المصدر / وكالات - هيا
آمال الهلالي-تونس
رغم إعلان حركة النهضة التونسية، عن موقف مبدئي من التحالف مع حزب "قلب تونس" انتصارا لروح الثورة وقطيعة مع الفساد، فإن ما بات يعرف بـ"مفاوضات الربع ساعة الأخير" بين رئيسي الحزبين التي أفضت لانتخاب الغنوشي بأغلبية مريحة رئيسا للبرلمان فتح باب الشك.
وكان حزب قلب تونس الحائز على المرتبة الثانية في البرلمان بـ38 مقعدا (من 217 مقعدا) قد صوت للغنوشي، فيما دعمت كتلة النهضة المتصدرة للأغلبية البرلمانية بـ52 مقعدا القيادية في "قلب تونس" سميرة الشواشي لتكون نائبا أولا لرئيس البرلمان.
وخرجت عدة وجوه سياسية وحزبية وحتى من الدوائر المقربة من النهضة لتعلن عن خشيتها من أن يكون تحالف الحركة مع حزب تحوم حوله شبهات فساد، ليس إلا مقدمة لتوافق جديد في الحكومة المقبلة وتراجعا عن موقف مبدئي للحركة بتعيين رئيس حكومة من داخلها.
مواقف متغيرة
وقال الغنوشي في تصريح لإحدى الإذاعات المحلية حول إمكانية ترشيح شخصية من خارج النهضة لرئاسة الحكومة إن "الأغبياء هم الذين لا يتغيرون"، فيما كشفت مصادر موثوقة من داخل النهضة عن حسم مجلس شوراها لصالح شخصية الحبيب الجملي مرشحا لرئاسة الحكومة بشكل رسمي.
ويوصف الحبيب الجملي بأنه صديق للنهضة، لكنه لم ينشط أو ينخرط في العمل السياسي داخلها، لكنه سبق أن تولى منصب كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة (الزراعة) خلال فترة حكم الترويكا (تضم حركة النهضة وحزب المؤتمر وحزب التكتل عقب الثورة)، وهو في الأصل مهندس زراعي.
من جانبه، دحض القيادي في النهضة علي العريض في تصريح للجزيرة نت حصول أي توافق مع حزب قلب تونس فيما يتعلق بتشكيل الحكومة المقبلة، ملقيا اللوم على حزبي "التيار الديمقراطي" و"حركة الشعب" بسبب دخولهما في "منهج محاصصة".
وأوضح أن التيار الذي يعد محسوبا على خط الثورة، رفض الرد على مقترحات قدمتها النهضة حول برنامج الحكومة المقبلة وملامح عملها، واشترط الحصول على حقائب وزارية بعينها للدخول في مشاورات تشكيل الحكومة.
صفقة وضمانات
وحول رئاسة الغنوشي للبرلمان وإن كانت هناك صفقة ما مع "قلب تونس"، لم ينف العريض حصول مشاورات في الليلة السابقة ليوم التصويت مع كتلة القروي وكتل أخرى، ليتم الاتفاق على التصويت للغنوشي رئيسا وسميرة الشواشي نائبة له.
وشدد رئيس الحكومة الأسبق على أن حزب قلب تونس لم يطلب أي ضمانات تتعلق بملامح تشكيل الحكومة أو الدخول فيها، داعيا لضرورة التفريق بين مسار تشكيل البرلمان وتشكيل الحكومة.
وحول الاتهامات التي طالت حركته بخيانة ناخبيها ونكث وعودها الانتخابية، رد العريض قائلا: "الذين يتطاولون على النهضة ويصدرون صكوكا لمن هو ثوري وغير ثوري هم الذين لا يريدون أن يتحملوا مسؤولية البلاد، أما نحن فنقوم بدورنا لنجنب البلاد حالة الفراغ".
وكان بيان صادر عن مجلس شورى النهضة، أكد "تزكية مرشح من بين قائمة تفاضلية من الكفاءات الوطنية لتحمل أعباء تشكيل الحكومة المقبلة على قاعدة برنامج وطني يعطي الأولوية للمسألة الاقتصادية والاجتماعية والتنمية ومكافحة الفساد والإرهاب".
وينتظر أن تكشف النهضة بشكل رسمي خلال الساعات المقبلة عن مرشحها لرئاسة الحكومة، بعد إطلاع رئيس الجمهورية عليه، بحسب مقتضيات الدستور التونسي وبعد استيفاء الآجال القانونية لإعلان الحزب الفائز في التشريعية عن مرشحه للحكومة.
جدية وتشكيك
من جانبه، وصف القيادي في التيار الديمقراطي شكري الجلاصي في تصريح للجزيرة نت، الشروط التي وضعها حزبه للدخول في مفاوضات تشكيل الحكومة مع النهضة، بـ"الضمانات"، بسبب غياب عنصر الثقة في الحركة.
وشكك الجلاصي، في جدية الشعارات الثورية التي رفعتها النهضة، ولا سيما المتعلقة بمحاربة الفساد، والانحياز لمبادئ الثورة، وعدم التحالف مع أحزاب تحوم حولها شبهات فساد وتبييض أموال.
اعلان
واعتبر القيادي في التيار أن مطالبة حزبه بثلاث حقائب وزارية تتعلق أساسا بالداخلية والدفاع والإصلاح الإداري، تدخل في إطار تصور إصلاحي هيكلي للحكومة، ولا تتعلق بشروط تعجيزية كما تروج لذلك النهضة.
واستغرب الجلاصي من تبريرات فصل مساري تشكيل البرلمان والحكومة الذي قدمته النهضة، معتبرا أن كلاهما يجب أن يتم في تناغم وانسجام ليكون للحكومة المقبلة حزام برلماني ذو أغلبية يدعمها بقوة.
ورفض في ختام حديثه، دخول حزب التيار الديمقراطي في حكومة يشارك فيها حزب "قلب تونس"، مجددا تمسك التيار بالحقائب الوزارية الثلاث.