكريون أمريكيون إنهم يجرون تحقيقا ولكن تقارير أولية من سكان ومسؤولين عراقيين في الأسبوع الماضي قالت إن عشرات الأشخاص قُتلوا بعد غارات جوية شنتها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة.
وقال عبد الستار حبو رئيس بلدية الموصل والذي يشرف على عملية الإنقاذ إنه تم انتشال 240 جثة من تحت أنقاض المباني المنهارة. وكانت تقديرات سابقة من مسؤولين محليين قد ذكرت أن نحو 130 شخصا قُتلوا.
وأبدت الأمم المتحدة أيضا قلقها العميق وقالت إنها "صُدمت بهذه الخسائر الرهيبة في الأرواح."
وقالت القيادة المركزية الأمريكية التي تشرف على عمليات الجيش الأمريكي بالشرق الأوسط يوم السبت إن مراجعة أظهرت أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة استهدف بطلب من قوات الأمن العراقية مقاتلين وعتادا للدولة الإسلامية "في موقع يتوافق مع مزاعم سقوط ضحايا من المدنيين".
وأضافت أنها تحقق لمعرفة الحقائق ومدى صدق التقارير عن الضحايا المدنيين. ولم تحدد أي دولة في التحالف نفذت الهجوم.
ولم يتضح سبب الانهيارات على وجه الدقة ولكن نائبا محليا واثنين من السكان قالوا يوم الخميس إن من المحتمل أن الغارات الجوية أدت إلى تفجير شاحنة لتنظيم الدولة الإسلامية مليئة بالمتفجرات مما أدى إلى تدمير المباني في تلك المنطقة ذات الكثافة السكانية.
وقال رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري في بيان إن ما يحدث في غرب الموصل "أمر بالغ الخطورة ولا يمكن السكوت عنه في أي حال من الأحوال."
ومن المعتقد أن ما يصل إلى 600 ألف مدني ما زالوا موجودين في المناطق التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية في الموصل فيما يشكل تحديا للهجوم الحكومي ليس فقط من الناحية التكتيكية ولكن من الناحية السياسية أيضا مع سعي الحكومة التي يقودها الشيعة لتفادي إثارة غضب الناس في المدينة التي يغلُب عليها السنة.
*أساليب جديدة
وتحدث سكان فروا من غرب الموصل المحاصر عن غارات جوية عراقية ومن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أدت إلى تدمير مبان وقتل العديد من المدنيين في عدة حالات.
وقال السكان الفارون إن المتشددين استخدموا أيضا المدنيين دروعا بشرية وفتحوا النار عليهم لدى محاولتهم الهرب من الأحياء الخاضعة لسيطرة التنظيم.
وقال متحدث باسم الشرطة الاتحادية يوم السبت "العدد المرتفع في الآونة الأخيرة من القتلى بين المدنيين داخل المدينة القديمة أجبرنا على وقف العمليات لمراجعة خططنا... حان الوقت لبحث خطط هجوم وأساليب جديدة. لن نواصل العمليات القتالية."
وأسفر الهجوم الذي يستهدف طرد الدولة الإسلامية من الموصل، والذي دخل الآن شهره السادس، عن استعادة الجانب الشرقي من المدينة بأكمله ونحو نصف الجانب الغربي.
لكن التقدم تعثر في الأسبوعين الأخيرين مع وصول القتال إلى المدينة القديمة حيث تنتشر الأزقة الضيقة وبها مسجد النوري حيث أعلن زعيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي دولة "خلافة" تمتد على مناطق شاسعة في العراق وسوريا في 2014.
وقال المتحدث باسم الشرطة الاتحادية "نحتاج إلى التأكد من أن طرد داعش من المدينة القديمة لن يؤدي إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى المدنيين. نحن بحاجة لعمليات شديدة الدقة لاستهداف الإرهابيين دون التسبب في أضرار جانبية بين السكان."
وقال نائب القائد العام للتحالف الأمريكي لرويترز يوم الجمعة إن الحل قد يكمن في تغيير الأساليب. وقال البريجادير جنرال جون ريتشاردسون إن الجيش العراقي يدرس فتح جبهة أخرى وعزل المدينة القديمة حيث يبدي المتشددون مقاومة شرسة.
ووصف سكان فارون ظروف المعيشة القاسية داخل المدينة قائلين إنه لا يوجد ماء ولا كهرباء ولا غذاء يدخل إليها.
لكن الأسر تخرج من الموصل، ثاني أكبر مدينة عراقية، بالآلاف يوميا وتتوجه إلى مخيمات باردة ومزدحمة أو تذهب إلى أقاربها. ويجعل الجوع والقتال الحياة في المخيمات غير محتملة.
وقال المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن هناك تقارير غير مؤكدة عن مقتل قرابة 700 مدني في ضربات جوية للحكومة والتحالف أو أعمال عنف للدولة الإسلامية منذ بدء الهجوم على غرب الموصل في 19 فبراير شباط.
واستخدم المتشددون سيارات ملغومة وقناصة وقذائف مورتر للتصدي للهجوم. ويتمركزون أيضا في منازل لسكان في الموصل بهدف إطلاق النار على القوات العراقية مما يستدعي في كثير من الأحيان تنفيذ ضربات جوية أو إطلاق نيران مدفعية يسقط بسببها قتلى مدنيون.
وقالت ليز جراند منسقة الأمم المتحدة إن المدنيين يتعرضون لأخطار جسيمة مع احتدام القتال في الموصل وإن على جميع الأطراف أن تبذل كل ما في وسعها لتجنب سقوط ضحايا منهم.
وأضافت "القانون الإنساني الدولي واضح. أطراف الصراع، كل الأطراف، ملزمة ببذل كل ما في وسعها لحماية المدنيين. هذا يعني أن المتحاربين لا يمكنهم استخدام الناس دروعا بشرية أو تعريض حياتهم للخطر من خلال الاستخدام العشوائي لقوة السلاح."