المصدر / وكالات - هيا
أعلنت أوغندا مؤخرا أنها وقعت مع مصر اتفاقية لتبادل المعلومات العسكرية، في ظل التوتر المتصاعد بين مصر وإثيوبيا بشأن أزمة سد النهضة.
ووفقاً لبيان صادر عن قوات الدفاع الشعبية الأوغندية، أُبرمت الاتفاقية بين جهاز المخابرات المصرية ورئاسة المخابرات العسكرية التابعة لقوات الدفاع الأوغندية.
ونقل بيان قوات الدفاع الشعبية الأوغندية عن اللواء أركان حرب سامح صابر الدجوي، أحد كبار مسؤولي المخابرات المصرية، والذي ترأس وفد القاهرة لكمبالا، قوله "حقيقة أن أوغندا ومصر تتقاسمان النيل تجعل التعاون بين البلدين أمراً حتمياً، لأن ما يؤثر على الأوغنديين يؤثر بشكل أو بآخر على مصر".
وهنا يبرز السؤال.. ماذا تعني تلك الإتفاقية وما مغزاها وسر توقيت الإعلان عنها؟
اللواء تامر الشهاوي، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري السابق، يؤكد أن الاتفاقية لا تعني استعدادا عسكريا على الأرض وفرض ووضع قوات، وغيره، وإنما ترمز لرسائل ودلالات مهمة يود الجانب المصري إرسالها للأثيوبيين، ويدعم بها الموقف التفاوضي في ملف سد النهضة.
منها مثلا، كما يقول لـ"العربية.نت"، إن الهدف من الاتفاقية هي توسيع العمق الإقليمي لمصر في دائرة ومحيط سد النهضة، والتعاون مع دول تحيط بأثيوبيا، وهي كينيا وتنزانيا وأوغندا وإريتريا والسودان، والتأكيد على وجود مصالح مشتركة مع كل الدول الإفريقية، فضلا عن خلق عمق إقليمي أفريقي مهم في القرن والقلب الإفريقي.
وكشف أن اختيار أوغندا لتوقيع الاتفاقية معها لارتباطها بنهر الكونغو، الذي قدمت مبادره للتعاون فيه وإمكانية الاستفادة منه في تعويض ما قد يحدث من تداعيات بسبب سد النهضة، وسيوفر كميات كبيرة من المياه لدول حوض النيل وسيقدم لمصر أضعاف أضعاف ما تحصل عليه من حصة مائية.
وأشار إلى أن الرئيس الأوغندي يرتبط بعلاقات قوية مع أثيوبيا وتوسط لحل المشكلة العرقية في إقليم تيغراي، والتعاون مع أوغندا مهم للحصول على دعمها في الأزمة خاصة أن الرئيس الأوغندي اقترح إقامة قمة بين رؤساء السودان ومصر وإثيوبيا لحسم خلافات سد النهضة، ونزع فتيل الأزمة الحدودية بين السودان وإثيوبيا.
وقال إن الاتفاقية تأتي في ظل ظروف أقليمية غاية في التعقيد، فالسد الأثيوبي يقوم بتمويله البنك الدولي، ودول أخرى كبيرة ضخت استثمارات كبيرة فيه، للوصول لهدف رئيسي تسعى من أجله وهو بيع المياه، وجعلها سلعة مثل النفط، تستفيد من بيعها الدول والمنظمات الكبرى، ولذلك فالتعاون مع دول العمق الإفريقي يجعل الموقف التفاوضي المصري قوي وصلب ويحافظ على مكتسبات مصر المائية ويوقف كثيرا محاولات تحويل المياه لسلعة قابلة للبيع والشراء.
وأشار إلى أن أوغندا ضمن الدول التي شاركت في اتفاقية عنتيبي والتي تسعى إثيوبيا من خلالها لعزل دولتي المصب، وإعادة التفاوض حول تقاسم مياه النيل والنظر في اتفاقية 1959 واتخاذ القرارات بإجماع دول المنبع لنهري النيل النيل الأزرق والنيل الأبيض. ولذلك كان مهما توسيع العلاقات والتعاون معها، فضلا عن أن الهدف الآخر والرئيسي من الاتفاقية هو توصيل رسالة لإثيوبيا أن مصر قريبة منها ولها أذرع وتواجد مكثف في دول جوارها، واستعادة مصر ثقلها الإفريقي ودورها الكبير في صناعة القرار الإفريقي وتحقيق السلام والأمن بصورة أكبر في المنطقة ودول حوض النيل وإفريقيا.
وفي نفس السياق، كشف الخبير المصري عباس شراقي إن الاتفاق مع أوغندا، وإن كان أمنيا، إلا أن التعاون معها سيكون فنيا ومعلوماتيا فيما يخص موارد المياه.
وذكر لـ"العربية.نت" أن آخر صور التقطتها الأقمار الصناعية لسد النهضة تكشف أن الوضع الإنشائي فيه حتى الآن غير جاهز، لتخزين أكثر مما هو موجود من العام الماضي وهو 5 مليارات متر مكعب تم تخزينها في الملء الأول. ولا يمكن وفق ما تكشفه تلك الصور البدء في تخزين الملء الثاني والمقدر بـ13.5مليار متر مكعب، مما يدل على الصعوبات الفنية في تجهيز أول توربينين على مستوى منخفض 565 متر، والمقرر لهما العمل أغسطس المقبل بعد تأخير متكرر على مدار 7 سنوات متتالية بدءً من أغسطس 2014.
ويضيف أن من الغريب، ورغم هذا الوضع الملتبس، لم تتوقف التهديدات والتصريحات الإثيوبية بالبدء في الملء الثاني والمقرر فى يوليو المقبل، وبدء إنتاج الكهرباء فى أغسطس، مضيفا بالقول: أعتقد أن تلك التصريحات مجرد مزايدات انتخابية لكسب ثقة الناخبين الإثيوبيين قبل الانتخابات التي ستجرى في يونيو المقبل والمؤجلة من أغسطس الماضي بسبب تفشي وباء كوورنا.
وأضاف أن الصور تُظهر أن المياه ما زالت تتدفق من أعلى الممر الأوسط في السد وتمر في طريقها للنيل الأزرق ومنها لدولتي المصب، ولو رغبت إثيوبيا في بدء الإنشاءات استعدادا للتخزين والملء الثاني، فلابد أن تقوم بتعلية الممر الأوسط، ووقف تدفق المياه منه لدولتي المصب، وهو ما لم يحدث حتى الآن، مؤكدا أنه كان من المتوقع تجفيف هذا الممر وتعليته إلى نحو 100 متر ليكون جاهزا لتخزين اجمالى 18.5 مليار متر مكعب أول يوليو القادم وهو ما لم يحدث حتى اللحظة.