المصدر / وكالات - هيا
في حين يعكف الساسة العراقيون في الظروف الجديدة التي تسود البلاد على تقييم الاوضاع بهدف تشكيل ائتلاف موسع، يقوم مساعد وزير الخارجية الاميركية بمشاورات مكثفة مع بعض الشخصيات السياسية العراقية، الامر الذي يشير الى ان اميركا لازالت تعقد الامل على بلورة ائتلاف واسع يخضع لاملاءاتها رغم ان نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة لم تكن وفق اهوائها. اميركا التي اصطدمت كرارا ومرارا برفض العراقيين لتواجدها على اراضيهم، تتصور ان بامكانها من خلال استغلال الظروف الراهنة وبناء على العقيدة الاستعمارية الجديدة وبدون استخدام اي سلاح او معدات، تعزيز تواجدها في هذا البلد. لذلك نرى انها وضعت في سلم اولوياتها مسألة الائتلافات والتدخل في اختيار رئيس الوزراء.
ماهية الجماعات المتنافسة في مسألة الانتخابات العراقية تشير الى انه ورغم التقاربات والافتراقات المكررة خلال الاشهر الاخيرة بين الاحزاب في العراق على الصعيد السياسي، الا ان حظوظ تيارين هما اكبر من التيارات الاخرى لتشكيل ائتلاف موسع في البرلمان، والطريف ان كلا من التيارين يدعي بانه الاقرب الى تشكيل الائتلاف الاكبر لتأليف الحكومة.
المؤشرات تشير الى ان منافسة حامية وصعبة ستكون بانتظار التيار الاول الذي يتكون من تحالف "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر و"الحكمة" بزعامة عمار الحكيم و"النصر" بزعامة العبادي و"الوطنية" بزعامة علاوي، والتيار الثاني الذي يتكون من تحالف "الفتح" بزعامة العامري و"دولة القانون" بزعامة المالكي و"الفضيلة"، وكما يقال جزء من تحالف "النصر" المنفصل عن العبادي.
وفي هذا البين فان الانظار تتجه نحو الاحزاب الكردية والسنية لان كل تيار ينجح في كسب ود هذه الاحزاب سيكون النصر حليفه والعكس صحيح، لذلك فان غالبية الجهود تركز حاليا بهذا الاتجاه. وهذا هو سر تركيز مساعد وزير الخارجة الاميركي على هذا الموضوع، فهو يريد ضمان مصالح بلاده عبر تقريب وجهات النظر بين هذه التيارات والتصيد في الماء العكر. والى جانب هذه التحركات تجري حاليا محاولات للتقريب بين الصدر والمالكي، وفي حال نجاحها فانها ستشكل نجاحا باهرا للائتلاف الشيعي الموسع.
من النقاط المهمة وكذلك المؤثرة بشكل كبير على نتائج الائتلافات الراهنة، احتمالية خروج فالح الفياض من تحالف "النصر" بزعامة العبادي. انفصال هذا القيادي الحشدي عن حيدر العبادي سيؤدي من جهة الى فقدان تحالف النصر لبعض مقاعده وبالتبع تقليل حظوظ ائتلاف سائرون وحلفائه للفوز في المنافسة مع التيار الثاني، ومن جهة اخرى كما يقال سيجعله من المرشحين البارزين لتصدي منصب رئاسة الوزراء، الامر الذي لا يستسيغه الاميركان كثيرا في الوقت الراهن. وعلى هذا الاساس فان الاهتمام بالتقارير التي تشير في طياتها الى ان رؤية المرجعية فيما يخص منصب رئيس الوزراء لا تنحصر في العبادي ستلعب دورا كبيرا في تبديد الضبابية التي تسود الاجواء الراهنة في العراق.
التقارير آنفة الذكر تشير الى ان المرجعية تتطلع الى تولي شخصية مستقلة وغير سياسية منصب رئاسة الوزراء وان تركز هذه الشخصية على مكافحة الفساد والاهتمام بمستقبل العراق بعيدا عن الانتماءات السياسية الشائعة في هذا البلد.
ختاما ينبغي القول انه وفي ضوء الظروف الراهنة في العراق ومنها الاحتجاجات على اداء الحكومة فيما يخص الاوضاع المعيشية رغم انخفاض حدتها، ونظرا الى ان مسألة التشكيك في نتائج الانتخابات واعادة فرز الاصوات يدويا ادت الى التاخير في مسالة تشكيل الحكومة وبالتبع لها تشكيل البرلمان واختيار رئيس للجمهورية، وفي الحقيقة اهدرت اربعة اشهر ثمينة، فان على الاحزاب الفائزة في الانتخابات ان تعرف جيدا بان المنتفع الاول والاخير من مسالة التاخير في تشكيل الحكومة هي الجهات التي تم طردها من العراق كرارا ولكنها عادت الى هذا البلد بذرائع جديدة. فهل المحاولات التي يقوم بها مساعد وزير الخارجية الاميركي في العراق والمشاورات التي يجريها مع التيارات السياسية يمكن ان تكون معيارا لتقييم مصداقية ووطنية واسنتقلالية الاحزاب العراقية التي تسعى الى تشكيل الحكومة المقبلة؟