المصدر / وكالات
وفقاً للأمم المتحدة فإن حصيلة العدوان السعودي على اليمن بعد مضي 10 أشهر قد تخطى 7500 شهيد و 14000 جريح أغلبهم من النساء والأطفال، وفيما يتعلق بالأضرار الناجمة عن المنشآت والبنى التحتية فقد تم تدمير 450 جسراً وطريقاً و 319957 منزلا ً و 3750 مدرسة، و 36 جامعة، و 229 مستشفى و وحدة صحية، و 16 مؤسسة إعلامية و 146 شبكة للمياه، و 122 محطة كهربائية ومولداً. وبلغت شبكات الإتصالات المتضررة 140 شبكة، وقد استهدف 14 مطاراً و10 موانئ. وقد خرج للعلن مؤخراً تقارير عن منظمات حقوق الإنسان تشير إلى استخدام السعودية للقنابل العنقودية، رافق ذلك تأكيد لوزير خارجية السعودي “عادل الجبير” في ختام لقاءاته مع نظيره البريطاني “فيليب هاموند” والأمريكي “جون كيري” في لندن عن وجود ضباط بريطانيين وأمريكيين ومن دول أخرى في غرفة قيادة العمليات العسكرية في اليمن، وأشار إلى أنه يمكنهم الإطلاع على لائحة الأهداف وما نقوم وما لا نقوم به.
تصريح “الجبير” هذا ليس بالأمر المفاجئ، فالإعتداءات والحروب في المنطقة إرادة غربية بأيدي الأنظمة العميلة، فإحتلال العراق وأفغانستان، وإرسال جماعات التكفير والفكر الإرهابي إلى سوريا والعراق وليبيا وغيرها وإحتلال الأراضي الفلسطينية كلها مخططات غربية بعض منها يتم الإقدام عليها بشكل مباشر وأخرى بأشكال مختلفة، وفي الملف اليمني لا يرى الغرب الإستعماري من ضرورة وحاجة للعمل المباشر سوى الإشراف والمراقبة عن كثب، والقواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية في الخليج الفارسي ما هو إلى في السياق نفسه. كما وأن هناك حاجة امريكية بريطانية للمراقبة عن كثب مجريات العدوان على اليمن بإعتباره ساحة تجارب للأسلحة والنتاج العسكري الأمريكي البريطاني. تصريح “الجبير” كان قد أكده بيان لوزارة الدفاع البريطانية في ديسمبر الماضي من أن 94 جندياً بريطانياً كانوا جزء لا يتجزءأ من المقر الرئيسي لتحالف قوى العدوان. لكن المسألة الجدير بحثها حول الأسباب التي أخرجت التصريح على لسان “الجبير” والخلفيات التي تقف خلفه.
أولاً: الإنطلاق من الإجتماع الذي شمل “جون كيري” و”فيليب هاموند” و”الجبير” في العاصمة البريطانية لندن ومع الأخذ بعين الإعتبار فشل قوى العدوان السعودي في الميدان على مدى 10 أشهر وفي السياسة من خلال منطقها في الحوار ومع الحاجة لهذه القوى في الإستمرار بالعدوان إلى التصريح الأخير للجبير إنما مؤشر واضح على أن اليمن في المرحلة القادمة مع مزيد من المحرمات الدولية التي سترتكبها قوى العدوان السعودي وبتغطية ودعم أمريكي بريطاني يختلف عن سابقته، ولعل التقارير الأخيرة والتي صدرت عن مؤسسات حقوقية وبالتحديد عن مجلس الأمن بإستخدام القنابل العنقودية في العدوان من قبل السعودية على اليمن هو مؤشر أولي على بدء المرحلة القادمة.
كما وأن التصريحات على اللسان السعودي بإستنكار إتهامات مجلس الأمن للسعودية بخصوص استخدام أسلحة محرمة دولياً، ومطالبة “هادي” لممثل مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في اليمن “جورج أبو الزلف” بمغادرة اليمن إنما يعكس بوضوح حالة الفوضى التي مني بها قوى العدوان السعودي فلا هو نجح في تحقيق أي مطلب من الحرب المزعومة، ولا استطاع أن يفرض أي شروط على الدول ذات القرار في اليمن، أو خارجه.
ثانياً: بعد مجموعة الإتهامات التي طالت السعودية بخصوص اخلالها بكل الإتفاقات الدولية خلال عدوانها على اليمن، مضافاً إلى الإنتقادات القوية الموجهة لها بسبب رعايتها جماعات الفكر الإرهابي، إلى الحديث عن الفشل السياسي والإقتصادي لسلمان وابنه والتي ترجمت في ملفات كثيرة أخرها الموازنة لعام 2016، والحديث عن تدهور في العلاقات بين العائلة الحاكمة في السعودية والإدارة الأمريكية، إلى فشل مخطط السعودية في التحريض بوجه ايران، فإن حاجة سعودية ملحة نحو التغطية على مجموع تلك الهزائم والفشل برز من خلال تصريحات “الجبير” بأن سياسة العائلة الحاكمة في العدوان وإلى ما هنالك من تبعات لها ليست وحيدة بل هي تحظى بدعم أمريكي بريطاني ودول أخرى.
هذه التصريحات الأخيرة للجبير أيضاً تأتي في سياق الرد على الحديث عن فشل النظام السعودي الحاكم في انشاء واقعي فاعل، و خلال سنة واحدة أعلن عن تأسيسه لثلاث تحالفات آخرها قوى عسكرية اسلامية وتبين أن هذه التحالفات كلها هشة وأنه لیس اقبال لحكومات المنطقة بالمضي وفق سياسة النظام السعودي الحاكم، و هي رسالة بأن السعودية على تنسيق مع قوى كبرى كأمريكا وبريطانيا. هذا ما يتضح من خلال سياق تصريح “الجبير” من أنه لدینا مسؤولین بریطانیین وأمیرکیین ومسؤولین من بلدان أخرى فی مرکزنا للقیادة والسیطرة، ونحن من یختار الأهداف، وهم مطلعون حول قائمة المستهدفین ولدیهم رضا بما نقوم به، وبغض النظر عن النواحی الفنیة فهم جزء من العملیة العسکریة.
فيما عبرت المنظمات الحقوقية البريطانية عن صدمتها من تورط الجيش البريطاني مع السعوديين والأمريكيين في اليمن. وقال “جنيفر جيبسون” من مؤسسة ريبريف الخيرية: “لقد قتلت حملة القصف السعودي في اليمن الآلاف من المدنيين، لتصل إلى عيادات أطباء بلا حدود، ومدرسة للمكفوفين وقاعات الزفاف، وإنه لمن المؤسف أن يتورط الجنود البريطانيين في عملية الاستهداف هذه التي تخلق الفوضى وتثير القلق”.
وأضاف:” بيان وزارة الدفاع البريطانية في ديسمبر الماضي بأن 94 جنديا بريطانيا كانوا جزءا لا يتجزأ من المقر الرئيسي للتحالف الذي كان غامضا إذ لاتزال هناك أسئلة حاسمة بلا إجابة حول دور الجنود البريطانيين في مركز العمليات السعودية ومن يتولى القيادة ويوقع على الغارات التي يجري شنها”، مؤكدا “للرأي العام البريطاني الحق في معرفة كل ذلك”.
المصدر / الوقت