المصدر / وكالات - هيا
علاء كولي-ذي قار
يعتقدون أنهم ليسوا مجرد جماعة دينية مغمورة فحسب، ولا يشكلون خطراً على المجتمع الذي نشطوا فيه خلال السنوات الماضية، بل يؤمنون بأن لديهم رسالة يسعون لتحقيقها مهما كلفهم الأمر، ورغم ذلك يخضع أفرادها إلى رقابة ومتابعة مكثفة من قبل الأجهزة الأمنية، خوفا من أي نشاط محتمل قد يهدد السلم الأهلي.
يُطلق عليهم عدة تسميات، منها (السلوكية، المولوية، أولاد الله، المهدوية). إلا أن الناس يرون فيها حركة دينية غير مستقرة وتميل للعنف وتهدف إلى زعزعة الأمن ومهاجمة مراجع الدين، ومحاولة العبث بالمعتقدات الدينية، ويعتقدون بأن لها صلة بدعم من جهات مجهولة وربما جهات سياسية معارضة.
خلط الأوراق
كل ما يٌشاع عن تبني فكرة زعزعة الأمن مجرد تضليل كبير بشأن دوافع ومساعي الجماعة، وأما تبني مبدأ العنف أو حمل السلاح فغير وارد مطلقاً لدى أفكارها، منذ فترة نشاطها ما بين الأعوام 2005 و2009، وعودتها من جديد، بحسب أحد المنشقين البارزين عن الجماعة.
ويؤكد، (س.س 37 عاما) للجزيرة نت أن من أبرز القضايا التي تؤمن بها الجماعة أن "عقل الشخص هو مرجعه" ولا حاجة لأن يكون هناك من يحدد له حياته وخياراته في الحياة.
وطوال فترة انضمامي لأولاد الله كما يقول (س.س) "لم نكن نشجع على أي ظاهرة للعنف، ونستخدم الأماكن الريفية والقرى كنقطة قوة لأنها بعيدة عن الأنظار، كما أن المخاوف الأمنية بشأن ما نحمله من أفكار مبالغ به، وهناك الكثير من الأشخاص من الجماعة تم اعتقالهم وجرى تعذيبهم".
يبدأ الأمر بإقناع الأشخاص، من خلال الزيارات الاجتماعية، ومن ثم تبدأ عملية تحريض الشباب الموجودين مع أفراد كل مجموعة -كما يقول العضو البارز فيها- من خلال مهاجمة مراجع الدين، واعتبارها بدعة، ثم نبدأ بخطوة أخرى، للحديث عن وجوب الإنسان بأن يكون مرجعاً لنفسه بعد قراءة كتب الأحاديث الدينية.
ويؤكد (س.س) عدم وجود أي منشورات أو مؤلفات خاصة بالجماعة كي يروجوا لها، فالهدف الأساسي ليس البحث عن الشهرة أو الظهور عبر وسائل الإعلام، ولا توجد أي دعوة للتشجيع على فكرة الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف كما أشيع عنا، كلها كانت حملات تسقيط ليس أكثر.
طريقة الانضمام
تقوم طريقة الدعوة وإقناع الأشخاص بالانضمام إلى الجماعة الدينية عبر طريقتين، الأولى خلال أربعينية الإمام الحسين بن علي التي يقوم بها الشيعة سيراً على الأقدام باتجاه مدينة كربلاء جنوب بغداد، والطريقة الثانية عبر المقاهي أو المناسبات، حيث يقوم "المولوي" كما يُسمى لديهم بالجلوس مع شخص ويبدأ رحلة إقناع تستمر أحياناً لبضعة أشهر، ولا يفضل الجلوس مع أكثر من شخص، لأن المهمة تكون صعبة وحجة الإقناع تكون ضعيفة.
يتكون نظام الجماعة على شكل حلقات وكل منها يتراوح أفرادها بين عشرة وخمسين شخصاً، وفيها مهندسون وأطباء ومعلمون، ويكون مسؤول كل حلقة "المولى". وكل حلقة لا تعرف تفاصيل الأخرى، وكل هذه الحلقات كما يقول (س.س) ليس فيها رأس هرم، وينفي وجود شخص بارز يترأس هذه الحلقات، لكن الأجهزة الأمنية تبحث عن خيط للوصول لهذا الرأس منذ ظهورها وحتى الآن.
مكان الانتشار
يشير سير الأحداث إلى أن ظهور جماعة أولاد الله وجماعات دينية أخرى، مُتهمة بإثارة الجدل الديني بالعراق، بعد وفاة المرجع الديني المعروف محمد صادق الصدر عام 1999، وبعدها وجد بعض طلابه أنه لا مرجع يمكنه أن يسد فراغه، وبدأت فكرة إنكار وجود مراجع دين تظهر بشكل واضح، بما يسمى بالمصطلح الديني "شطحات". لكن نشاطهم وحركاتهم بدأت تظهر بشكل واضح بعد عام 2003، أمثال اليماني والصرخي وجند السماء، والكثير من تلك الجماعات.
وفي أبريل/نيسان 2018، قالت اللجنة الأمنية في مجلس محافظة ذي قار جنوب العراق إن هناك نحو أربعة آلاف عضو في جماعة أولاد الله، وتم اعتقال ما يقارب 45 شخصاً حينها بعموم المحافظة، وخضعوا جميعاً لتحقيقات قاسية.
وينشط أولاد الله بشكل خاص في أٌقضية النصر والرفاعي والشطرة شمال محافظة ذي قار، في حين يقل حضورهم في مركز المحافظة وجنوبها.
احتجاج غير معلن
ويرى الخبير في الجماعات الدينية مؤيد العبودي أن ارتفاع معدلات الفقر ونسب البطالة المتفشية في جنوب البلاد أدى لظهور مثل هذه الحركات المفاجئة، وهي بمثابة احتجاج غير معلن.
ويضيف الخبير -وهو ضابط ومحلل سابق بوزارة الداخلية- أن هناك صدمة من قبل الناس من أداء المؤسسة الدينية والسياسية، وهو ما يدفع الشباب الخريجين لاسيما العاطلين عن العمل إلى اختراع أفكار دينية متشددة ومختلفة واتباعها.
وينفي رجل الدين الشيخ طه الدراجي وجود أساس لهذه الجماعات الدينية، ويعتبرها مجهولة السند وهي حركات تائهة تنشط في أماكن ليس للمرجعية اليد الطولى فيها.
ويرجح الدراجي في حديثه للجزيرة نت أن تكون هذه الجماعة سياسية أكثر منها دينية حيث تعمل على جهل الناس.
وتنتج التغيرات الكبرى في المجتمع بظهور شرائح مختلفة كانت تحت الضغط سواء كانت مذاهب أو شرائح اجتماعية أو أنماط تفكير بسبب وجود دكتاتوريات ضاغطة لكل جوانب الحرية، بحسب الباحث والأكاديمي د. عدي الشبيب.
ويؤكد الشبيب أن هذه الحركات السرية تنمو بسبب الفوضى وغياب القانون والعدالة الاجتماعية، وكذلك يساهم انتشار الجهل والتخلف والفقر في تصديق ما تنادي به هذه الجماعات مثل التصدي لمن يصفونه بالمجتمع الفاسد وإرساء العدالة وغير ذلك.