المصدر / وكالات - هيا
قبيل مغادرته بيروت.. أكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن فرنسا ستجيّش المجتمع الدولي من أجل الضغط لإجراء الانتخابات النيابية اللبنانية في موعدها، مضيفا أن جميع القادة اللبنانيين لم يلتزموا بتعهداتهم التي قطعوها أمام ماكرون.
وهدّد الجمعة من بيروت بفرض عقوبات إضافية على المسؤولين اللبنانيين للحؤول دون "انتحار جماعي"، مع فشل المعنيين في تشكيل حكومة تضطلع بإصلاحات جذرية توقف الانهيار الاقتصادي المتمادي.
هذا وشدد لودريان على أن لقاءاته مع الرؤساء الثلاثة تنطلق مما يمثلون دستورياً وليس المحاباة، مجددا التلويح بعقوبات ستفرضها بلاده تجاه المعرقلين ووصفها بالبداية في مسار عقوبات متشدد.
من جهة أخرى، قال لودريان لقناتي "العربية" و"الحدث" قبل مغادرته بيروت إنه "إذا استمر التعطيل ستتوسع عقوباتنا لتصبح أقسى وستفرض على شخصيات لبنانية متنوعة ومن الصف الثاني".
وأكدت مصادر مطلعة تخصيص لودريان نحو ساعتين للقاء مجموعات الحراك الشعبي واستمع لهواجسهم التي تمثلت بعدم الثقة بالطبقة الحاكمة ووجوب تشكيل حكومة مستقلة لإنقاذ الاقتصاد و إجراء الانتخابات النيابية في موعدها.
ورغم أن لودريان كان مستمعاً أكثر مما هو متكلّم في اجتماعه مع مجموعات من المعارضة، إلا أنه حرص على التأكيد أن إفشال المبادرة الفرنسية لن يمرّ مرور الكرام فرنسياً وأوروبياً، وأن المسؤولين عن ذلك سيلقون "العقاب" اللازم
من جهتها وصفت مجموعات الحراك.. الرهان الفرنسي على هذه القيادات والطبقة الفاسدة بـ "الخاطئ" مطالبة بنشر أسماء الأشخاص الذين ستشملهم العقوبات الفرنسية.
هذا ولم تتعد لقاءات لودريان بالرئيس اللبناني ورئيس مجلس النواب النصف ساعة كما التقى رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري دون إعطاء تفاصيل.
وكان وزير الخارجية الفرنسي عقد الخميس سلسلة لقاءات في بيروت شمل أبرزها مسؤولين لبنانيين وممثلين عن مجموعات سياسية معارضة، غداة تحذيره من التعامل "بحزم مع من يعطّلون تشكيل الحكومة" رغم ضغوط دولية لتسريع ولادتها وسط انهيار اقتصادي متماد.
والتقى لودريان كلاً من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، من دون الإدلاء بتصريح.
واستبق المسؤول الفرنسي وصوله إلى بيروت بتغريدة مساء الأربعاء، قال فيها إنه يأتي "حاملاً رسالة شديدة الحزم للمسؤولين اللبنانيين"، مضيفاً "سنتعامل بحزم مع الذين يعطّلون تشكيل الحكومة، واتّخذنا تدابير (...) هذه ليست سوى البداية".
وأعلن لودريان نهاية الشهر الماضي أن بلاده فرضت قيوداً على دخول شخصيات لبنانية تعتبر مسؤولة عن المراوحة السياسية. ولم يتم حتى الآن الإفصاح عن هوية الشخصيات أو ماهية القيود، في محاولة فرنسية ربما لإبقاء التهديد قائماً على مجمل الطبقة السياسية اللبنانية.
وقال عون إثر استقباله لودريان "هناك أولوية قصوى لتشكيل حكومة جديدة"، مشيراً إلى أنه "سيواصل بذل الجهود للوصول الى نتائج عملية على رغم العوائق الداخلية والخارجية"، من دون أن يحددها.
ويشترط المجتمع الدولي على لبنان، خصوصاً منذ انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس، تنفيذ إصلاحات ملحة ليحصل على دعم مالي ضروري يخرجه من دوامة الانهيار الاقتصادي التي يعاني منها منذ أكثر من عام ونصف العام.
لكن بعد مرور نحو تسعة أشهر على استقالة حكومة حسان دياب إثر الانفجار، ورغم ثقل الانهيار الاقتصادي والضغوط الدولية التي تقودها فرنسا خصوصاً، لم يتمكن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من تشكيل حكومة، على وقع خلاف على الحصص مع التيار الوطني الحر، الذي يتزعمه عون.
وغالبا ما يستغرق تشكيل الحكومات أشهراً طويلة جراء الانقسامات السياسية الحادة والخلاف على الحصص. لكن الانهيار الاقتصادي الذي فاقمه انفجار المرفأ وإجراءات مواجهة فيروس كورونا، عوامل لا تسمح بالمماطلة.
وزار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبنان مرتين منذ انفجار المرفأ وكرر مطالبة القوى السياسية بتشكيل حكومة تتولى الإصلاح، حتى أنه أعلن في سبتمبر عن مبادرة قال إن كل القوى السياسية وافقت عليها ونصت على تشكيل حكومة خلال أسبوعين.
وتفقّد لودريان، الذي غادر بيروت اليوم الجمعة، مشاريع تدعمها فرنسا في مجالات الصحة والتعليم والثقافة والتراث. كما التقى ممثلين عن مجموعات معارضة، ممن شاركت في حركة الاحتجاجات غير المسبوقة التي شهدتها البلاد في العام 2019 واستمرت أشهراً، للمطالبة برحيل الطبقة السياسية كافة.
وجرت دعوة مجموعات المعارضة رغم أنّ تأثيرها ما زال محدوداً، ولم تنجح حتى الآن بتوحيد جهودها في جبهة معارضة موحدة.