المصدر / وكالات - هيا
هديل الروابدة-عمان
بعد طول انتظار، جاء مشروع قانون العفو العام مخيبا للشارع الأردني كونه اقتصر على مخالفات السير البسيطة، واستثنى الجرائم الإلكترونية وجرائم المطبوعات والنشر، مشترطا المصالحة فيها وإسقاط الحقوق الشخصية.
المشروع الذي أقرته الحكومة استثنى أيضا القروض الجامعية الحكومية والتي تشكل عبئا على الطلبة وذويهم، إضافة لعدد من الغرامات الجمركية والضريبية.
وحسب بيان الديوان الملكي فإن القانون -الذي كان أحد عناوين الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها البلاد- جاء بتوجيهات ملكيةٍ لأجل "ضرورة إعطاء المخطئين فرصة لتصويب مسارهم وسلوكهم، وحرصاً على المواطنين الذين ارتكبوا أخطاء وباتوا يعانون ظروفا صعبة".
لكن العديد من الفاعلين الشعبيين والبرلمانيين والقانونيين تحفظوا على صيغة مشروع القانون، واعتبروا أن بنودها أخرجت العفو العام عن مضمونه وحولته لعفو خاص، على حد تعبيرهم.
ومن بين هؤلاء النائبان صالح العرموطي وغازي الهواملة اللذان هاجما مشروع القانون ووصفاه بأنه عفو "استثناءات" وليس عاماً، واعتبراه ناقصا وغير مكتمل الأركان، ولا يحقق الطموح ولا حتى التسامح المرجو من نص فلسفة العفو العام الذي كان ينتظره المواطن بفارغ الصبر.
وقال العرموطي إن مجلس النواب سيحيل مشروع القانون إلى لجنة الحريات أو اللجنة القانونية من أجل دراسته وإجراء التعديل اللازم عليه حتى يحقق التوجيهات الملكية السامية، وفق تصريحات للصحف الرسمية.
عفو مقصوص
كما انتقده صحفيون وناشطون على منصات التواصل، فكتب الصحفي عبد الله الكفاوين عبر صفحته على موقع فيسبوك "العفو العام يشمل مخالفات السير التي تتراوح غراماتها بين 10 و15 دينارا" في إشارةٍ إلى القيمة المتواضعة التي شملها القانون من مخالفات السير، بينما وصفت الناشطة يسر أبو لبن القانون بأنه عفو "مقصقص" ولا يهدف إلى بداية جديدة للمخطئين.
واعتبر آخرون أن الحكومة تمارس المزيد من "الألاعيب" على المواطنين، فكتب الناشط يوسف مومني عبر حسابه على موقع تويتر "الحكومة تواصل تسجيل إنجازات وهمية ولا تعي الغاية من العفو العام".
أما النائب خليل عطية الذي يوصف بأنه "عراب" قانون العفو العام وأول من طالب به، فأصدر بياناً ينتقد فيه مخالفة الحكومة "للتوجيهات الملكية وأهدافها النبيلة ودلالاتها الواضحة الرامية إلى تخفيف الأعباء عن المواطنين ومنحهم فرصة جديدة لتصويب سلوكهم".
وقال إن الاستثناءات "الفضفاضة" التي وردت بالقانون جعلت العفو "منقوصاً وغير منسجم" مع رؤى الملك، وفق ما صرح به النائب للجزيرة نت.
وأضاف "على نواب الشعب وممثلي الأمة أن يقفوا وقفة رجل واحد لتعديل نصوص هذا القانون استناداً للمادة 24 من الدستور" الأردني، لأجل إخراجه بصورة تتواءم مع تطلعات الأردنيين الذين انتظروا طويلا "قانون عفو غير مقيد بضوابط وأحكام أثرت على الغاية المثلى من مفهومه".
من جهته، يرى نقيب المحامين مازن ارشيدات أن الحكومة بالغت في الاستثناءات التي ضمنتها في مشروع القانون. وقال "الأصل في قانون العفو العام أن يكون عاماً وشاملاً"،
قانون مجحف
واعتبر ارشيدات -في حديث للجزيرة نت- أن الاستثناءات التي أقرتها الحكومة "لا تجوز" حيث إنها غلبت الأصل وأخرجت "العفو" عن معناه.
ويعزى وجود الاستثناءات -وفق نقيب المحامين- إلى عدم رغبة الحكومة أصلا في إصدار عفو عام وشامل، بل ورغبتها في حصره ببعض القضايا والمخالفات.
وبرأيه فإن "القانون الذي أقرته الحكومة مجحف ولا يعتبر عفواً عاماً" فالعفو برأيه عادة ما يشمل كل القضايا الواقعة ذات الصبغة الجنائية.
لكن وزير العدل بسام التلهوني برر -في حديث للجزيرة نت- كثرة الاستثناءات الواردة بمشروع قانون العفو العام، بالقول إن الجرائم التي تم استثناؤها بهذا العفو شابهت وبشكل كبير تقريباً معظم قوانين العفو العام السابقة.
ويضيف الوزير أن بعض الاستثناءات جاءت نتيجة لظروف طارئة ولطبيعة بعض الجرائم المستثناة التي أثرت على المجتمع سلباً وأخلت بمبدأ سيادة القانون، على حد تعبيره.
وحول عدد المشمولين بالعفو وفقاً للقانون المقر من الحكومة، بين التلهوني أنه سيتحدد لدى إقرار القانون بصيغته النهائية وإحصاء الجرائم التي سيتم استثناؤها بعد التصويت عليه من مجلسيْ النواب والأعيان.
وتعتبر محطة مجلس النواب الأبرز، إذ يعول عليها في إجراء تعديلاتٍ على صيغة المشروع مما يمنح قانون العفو الدلالات المرجوة.
وبخلاف ذلك، فإن قانون العفو لن يخفف الأعباء التي أثقلت كاهل الحكومة بل وسيزيد عنواناً آخر لعناوين الحراكات والمطالب الشعبية التي تريد استجابةً جديةً لمطالبها لا شكلية وفقاً لمراقبين.
المصدر : الجزيرة