المصدر / وكالات - هيا
في مشهد يرصد الاستفزازات المتكررة بين القوات الروسية ونظيرتها الأميركية في شرق الفرات، وسط تنافس القوتين على بسط النفوذ الأكبر فوق الأرض السورية، اعترضت دورية أميركية مثيلتها روسية في قرية مصطفاوية التابعة لمنطقة ديريك بريف الحسكة، وذلك لمنعها من الوصول إلى معبر سيمالكا الحدودي.
بالتفاصيل، أوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن حالة من التوتر بين الطرفين سادت الأجواء في تلك المنطقة، ووردت معلومات عن حصول مناوشات بين تلك القوات.
يشار إلى أن المرصد كان أكد، السبت، توجه رتل للقوات الروسية من نحو 40 سيارة إلى بلدة تل تمر بريف الحسكة، في حين اعترضت الرتل دورية أميركية مسيرة باتجاه المنطقة نفسها، ما تسبب بحالة من التوتر بين الجانبين، انتهت بمغادرة القوات الروسية وتوجهها إلى بلدة عين عيسى، بعد وساطة وتدخل من قوات "قسد".
واعترضت أيضا في 14 يناير/ كانون الثاني، إحدى الدوريات الأميركية دورية أخرى روسية ومنعتها من المرور عند مفرق حطين على الطريق الواصل بين مدينتي الحسكة والقامشلي والذي يؤدي إلى الطريق الدولي، ما أدى لوقوع مشادات كلامية بين الطرفين انتهت بعد عودة الدورية الروسية أدراجها ومنعها المسير على الطريق الدولي.
يذكر أنه وبعد انطلاق الاجتماع الـ14 للدول الضامنة لمسار أستانة حول سوريا في ديسمبر الماضي بالعاصمة الكازاخية نور سلطان، وبمشاركة تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري ووفد من المعارضة السورية، أعلن المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف، أن المشاركين في لقاء أستانا يبحثون جميع القضايا المتعلقة بسوريا، بما في ذلك التواجد الأميركي في المنطقة.
وقال لافرينتيف حينها: "أعتقد أننا على استعداد لمناقشة الوضع في جميع أنحاء سوريا وبطبيعة الحال، مسألة التواجد الأميركي غير الشرعي الذي يهدف إلى استغلال موارد سوريا الطبيعية".
في السياق ذاته، أعلن لافرينتيف أن الوضع في منطقة الدوريات الروسية التركية المشتركة مستقر رغم وجود بعض الاستفزازات، حيث تحدث عن إمكانية تجاوز الصعوبات في عمل اللجنة الدستورية السورية.
منافسة ومحطات بين الروس والأميركان
مرت المنافسة المحتدمة بين موسكو وواشنطن على أرض سوريا بمحطات كثيرة، حاولت خلالها القوتان توسيع نفوذهما بشتى الطرق، حيث احتدمت المعارك في مدينة حلب شمالي سوريا، ذات الموقع الاستراتيجي الهام، بين قوات النظام السوري والمعارضة السورية، بشهر يوليو/تموز 2012، وعلى الرغم من قوة هجوم المعارضة، إلا أن النظام حينها استطاع مسنوداً بالطيران تدمير المدينة كمرحلة أولى، ومن ثم أرسل قوات برية أنهت المعادلة.
وفي أب/أغسطس من عام 2013، ضربت قوات النظام "الغوطة" في ريف دمشق بالغاز السام، مرتكبة مجزرة أسفرت عن مقتل المئات، ما جعل الولايات المتحدة أكثر حماسة لتوجيه ضربات جوية لجيش النظام السوري، إلا أن الروس سرعان ما تدخلوا وحموا حليفهم، حيث منعوا مجلس الأمن الدولي من إدانة النظام السوري، وطرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اقتراحا بتشكيل لجنة دولية للإشراف على مخزونات الأسلحة الكيماوية لدى حكومة الأسد تجنبا للضربات الجوية.
وجهاً لوجه شرق الفرات
بالمقابل، حصلت المعارضة على دعم غربي، حيث قدمت الجماعات المدعومة من جانب واشنطن مقاتلين بأعداد متواضعة تميزوا بالفعالية العالية.
إلا أن ظهور تنظيم داعش الإرهابي في سوريا بشكل منظم، غير استراتيجية المعارك، وأجبر أميركا على تعديل الخطط، حيث وجهت واشنطن في عام 2014 استراتيجيتها لمحاربة "داعش"، وتشكيل تحالف يضم 70 دولة، كذلك عملت بقوة على الملف الإيراني، بعد تحذيرات للإدارة الأميركية بتعاظم النفوذ الإيراني في سوريا.
ومع توسع العمليات القتالية لقوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركيا، وسط قلق الأتراك، الذين اتهموا واشنطن بدعم "إرهابيين" مرتبطين بتنظيم حزب العمال الكردستاني، وانتهاء نفوذ داعش بمقتل البغدادي، ومن ثم إعلان ترمب الانسحاب الأميركي من سوريا، أصبحت القوات الأميركية والروسية وجها لوجه شرقي نهر الفرات بالقرب من دير الزور.
وحتى اليوم، مازال الصراع قائما بين القوتين على الأراضي السورية، دون بريق أمل يذكر ليكشف إلى أي جهة ستميل كفة الميزان في ذلك البلد الغارق بالحرب منذ سنوات باتت طويلة.