المصدر / وكالات - هيا
بعد 28 اعتداء بالأيدي وبالركل وبمضارب البيسبول تعرض لها خلال مسيرته المهنية، كان الصحفي هاكان دنيزلي يعتقد أنه قد شهد الأسوأ، وحينها جاء الاعتداء الـ 29.
وفي يوم ما في شهر مايو، أطلق مسلحون النار عليه بينما كان يأخذ حفيده البالغ من العمر 4 سنوات إلى الحضانة.
ويخبر الصحفي بكل هدوء ما حصل، وفق ما أوردته مجلة لو نوفيل أوبسرفاتور الفرنسية، وهو مؤسس صحيفة إجمن اليومية في أضنة بجنوب تركيا، حيث قال: "صعدتُ إلى السيارة. وقد كانت النافذة مفتوحة بالكامل. وجاؤوا إليّ وأطلقوا النار على ساقي وغادروا".
وبعيدًا عن كونها حالة فردية، فإن الاعتداء على السيد دنيزلي ليس إلا جزءًا من تصاعد العنف الجسدي ضد الصحفيين في تركيا مع وقوع ستة اعتداءات في عدة أسابيع في فصل الربيع الماضي.
ويتساءل الكثيرون عن الطبقة السياسية التي تهاجم الصحفيين على وجه الخصوص وبشكل منتظم.
"ابق في مكانك، وإن كنت تجهل مكانك، فهذا الشعب سوف يُعْلِمك إيّاه"، هذا ما قاله الرئيس رجب طيب أردوغان ويعلوه السخط بعد سؤال من مذيع قناة (Fox Haber) عما إذا كان الناس سيحتجون على ارتفاع تكاليف المعيشة في ديسمبر.
وتُفاقم هذه الحالة البيئة الخانقة التي تعوم فيها وسائل الإعلام في تركيا التي تحتل المرتبة 157 في مؤشر حرية الصحافة في منظمة "مراسلون بلا حدود".
ووفقًا لـ"مراسلون بلا حدود"، فإن أعمال العنف ضد وسائل الإعلام لم يعد يعاقب عليها ولا تُدان أيضًا في كثيرٍ من الأحيان. وبالإضافة إلى ذلك، فقد رفض الحزب الحاكم وحليفه القومي (MHP) طلبًا لإجراء تحقيق برلماني في الهجمات التي جرت في الأسابيع القليلة الماضية.
مداليات شرف
وتعرض يافوز سليم ديميراج، من صحيفة ينيغاج، للضرب في 10 مايو أمام منزله على أيدي مجموعة مسلحة بمضارب البيسبول، وتسببوا في كسر في جزء من القفص الصدري.
ويخبر قائلًا: "حينما أعطس، أسعل وأستيقظ، ويؤلمني ذلك". ويشكك الصحفي البالغ من العمر 61 عامًا بإعلان تم نشره على صفحة كاملة من قبل الحزب المتحالف مع الحزب الحاكم (MHP)، في العديد من الصحف العام الماضي.
وكان يسرد النص عددا من الصحفيين تحت عنوان "الافتراءات والادعاءات والشكاوى". وقد تعرض اثنان من الصحفيين المذكورين بمن فيهم السيد ديميراج للهجوم.
ويقول الادعاء العام بأنه يحقق، بيد أن هناك ستة أشخاص من المشتبه بهم تم إطلاق سراحهم بعد وقتٍ قصير من اعتقالهم.
يقول ديميراج: "كونك صحافيًا في تركيا أمر صعب، فإن مهاجمة الصحفيين أمر بطولي".
وبالإضافة إلى هذا العنف، يتعرض صحفيو المعارضة لضغوط مستمرة من السلطات القضائية.
وبعد شهر بالتحديد من تعرضه للهجوم، تم سجن ديميراج لفترة وجيزة بسبب إدانته بإهانة الرئيس في العام الماضي، وهو الآن مفرجٌ عنه تحت إطلاق سراح مشروط.
ويقول السيد دنيزلي بأنه يكابد "24 أو 25" دعوى قضائية ضده. وأكد قائلًا: "لا أخشى هذه الأمور. والرصاصات السبع التي تلقيتها هي ميداليات شرف، لأني أقوم بما هو صحيح".
إن الصحفيين من مختلف الأطياف في خطرٍ محتمل، وغالبًا ما تعكس ردود الأفعال الطائفية الشرسة للسياسة التركية.
ولذلك، بقيت الحكومة صامتة إزاء الاعتداء الذي تعرض له ديميراج، إلا أنه في المقابل، استنكرت الرئاسة فورًا الاعتداء ضدّ صحفي إسلامي، يدعى مراد الن تعرض للضرب في إسطنبول في 14 يونيو بعد أن وصف الجنرالات الأتراك بـ "الحمير".
وقد تلقى إدريس أوزيول، صحفي مقيم في أنطاليا (جنوب البلاد)، مكالمة من وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو. ووفقًا له، فقد شكك الوزير بحزب (MHP) شريك الحزب الحاكم. وقد أعرب منزعجًا: "إحدى أيدي الحكومة تضرب، والأخرى تبعث برسائل قائلة: نحن حزينون جدًّا".
واستنكر ممثل منظمة "مراسلون بلا حدود" في تركيا، إيرول أونديروغلو ، موقف "النفاق العميق"، لا سيما بعد الانتقادات الحادة ضد المملكة العربية السعودية على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي الذي اغتيل في قنصلية بلاده في إسطنبول.
"نحن في حاجة إلى شخصية سياسية بارزة تتدخل ضدّ هذا المناخ العدائي"، هذا ما أكد عليه أونديروغلو، المُلاحق هو أيضًا بتهمة "الدعاية الإرهابية".
ويرى السيد دنيزلي أن مقالاته عن الفساد هي التي أدت إلى استهدافه. ولكنه ما يزال مصممًا، إذ أعرب قائلًا: "أسعى فقط إلى القيام بعملي بقدر ما أستطيع".