المصدر / وكالات - هيا
وصف موظف يعمل في البيت الأبيض الساعات والأيام بين مقتل قاسم سليماني وقصف ايران للقواعد العسكرية في العراق بـ"الوقت العصيب"، وقال إن الزمن كان متوتراً، خصوصاً بعدما بدأ الإيرانيون تحريك الصواريخ استعداداً للقصف رداً على مقتل سليماني.
وتمكّن الأميركيون من رصد هذه التحركات وطلبوا من جنودهم الاحتماء من الهجوم، لكن الساعات كانت أكثر توتراً عندما أطلق الإيرانيون الصواريخ بالفعل يوم 7 يناير باتجاه العراق، وسقطت القذائف على قاعدتين يعمل فيهما الجنود الأميركيون.
في البيت الأبيض، بحسب الموظف الذي يعمل هناك وهو على اطلاع على مجريات تلك الساعات وروى لـ"العربية.نت"، و "الحدث.نت" ما جرى، كان السؤال الوحيد المطروح في الأروقة "هل هناك ضحايا؟".
بعدها، توجّه كبار المسؤولين في الإدارة إلى غرفة لدراسة الأوضاع بانتظار النتائج، وعندما تأكدوا أن لا ضحايا ساد شعور من "الخلاص"، فأوامر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أو المعادلة التي وضعها مع نائبه مايك بنس ووزير الدفاع مارك إسبر ووزير الخارجية مايك بومبيو هي الرد على إيران لو سقط ضحايا.
من جانبه، قال مسؤول في الإدارة الأميركية لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت"، إن "الرد المعدّ كان هائلاً ومكلفاً للجانب الإيراني"، وأضاف "شعرنا حينذاك أن لا حاجة للرد لكننا كنا جاهزين وكان من الممكن أن يموت الناس".
هذا وتعتبر الإدارة الأميركية الآن أنها تمكنت من إعادة ترتيب معادلة الردع ضد إيران، فقد تمكنت الولايات المتحدة من قتل قاسم سليماني من دون أن تتمكن إيران من تنفيذ وعيدها بالرد أو قتل الأميركيين أو طردهم أو حتى مهاجمة المصالح الأميركية وتهديد الملاحة الدولية في الخليج العربي.
الرئيس الأميركي يقول إن "إيران تراجعت"، والأهم أن مسؤولاً أميركياً تحدّث إلى "العربية.نت" أكد أن "الولايات المتحدة ما زالت جاهزة للرد في أي وقت وكل الخيارات على الطاولة".
وهذه إشارة واضحة إلى أن الأميركيين سيحافظون خلال المرحلة المقبلة على حضورهم العسكري في منطقة الشرق الأوسط، وهم سعوا إلى تدعيم هذا الحضور منذ أوائل الصيف برفع عدد الجنود المنتشرين هناك بنسبة 14 ألف جندي، مع عتاد يتراوح بين قاذفات استراتيجية مثل ب 52 وتحمل قنابل ضخمة، وأسراب عديدة من الطائرات الهجومية، كما أرسل البنتاغون على وجه السرعة اللواء 82 المحمول جواً، ولواء من مشاة البحرية، وبذلك ازداد عدد الجنود المنتشرين في الشرق الأوسط بنسبة 20 ألف جندي.
وفي محاولة لفهم الخطوات الأميركية الجديدة تجاه طهران، أكد مسؤول في الإدارة الأميركية لـ"العربية.نت" أن إدارة ترمب "ستتابع سياسة الضغط القصوى ضد النظام الإيراني إلى أن يغيّر من تصرفاته"، وأكد المسؤول أن "الإدارة الأميركية تريد من النظام الإيراني أن يجلس إلى طاولة المفاوضات".
هذا ومن الواضح أن الإدارة الأميركية الحالية لن تتراجع عن سياستها خلال مرحلة التهدئة، فالنظام الإيراني سعى من قبل إلى تحاشي المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة عندما شعر أن واشنطن مستعدة لضربه، ويرى الأميركيون الآن أن ردع إيران يتطلب التأكيد للنظام الإيراني أنه سيتحمّل مسؤولية أي هجوم تقوم به ميليشياته نيابة عنه، كما يرى الأميركيون أن سياسة الضغط الاقتصادي تؤتي ثمارها منذ إعادة إدارة ترمب فرض العقوبات على طهران. كما يعتبر الأميركيون في الإدارة أنه يجب متابعة فرض هذه العقوبات بحيث لا يتمكّن النظام من "التنفس" خلال أشهر الانتخابات الأميركية.
في حين، أكد مسؤول أميركي لـ"العربية.نت أن واشنطن تريد التأكد من "أن إيران لن تحصل على السلاح النووي"، وتبدو هذه القضية أولوية مطلقة لدى واشنطن، خصوصاً أن السلاح النووي هو تهديد وجودي بيد النظام الإيراني يساعده من جهة على حماية نفسه ومن جهة أخرى يهدد دول الشرق الأوسط بما فيها إسرائيل.
وتبدي الإدارة الأميركية مقاربة جديدة تجاه أمن منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك منع إيران من حيازة السلاح النووي وضمان الملاحة وإخراج الميليشيات الإيرانية من العالم العربي، وقد أكد الرئيس الأميركي أنه يريد دوراً لحلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط.
الجديد في مقاربة واشنطن هو قول المسؤول الأميركي لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت"، "أن واشنطن تريد كل الأطراف الدوليين صفاً واحداً"، وأشار إلى أن الإدارة الأميركية دعت روسيا والصين للوقوف إلى جانبها، كما أكد أن مشروع "ناتو الشرق الأوسط" ليس خروجاً عن الاستراتيجية الأميركية، فالرئيس الأميركي يريد دائماً أن تتحمّل الدول الأخرى الأعباء.
بدوره، يعتبر بهنام بن طالب لو الخبير في شؤون إيران بمعهد الدفاع عن الديمقراطية، أن على الولايات المتحدة أن تصعّد من ضغطها الاقتصادي على إيران فيما تعمل على إشراك الحلفاء في الضغط على إيران، كما اعتبر أن على الولايات المتحدة دعم الشعب الإيراني ونشر القوى لحماية السفارات والعمل مع الحلفاء لمنع إيران من نشر الأسلحة وشرائها.
كان من اللافت أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب وخلال كلمته يوم 8 يناير، جمع بين التهديد العسكري ودعوة الناتو للانخراط في حفظ الأمن، ودعوة الأسرة الدولية للوقوف إلى جانب الولايات المتحدة، وقال أيضاً للإيرانيين إن "الولايات المتحدة تريدهم أن يعيشوا في ازدهار وسلام مع العالم، وأن الولايات المتحدة مستعدة للسلام مع من يسعى إليه".
ربما يكون هذا مضمون الرسالة التي أرسلتها إدارة ترمب للحكومة الإيرانية بعد مقتل سليماني بيوم واحد، وكان كشف عن أن واشنطن وجهت هذه الرسالة إلى إيران عن طريق السفير السويسري في طهران، لكن واشنطن لم تفصح حينها عن مضمون هذه الرسالة.
"العربية.نت" و"الحدث.نت"، أصرّت على مسؤول في الإدارة الأميركية أن يجيب عن سؤال حول مضمون الرسالة وقال وهو اكتفى بالقول "إن مضمون الرسالة يتعلق بمستقبل العلاقات بين البلدين".