المصدر / وكالات - هيا
تباينت قراءات المراقبين في مصر لعزل وزير الدفاع المصري الفريق صدقي صبحي شريك الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي في انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013 على الرئيس المنتخب محمد مرسي.
وأدت الحكومة المصرية الجديدة برئاسة وزير الإسكان السابق مصطفى مدبولي أمس الخميس اليمين الدستورية أمام السيسي.
وبموجب التغيير الوزاري الجديد عين قائد الحرس الجمهوري الفريق محمد زكي وزيرا للدفاع والإنتاج الحربي خلفا للفريق صبحي، وكان الأول شاهدا رئيسيا على إدانة الرئيس المعزول محمد مرسي في قضية التخابر المتهم بها مرسي.
ونظر مراقبون إلى صبحي باعتباره ثاني أقوى رجل في نظام السيسي، إذ ظل هناك اعتقاد على نطاق واسع بأنه كان محصنا دستوريا من العزل، فضلا عن ظهور السيسي وصبحي في مختلف المناسبات كشريكين في السلطة.
لكن نظرة ذات مغزى صدرت من السيسي تجاه صبحي ـوكان جالسا إلى جواره في إحدى المناسبات قبل شهورـ كشفت عن عدم ارتياح السيسي لصبحي الذي سعى إلى طمأنته بتصفيق وتصديق على كلام السيسي الذي كان يقول بلهجة تحذير وهو ينظر لصبحي "ناس لا تعرف معنى للدولة، وعايزة تتصدى وتتكلم، أنا بقالي خمسين سنة باتعلم يعني إيه دولة". وفسر مراقبون حينها كلام السيسي بأنه موجه إلى صدقي بألا يهدد وجود الأول على رأس السلطة.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي استهدف صاروخ طائرة وزير الدفاع بمطار العريش في سيناء شرقا، وكان برفقته وزير الداخلية مجدي الغفار الذي تم عزله أيضا في التغيير الوزاري الأخير، وظهر التأثر الشديد على وجه صدقي صبحي وأمارات عدم استيعاب كيفية وقوع هذا الاستهداف.
إطاحة دستورية
وتداول برلمانيون عقب فوز السيسي بفترته الرئاسية الثانية رغبة النظام في ضرورة تعديل الدستور، خاصة المادة المتعلقة بمدة حكم رئيس الجمهورية، والأخرى التي تحصن منصب وزير الدفاع.
ووضعت مادة تحصين وزير الدفاع بإيعاز من السيسي حينما كان وزيرا للدفاع لحمايته من العزل، إذ كشفت تسريبات صوتية لحوار صحفي مع السيسي إيعازه إلى محاوره بأنه يريد مادة في الدستور الجديد "عام 2014" بتحصين منصب وزير الدفاع.
غير أن قرار السيسي عزل صدقي صبحي جرى تفسيره بأنه لا يعبأ بمواد الدستور بدليل أنه عزل من قبل رئيس جهاز المحاسبات هشام جنينة رغم أن الدستور يحظر على رئيس السلطة التنفيذية عزل رئيس الجهاز الذي يراقبه ماليا.
لكن المحامي طارق العوضي قال إن المادة 234 من الدستور الحالي نصت على "أن يكون تعيين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة".
صوت العقل
وبحسب مجدي حمدان نائب رئيس حزب الجبهة، فإن عزل صبحي يرجع إلى أنه "بدأ في التوهج" وبدا أن هناك تيارا أصبح يستمع إليه لأن "لديه نبرة من صوت العقل".
ولاحظ حمدان أنه كان من المتداول في أروقة الرئاسة المصرية عدم الترحيب بالرجل الثاني خوفا من أن يصل إلى كرسي الحكم.
وبرأيه، فإن صبحي أخطأ عندما كشف لدوائر في السلطة عن مواقف مخالفة لتوجهات الرئاسة، ولا سيما الاعتراض على تغيير الدستور لتمديد فترة الحكم، مما تسبب في الإطاحة به.
قلق الانقلاب
بالمقابل، رأى الكاتب الصحفي سليم عزوز أن السر في العزل يكمن في أن صبحي يعرف "أين تقع مفاتيح الانقلاب"، ولديه خبرة في ذلك منذ "شارك في الاتفاق على الانقلاب" على الرئيس مرسي، ولهذا السبب فهو "مصدر لقلق السيسي".
وأكد عزوز أن السيسي يتخلص من "شريكه في الانقلاب" على الرئيس المنتخب، وربما "يجبره السيسي على القول إنه تقدم باستقالته لأنه مريض"، فوزير الدفاع الأسبق المشير محمد أبو غزالة نفسه رضخ لأمر الرئيس المخلوع حسني مبارك بتقديم استقالته، وهذه هي "طبيعة العسكر".
واعتبر أستاذ العلوم السياسية حازم حسني أن تغيير السيسي وزيري الدفاع والداخلية يثبت أن "الرجل متوتر"، و"غير مطمئن، ويتوجس من القادم"، وحلقات الثقة من حوله "تفقد قوامها".
ويبدي حسني -وهو أيضا نائب المرشح المعتقل رئيس الأركان السابق سامي عنان في حملته الانتخابية- شكوكا في قدرة هذه الإجراءات على استعادة الشعور الغائب بالأمان، وتحقيق الاستقرار لمؤسسات الحكم.
المصدر : الجزيرة