المصدر / وكالات
لم تتفق الجبهتان المتناحرتان داخل جماعة الإخوان على شىء منذ نحو 6 أشهر كاتفاقها على وجود حشود وهمية ملئت شوارع مصر لم يراها أحد سواهم واختلفوا فى تقدير اعدادها فوصلوا بها إلى مليون متظاهرا إلا قليلا وهو رقم تعرفه ذاكرة الثورة المصرية جيدا وتعرف دلالته باعتباره كان ذروة الآمال فى الحراك الشعبى ضد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ومن ثم فإن الواضح أن المبالغة فى أعداد المتظاهرين الذين لم يتظاهروا من الأساس لم يتم بشكل اعتباطى.
وتختفى وراء المبالغات التى أظهرتها البيانات الإخوانية واقتربت بها من حافة الوهم، مجموعة من الحقائق حول عملية إعادة المراحل التى مرت بها الجماعة من السلمية إلى العنف خلال الـ3 أعوام التى تلت عزل محمد مرسى من السلطة والتجاذبات التنظيمية التى صاحبت هذه العملية خلال الأشهر الماضية، والتى ذهبت بالجماعة فى نهاية المطاف إلى أن تصبح تنظيم سياسى يتحدث عن الثورة لكنه بلا متظاهرين على الأرض.
إدراك حجم التحركات الإخوانية وأماكنها هو أول هذه الحقائق فبحسب التقارير التى نشرت على مواقع الجماعة نفسها فإن التحركات الإخوانية لم تغادر نفس الأماكن التى تتواجد فيها منذ عزل مرسى، وهى أماكن تتسم بأنها على الأطراف وبعيدة عن عمق المدن مثل بعض القرى بمحافظات الدلتا، أو قرى آخرى فى محافظات شمال الصعيد، وتحديدًا الفيوم وبنى سويف أو بعض الأحياء مثل المطرية فى القاهرة وبرج العرب فى الإسكندرية.
واللافت أن الصمت المصاحب دائما للتحركات التنظيمية على أطراف المدن، تؤكد أنها خجولة لا تحظى بالحاضنة الشعبية الكافية التى تمكنها من التقدم نحو عمق المدن أو أنها يصاحبها شغب على نطاق واسع يستدعى تعاملا أمنيا صارماً فيفضل المشاركين فيها البقاء على الأطراف حتى يتمكنوا من الهرب، وفيما يبدو أن الحالتين متوافرتين فى تحركات الإخوان.
الحقيقة الثانية تتعلق بالخلاف التنظيمى الذى أتخذ مسميات عدة من عينة السلمية فى مواجهة العنف أو "عواجيز الجماعة" فى مواجهة الشباب لكن الثابت أن الجماعة عندما بلغت يوم 23 يناير أصبح لديها 5 متحدثين باسمها دفعة واحدة يعبرون عن جبهتين تتصارعان على قيادة دفة الجماعة ويتبادلان قرارات الفصل والتجميد لكن على أرض الواقع تبدو جبهة محمود عزت هى الأقوى والأكثر إمساكًا بمفاصل التنظيم باعتبارها كما يسميها خصومها دولة الإخوان العميقة.
أما جبهة لجنة الادارة العليا والتى يتزعمها محمد كمال عضو مكتب الارشاد ومسئول المكتب الإدارى لإخوان أسيوط عدة سنوات فإنها لديها حضور قوى على مواقع التواصل الاجتماعى لكن يبدو أن أنصارها يتجهون يومًا بعد الأخر إلى مسالك العنف، وهذه هى الحقيقة الثالثة فكما هو ثابت فى تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا، فإن محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد اتهم محمد كمال صراحة بأنه المسئول عن تشكيل لجان نوعية تستهدف تنفيذ أعمال عنف ضد رجال الأمن وتخريب المنشأت العامة.
واللافت أيضا أن "غزلان" كرر نفس الإتهام قبل حوالى 10 أيام فى تصريح التقطه منه أحد الصحفيين فى المحكمة، إما ما هو ثابت فى أوراق مجلس شورى الجماعة يوليو 2015 والذى تم تمريره فإنه يشير إلى نفس المعنى، حيث عثرت أجهزة الامن –وفقا لتصريح مصدر قيادى بالجماعة فضل عدم ذكر اسمه- لدى الدكتور محمد سعد عليوة، عضو مكتب الإرشاد على أوراق تفيد بقرار إحالة كل من محمد كمال وحسين إبراهيم إلى التحقيق بسبب تورطهما فى تشكيل اللجان النوعية، وهو مادى فيما بعد إلى محاولة حسين إبراهيم الهرب من مصر ثم نجاح أجهزة الأمن فى توقيفه.
وترتبط عملية الهرم الأخيرة بما سبق، لاسيما أن مجموعة محسوبة على اللجان النوعية وهى "العقاب الثورى" أعلنت مسئوليتها عن الحادث بالتزامن مع إعلان مجموعة اخرى تابعة لـ"داعش" عن مسئوليتها حول نفس الحادث، ويمكن هنا الإشارة إلى إجراءات صارمة أتخذها محمود عزت ومجموعته تستهدف إزالة اللجان النوعية من جسد التنظيم، وكان من بينها تجفيف الموارد المالية المخصصة لها، وهنا يصبح استنتاج بأن هذه المجموعات هربت من الحصار المالى والخلافات التنظيمية واتجهت صوب تنظيم "داعش"، ونفذت عملية الهرم بالتعاون معه أمرًا منطقياً وهنا أيضا يصبح الحديث عن تظاهر هؤلاء فى ذكرى 25 يناير نوعًا من العبث لان الدواعش لا يقتنعون بالتظاهر، وإنما يقنعهم القتل.