المصدر / وكالات
"فبراير الأسود"... هكذا يمكن توصيف ما حدث للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان في الخارج، خلال النصف الأول من الشهر الحالي، بعدما تلقى ثلاث ضربات مختلفة من أفرع التنظيم في أنحاء العالم والوطن العربي، بدأت باستقالات المجلس الثوري، وانتهت بانفصال إخوان الأردن عن الجماعة الأم في مصر، صباح اليوم الأحد.
"الضربة الأولى... إخوان الأردن":
تلقت جماعة الإخوان ضربة جديدة اليوم، بانشقاق جديد دب في جسد التنظيم الدولي لها، بعدما أعلن مجلس شورى إخوان الأردن إلغاء تبعيته للجماعة الأم في مصر.
وعلق الناطق الإعلامي لجماعة الإخوان في الأردن، بادي الرفايعة، على هذا الأمر بأن التعديل جاء بالإجماع داخل مجلس شورى الإخوان، لكنه شكلي، ولن يؤثر على الموقف الرسمي من الجماعة، مؤكدًا أن حالة التأزيم بين الحكومة أو الدولة والجماعة مردها إلى خلاف سياسي فقط.
وفي تقرير لها، أوضحت قناة "الجزيرة"، أن خطوة الانفصال مع القاهرة كان قد تم طرحها قبل عام، إلا أن إلغاءها فعليًا جاء في جلسة عقدها المجلس الخميس الماضي وأعلنها اليوم، والتي أقر فيها عدة تعديلات على القانون الأساسي للجماعة، شملت توسيع دائرة المشاركة في الانتخابات القادمة.
والجدير ذكره، أن جماعة الإخوان في الأردن، شهدت أزمات وانشقاق بعض منتسبيها خلال ثورات الربيع العربي في 2011، تمخض عنها تشكيل جمعية باسم جمعية الإخوان أسسها مراقب عام الجماعة الأسبق عبد المجيد ذنيبات، الأمر الذي اعتبرته الجماعة انقلابًا على شرعيتها.
"الضرب الثانية... حركة النهضة":
وفي 11 فبراير، أعلنت حركة النهضة في تونس اعتزامها تدشين حزب سياسي جديد تابعًا للحركة، ومنفصلًا عنها من الناحية الإدارية، بعدما أصبحت الحركة تمثل الأغلبية في تونس عقب الانقسامات التي شهدها حزب "نداء تونس" الحاكم.
الأمر الذي اعتبره منشقون محاولة لاستنساخ تجربة الإخوان في مصر، وقد تكون بداية لنفصال الحركة بحزبها السياسي عن الجماعة الأم في مصر.
"الضربة الثالثة... المجلس الثوري":
وفي 4 فبراير، تلقى التنظيم الدولي ضربة أخرى، على يد ما يسمى "المجلس الثوري المصري"، أحد الكيانات المحرضة ضد مصر، والذي سار على نهج العديد من الكيانات التي شكلها الإخوان عقب 30 يونيو 2013، للتحريض ضد مصر والنظام.
جاءت الضربة، بإعلان 15 قياديًا من مؤسسي "المجلس الثوري" استقالتهم، وعلى رأسهم قيادات بارزة بجماعة الإخوان، وهم: "عمرو دراج، وأحمد البقري، وهيثم أبوخليل".
وعقب تقديم الاستقالة، أصدر المستقيلون بيان لهم، أرجعوا فيه أسباب الاستقالة المفاجئة إلى "التغييرات التي حدثت في خطاب قيادة المجلس، وابتعادها عن الأهداف التي تأسس من أجلها، وما تواتر مؤخرًا من أحاديث وبيانات صادرة عن بعض قيادات المجلس ذات توجه أحادي إقصائي بعيدًا عن آليات العمل الجماعي".
وعلى الفور رد باقي أعضاء المجلس ببيان آخر على هذه الاستقالات قالوا فيه: "قامت مجموعة من الزملاء في المجلس اليوم بالإعلان عن تقديم استقالة جماعية من مواقعهم وعضوياتهم في المجلس، وإذ يأسف المكتب التنفيذي للمجلس الثوري تجاه هذا التصرف الذي لم يراع المصلحة العامة ولم يلتزم بالعمل المؤسسي، فإنه يعلن قبول تلك الاستقالة".
وكان المجلس، قد تم الإعلان عن تدشينه في 8 أغسطس 2014 خلال اجتماع بإسطنبول بتركيا، وتكون أغلب أعضاؤه البالغ عددهم 50 من داخل ما يسمى بالتحالف الوطني لدعم الشرعية، الذي يضم قيادات الإخوان الهاربة من مصر.
"بداية النهاية":
وأوضح إسلام الكتاتني، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان، أن أفرع جماعة الإخوان في الدول العربية، تختلف عن الجماعة الأم في مصر، في آليات العمل ووسائل التنفيذ والمرجعية الفكرية، فكل فرع للجماعة بالدول العربية ينتمي لمدرسة فكرية معينة، ولكن الكل يعاني من نفس الانشقاق.
وأضاف، أن الجميع ينفصل الآن عن الجماعة الأم سواء في تركيا أو تونس أو الأردن؛ بسبب أن إخوان مصر قادوا مسار مخالف لما قامت عليه الجماعة على يد حسن البنا، واستعجلوا للوصول إلى الحكم، تاركين العمل الدعوي الذي أنشئت الجماعة لأجله من البداية، مشيرًا إلى أن هذا الاختلاف عن المسار الأولى للجماعة جعل كل الفصائل تحاول الابتعاد عنها.
وفي السياق، أكد صبرة القاسمي، مؤسس الجبهة الوسطية، أن الضربات التي تلقتها الجماعة في وأفرعها في الدول العربية، تؤثر على التنظيم الدولي وتضعفه، وتجعل حركته محددوة في المشهد السياسي، لاسيما أن استقالات المجلس الثوري، التي ستؤثر على تأثيرهم في الشارع، وكشف ضعف الجماعة.
وأضاف، أن هذه الضربات دليل على الانشقاقات التي عصفت بالجماعة، وتعد بداية النهاية، لاسيما مع وجود تنظيمات أكثر قوة في العدد والتأثير مثل داعش وولاية سيناء جعل بعض قيادات الجماعة تفضيل الانتماء لها حتى ولو فكريًا، موضحًا أن إعلان حركة النهضة التونسية إنشاء حزب سياسي قد يكون بداية لإعلان انفصالها عن جماعة الإخوان في مصر، وخوفًا من حظرها.